استنفار أميركي ضد «دولة فلسطين»

30-12-2014

استنفار أميركي ضد «دولة فلسطين»

في الوقت الذي كانت فيه السلطة الفلسطينية تتمسك بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي، يطالب بإنهاء الاحتلال وإعلان الدولة الفلسطينية، كانت جهات أميركية تطلق التهديدات، ليس بمعاقبة الفلسطينيين فحسب، وإنما أيضا بمعاقبة الأمم المتحدة.
وسبق للكونغرس الأميركي أن اتخذ في الماضي قرارات ضد مؤسسات دولية، مثل «اليونيسكو» بسبب تجاهلها الضغط الأميركي والانتصار للحق الفلسطيني.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جيف رادكي ان بلاده لا تدعم مشروع القرار.
وقالت مصادر في الامم المتحدة إن الاردن، العضو العربي في مجلس الامن، قدم مشروع القرار إلى المجلس، بعد أسابيع من تعديله، وإعادة تعديله، وفق موازين الصراعات الوطنية والإقليمية والدولية.
ورفضت السلطة ضغوطا أميركية لتأجيل عرض المشروع، أو إلغاء ذلك، بحجج شتى، بينها أن قراراً في مجلس الأمن في هذا الوقت بالذات يخدم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي.
وكانت جهات فلسطينية قد طالبت بتأجيل تقديم مشروع القرار إلى ما بعد نهاية العام الحالي، معتبرة أن التغييرات التي ستطرأ على عضوية مجلس الأمن الدولي تحمل في ثناياها فرصاً أكبر لتمرير القرار.
ومن المقرر ان تنضم انغولا وماليزيا ونيوزيلندا واسبانيا وفنزويلا الى المجلس لمدة سنتين، في عملية تغيير يمكن اعتبارها مؤيدة للقضية الفلسطينية. وستحل هذه الدول مكان الارجنتين واستراليا ولوكسمبورغ ورواندا وكوريا الجنوبية.
وتم تبادل اتهامات بأن التعجيل في عرض مشروع القرار، عبر الأردن، يخدم الولايات المتحدة التي لن تضطر لاستخدام حق النقض (الفيتو) نظرا لعدم توفر غالبية مضمونة لتمريره.
وقالت مصادر ديبلوماسية لدى الأمم المتحدة إن الفلسطينيين ادخلوا بعض التعديلات على مشروع قرارهم.
ويتضمن النص الجديد العمل على التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل خلال سنة، وانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المحتلة بحلول نهاية العام 2017.
وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية أن مشروع القرار يدعو إلى وجود دولتين تتمتعان بالسيادة والديموقراطية والأمن هما فلسطين وإسرائيل، وان تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين، وإلى إنهاء البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفي كل حال فإن الحكومة الإسرائيلية، المتخوفة من موقف الإدارة الأميركية في الأمم المتحدة، تبذل مساعيها لدى الكونغرس لتشكيل قوة ضغط، ليس فقط على الإدارة الأميركية وإنما كذلك على الأمم المتحدة. وقد تم التعبير عن ذلك بأشكال مختلفة، بينها زيارة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي لإسرائيل وإطلاقهم تصريحات بهذا الشأن.
وفي هذا السياق، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي يزور إسرائيل، أن الولايات المتحدة ستوقف التمويل السنوي الذي تقدمه للأمم المتحدة إذا قرر مجلس الأمن اتخاذ قرار بشأن المبادرة الفلسطينية فيه. ويرأس ليندسي لجنة الميزانيات الخارجية في مجلس الشيوخ، وهي اللجنة المسؤولة عن إقرار المساهمة الأميركية في الأمم المتحدة.
وجاءت أقوال غراهام في لقاء عقده مع نتنياهو الذي حذر من مشروع القرار الفلسطيني الذي يعتزم الأردن تقديمه لمجلس الأمن. وأعلن ليندسي أن «كل محاولة لتجنب المباحثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ستجر خلفها رد فعل شديد من جانب الكونغرس».
وكان نتنياهو قد حمل بشدة على نية الفلسطينيين تمرير مشروع القرار في مجلس الأمن، ووصف رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات له، بأنه على شاكلة زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» أبو بكر البغدادي فإن نتنياهو هو رئيس الدولة اليهودية. وحمل نتنياهو على السلطة الفلسطينية التي هي شريكة لحماس في حكومة الوحدة. وأعلن انه إذا لم يرفض مجلس الأمن مشروع القرار «فنحن سنفعل»، مضيفا «سترفض إسرائيل أي شروط تهدد مستقبلنا».
وقال غراهام، معتمدا على تغيير موازين القوى في مجلسي الكونغرس الأميركي بعد الانتخابات النصفية الأخيرة، إن «الحزب الجمهوري يسيطر حاليا على مجلسي النواب والشيوخ، والوضع سيتغير». ووعد نتنياهو قائلا «ها هو ما يمكنكم أن تتوقعوه عندما ينعقد الكونغرس من جديد في كانون الثاني المقبل: سيدي رئيس الحكومة، في كل ما يتعلق بإيران، الكونغرس سيسير خلفك. وإذا تركت إيران طاولة المفاوضات، فإن العقوبات ستفرض من جديد. وإذا كذبت إيران بشأن أي صفقة ستبرم معها مستقبلاً، فإن العقوبات ستفرض من جديد. ومن الواضح أن هذا النظام خدع الأسرة الدولية طوال سنوات، وواصل السعي لامتلاك القنبلة النووية».
وأضاف غراهام «في كل ما يتعلق بالعلاقات بين الأمم المتحدة والكونغرس، فإن الرد سيكون عنيفاً على كل محاولة من جانب مجلس الأمن الدولي لوضع شروط للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، من دون إجراء مباحثات مباشرة بين الطرفين. وأنا أتفق مع ما قاله الرئيس باراك أوباما في العام 2011، بشأن أن الأمم المتحدة ليست المكان للتوصل إلى اتفاق سلام وحل الدولتين». واعتبر أن «كل محاولة من جانب الفرنسيين، الأردنيين، أو أي دولة أخرى لتجنب المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأي محاولة لأخذ ذلك إلى مجلس الأمن، ستجر رداً شديداً من جانب الكونغرس، يمكن أن يشمل وقف تمويل الولايات المتحدة للأمم المتحدة».
ولم يكتف السيناتور الأميركي بذلك بل أعلن أن أميركا لا ترى في تصرفات إسرائيل أثناء حربها الأخيرة على غزة جرائم حرب، وذلك «لأنه لا وجه للشبه الأخلاقي بين تكتيكات إسرائيل وتكتيكات حماس».
تجدر الإشارة إلى أن هناك قانوناً فيدرالياً أميركياً يقضي بوقف تمويل أي من الوكالات الدولية التي تعلن عن ضم فلسطين إليها كعضو. وتمول أميركا الكثير من مؤسسات الأمم المتحدة بنسبة 20 في المئة من ميزانيتها. ومع ذلك فإن الإدارة الأميركية، لاعتبارات تتعلق بمكانتها الدولية، تعارض على الغالب خطوات في الكونغرس يمكن أن تقلص التمويل الأميركي للمؤسسات الدولية.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...