الامتدادات السياسية للأزمة المالية خارج حدود الولايات المتحدة

15-12-2008

الامتدادات السياسية للأزمة المالية خارج حدود الولايات المتحدة

الجمل: تنشأ الأزمات عادةً بسبب تراكم الأخطاء والسلبيات وتزايد تفاعلاتها وتداعياتها داخل الكيان الذي تنمو داخله جرثومة الأزمة، ويستمر الأمر حتى تأتي لحظة الحدث (س) الذي تعلن فيه الأزمة بالصوت العالي قائلة: أنا هنا..
على غرار هذا السيناريو نشبت كل الأزمات التي عصفت بالاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والبيئي في العالم، والشيء ذاته تكرر في الأزمة الأمريكية المالية الأخيرة، عندما انهارت شركة ليمان برذرز، التي تعتبر الشركة الأمريكية الأكبر لجهة الاختصاص في عمليات الضمان والرهن العقاري في كبريات البورصات الأمريكية والعالمية.
تطرقت التقارير الإعلامية وتقارير مراكز الدراسات كثيراً إلى الأزمة المالية الأمريكية  وتداعياتها النوعية داخل القطاعات الاقتصادية الأمريكية إضافة إلى امتداداتها الخارجية العابرة للحدود الإقليمية والدولية.
* ماذا تقول المعلومات الجديدة:
تطرقت الإدارة الأمريكية للأزمة المالية وأعلنت عن برنامج دعم لإنقاذ تجارة الخدمات المالية الأمريكية في حدود 750 مليار دولار وبالفعل تم تبني الأمر بواسطة وزارة الخزانة الأمريكية وبنك الاحتياطي الفيدرالي والبيت الأبيض وتقول التقارير بأن الكونغرس وافق على برنامج الدعم الإنقاذي الذي قدمته الإدارة الأمريكية. وبرغم ذلك، جاءت التقارير الأخيرة تحمل المزيد من المعلومات المخيفة للغاية حول حجم الأزمة وامتداداتها.
يقول التقرير الأخير بأن حجم الأزمة المالية الحقيقي في حدود 8.5 تريليون دولار (8500 مليار دولار)، وإذا وضعنا هذا المبلغ بالأرقام فهو (8500000000000000) دولار مع ملاحظة هذا العدد من الأصفار الذي لم نعتد عليه في حسابات عالم المال وإنما في أرقام الحسابات الفلكية التي تتحدث عن أبعاد الكون والمجرات والنجوم!!
نشر المحلل الخبير في الاقتصاد السياسي باري ريزوليتز تحليلاً مقارناً مختصراً حاول فيه توضيح حجم الأزمة الحالية مقارنة بالأزمات الاقتصادية الشهيرة في تاريخ الاقتصاد العالمي:
• خطة مارشال هدفت إلى إعادة إعمار أوروبا بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، وبلغ إجمالي تكاليف الخطة 12.7 مليار دولار ووصلت امتداداتها إلى 115.3 مليار دولار.
• خطة إنقاذ أزمة مشتريات لويزيانا التي كانت في حدود 15 مليون دولار ولكنها امتدت إلى 217 مليون دولار.
• خطة إنقاذ ريس توزامون التي كانت في حدود 36.4 مليار دولار وامتدت إلى237 مليار دولار.
• خطة إنقاذ إس أند إل التي كانت في حدود 153 مليار دولار ووصلت امتداداتها إلى 256 مليار دولار.
• خطة تغطية نفقات الحرب الكورية كانت في حدود 54 مليار دولار ولكن امتداداتها وصلت إلى 454 مليار دولار.
• خطة تغطية تكاليف ما عرف بالصفقة الجديدة التي كانت في حدود 32 مليار دولار ووصلت امتداداتها إلى 500 مليار دولار.
• خطة احتلال العراق كانت تكاليفها المقدرة في حدود 55 مليار دولار ولكنها وصلت إلى 597 مليار دولار.
• خطة حرب فيتنام كانت في حدود 111 مليار دولار وامتدت لتصبح 698 مليار دولار.
• خطة تكاليف أزمة وكالة ناسا الفضائية كانت في حدود 416.7 مليار دولار ووصلت إلى 851.2 مليار دولار.
وإذا حصرنا المبلغ الكلي فإن إجمالي المبلغ يصبح 3.92 تريليون دولار مما يعني أن حجم الأزمة المالية الحالية يعادل أكثر من ضعف إجمالي المبالغ المنفقة على الأزمات الماضية، بما في ذلك تكاليف ثلاثة حروب في كوريا وفيتنام والعراق!!
* ماذا عن ضغوط الأزمة المالية الحالية وعدواها العابرة للحدود:
برغم محاولات الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبريطانيا وألمانيا وكندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبقية دول الاتحاد الأوروبي (بإضافة كوريا الجنوبية ودول الإسبان) ضخ الأموال لإنعاش الاقتصاد من جديد وتجاوز الأزمة إلا أن ذلك لم ينجح، وتشير التوقعات إلى الآتي:
• داخل الولايات المتحدة: انتقلت ضغوط الأزمة من القطاع المال والنقدي إلى القطاعات الأخرى وحالياً تشهد أسواق السيارات الأمريكية مشاكل لا حصر لها تهدد بتقويض أنشطة صناعة وأسواق السيارات الأمريكية داخل وخارج أمريكا وأيضاً فمن قطاع الخدمات المالية الأمريكية ما زال الكثير من كياناته العملاقة يترنح تحت خطر السقوط والانهيار فبالأمس انهار أحد الصناديق الاستثمارية الأمريكية مما أدى إلى حدوث خسائر بلغت تقديراتها الأولية 60 مليار دولار كحد أدنى.
• خارج الولايات المتحدة: انتقلت ضغوط الأزمة بشكل نظامي وسريع إلى خارج الأسواق الأمريكية وعلى وجه الخصوص باتجاه الأسواق الخارجية المرتبطة بها وتقول التحليلات بالآتي:
- أدت شبكات تكنولوجيا الاتصالات إلى ربط الأسواق المالية والبورصات في البلدان الرأسمالية مع بعضها البعض، وعلى هذه الخلفية فإن انتقال الضغوط الأزموية لم يكلف سوى الكبس على بعض الأزرار وانتظار ثلاثة أو أربعة دقائق ريثما تظهر معالم الفوضى والهلع في الأسواق الأخرى.
- المضاربات الوحيدة الاتجاه التي حدثت في الساعات الأولى التي أعقبت اندلاع الأزمة.
- انتقال الإشارات الخاطئة بين الأسواق المالية والبورصات العالمية.
- عجز وزارة الخزانة الأمريكية وبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من الكيانات المالية العالمية العملاقة عن القيام بإثبات الملاءة المالية لاحتواء الأزمة وردع ضغوطها الراهنة.
- تضارب تصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين مع المعطيات الميدانية الجارية في الأسواق المالية الأمريكية والعالمية.
تقول المعلومات بأن أقوى الضربات الموجهة ستقع على رؤوس الأطراف الآتية:
• اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي (منطقة اليورو).
• اقتصاديات اليابان وكوريا الجنوبية.
• اقتصاديات منطقة الخليج العربي.
إضافة لذلك، فإن أرصدة الدول ستكون أكثر تعرضاً للتآكل في البنوك الأمريكية وهي:
• الصين: ورصيدها 2 تريليون دولار.
• اليابان: ورصيدها 1 تريليون دولار.
• روسيا: ورصيدها 0.5 تريليون دولار.
• دول الاتحاد الأوروبي: ورصيدها 0.5 تريليون دولار.
• تايوان: ورصيدها 0.25 تريليون دولار.
• الهند: ورصيدها 0.25 تريليون دولار.
• كوريا الجنوبية: ورصيدها 0.25 تريليون دولار.
• البرازيل: ورصيدها 0.25 تريليون دولار.
• سنغافورة: ورصيدها 0.2 تريليون دولار.
• هونغ كونغ: ورصيدها 0.2 تريليون دولار.
يبلغ إجمالي هذه الأرصدة الكلية 5.5 تريليون دولار تقريباً وبكلمات أخرى مهما تآكلت هذه الأرصدة فإنها لن تغطي تكاليف الأزمة المالية الحالية البالغة 8.5 تريليون دولار.
إضافة لذلك، فإن حجم الاقتصاد الأمريكي يبلغ 12 تريليون دولار وهذا معناه أن الخسارة تعادل أكثر من ثلثي الاقتصاد الأمريكي وبكلمات أخرى طالما أن الاقتصاد الأمريكي يعادل بحسب التقديرات حوالي ثلث الاقتصاد العالمي فإن تغطية الخسائر تتطلب مبلغاً يعادل ربع الحجم الكلي للاقتصاد العالمي.
الكارثة الجديدة التي إن حدثت ستؤدي إلى ما يفوق حد الوصف هي انهيار مجموعة بنك سيتي كورب الذي سيترتب على انهياره سلسلة انهيارات عنقودية في كبريات المصارف العالمية التي لن تموت وتسلم الروح وحدها وإنما ستجر معها إلى الحفرة كبريات شركات التأمين والضمان في العالم.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...