التزام فلسطيني ـ إسرائيلي بمهلة المفاوضات

22-10-2013

التزام فلسطيني ـ إسرائيلي بمهلة المفاوضات

أعلن في إسرائيل أن الإفراج عن الدفعة الثانية من معتقلي ما قبل اتفاقيات أوسلو سوف يتم في 27 من شهر تشرين الأول الحالي. ويشكل هذا الإعلان أول إشارة إلى استمرار تعهد الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بالالتزام بهدنة الشهور التسعة التفاوضية برغم تلميحات متكررة بأن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد نفى في مقابلة مع تلفزيون ألماني أن تكون المفاوضات تصطدم بطريق مسدود، وأكد أنه من السابق لأوانه تأبينها. مزارع فلسطيني وابنه يهمان بقطف الزيتون في قرية سالم شرقي مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة أمس (أ ب أ)
وهكذا فإنه بعد شهرين تقريباً من الإفراج عن الدفعة الأولى من معتقلي ما قبل أوسلو الـ104، ستفرج إسرائيل يوم الأحد المقبل عن الدفعة الثانية، وعدد أفرادها 32 معتقلاً قضى كل منهم أكثر من 20 عاماً في السجون. وكانت أوساط رسمية وشعبية إسرائيلية قد طالبت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالتراجع عن التزام الإفراج عن المعتقلين إثر مقتل كل إسرائيلي من بين ثلاثة في الفترة الأخيرة. وقد رفضت أوساط واسعة من الإسرائيليين الإفراج عن المعتقلين، وهي الخطوة التي اعتبرها نتنياهو أهون الشرين مقارنة بالمطلب الفلسطيني بتجميد الاستيطان.
ومن الوجهة الإجرائية، وبرغم التعهد لأميركا بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين مقابل عودة السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، فإن الحكومة الإسرائيلية ستنظر في كل دفعة على حدة. وفي الغالب فإن أكثر من سيفرج عنهم سيتم إبعادهم إلى قطاع غزة، كما جرى في الدفعة السابقة التي ضمت 26 معتقلاً. ومعروف أن العقدة الكبرى في قائمة المعتقلين هؤلاء هي أسماء المعتقلين القدامى من فلسطيني الـ48، حيث تعتبرهم إسرائيل مواطنين ليس من حق السلطة الفلسطينية المطالبة بهم. ومع ذلك فإنه وفق التعهد لأميركا، وافقت إسرائيل على الإفراج عنهم أيضاً، لكن ضمن المرحلة الأخيرة وبعد مناقشة الأمر في الحكومة من جديد.
وتحاول أوساط عسكرية وأمنية إسرائيلية الإيحاء بأن الإفراج عن المعتقلين القدامى أسهم في رفع معنويات الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية، وشجع الكثيرين على تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين. ويعتبر خبراء أنه في ظل الأزمة التي تعيشها حركة حماس وانسداد أفق التسوية تتزايد الدعوات لانتفاضات شعبية ضد إسرائيل باسم القدس تارة، وباسم الوطنية الفلسطينية مرات. ويشير هؤلاء إلى أن هذا الواقع يعزز التردد لدى الحكومة إزاء تنفيذ تعهدها بالإفراج عن المعتقلين ويشجع المعارضين على رفع عقيرتهم بالصراخ ضد أفعال كهذه.
وكتب المعلق العسكري في «يديعوت» أليكس فيشمان أنه بالإضافة إلى التحريض على إلهاب نفوس الشباب الفلسطيني، هناك ارتفاع حاد في عمليات إطلاق النار وزرع العبوات ضد إسرائيليين في الضفة الغربية، والتي بلغت ذروتها بالعمليات الخمس الأخيرة التي لقي فيها ثلاثة إسرائيليين مصرعهم. وأشار إلى أنه برغم عدم عثور أجهزة الأمن الإسرائيلية حتى الآن على «اليد الموجهة» لهذه العمليات، إلا إن الإحصاءات لا تكذب والارتفاع في العمليات ملموس ودور المعتقلين المحررين ملموس في هذا المنحى.
وفي إطار محاولات إرضاء اليمين المتشدد، عمدت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع إلى تقييد حرية عمل الحكومة في كل ما يتعلق بالقدس. وقررت اللجنة أمس الأول تأييد قانون تحصين القدس، والذي يشترط على الحكومة ألا تتفاوض مع أحد بشأن تقسيم القدس أو تسليم أجزاء منها قبل أن تنال غالبية خاصة من الكنيست تحوي 80 عضو كنيست. وبديهي أن هذا القانون إذا أقر سيمنع الحكومة فعلياً من إجراء أي مفاوضات بشأن القدس مع الفلسطينيين. ويقضي هذا القانون، بشكل جازم، على أي فرصة للتسوية أو للتفاوض بشأنها خصوصاً لأن القدس واحدة من ثلاث قضايا الحل النهائي الجوهرية وهي: القدس والحدود واللاجئون.
وبرغم الاعتقاد بأن مشروع القانون هذا لن يقر في نهاية المطاف، إلا إن المراقبين يشيرون إلى المعنى الحقيقي لانضمام وزراء مركزيين في الليكود، مثل جدعون ساعر وليمور ليفنات، إلى قائمة المؤيدين لتكبيل يد الحكومة. فهؤلاء الوزراء يعرفون تعهدات نتنياهو أمام الأميركيين بشأن التفاوض حول قضايا الحل النهائي، ومن بينها قضية القدس. وكانت وزيرة العدل تسيبي ليفني، التي ترأس الطاقم الإسرائيلي للمفاوضات مع الفلسطينيين، قد أعلنت اعتراضها على القرار. وقالت إن «تأييد مشروع القانون يعني خرق التعهد الإسرائيلي بإدارة المفاوضات».
عموماً كثر الحديث مؤخراً عن انسداد أفق التسوية وعودة الفلسطينيين للتفكير بإحياء مساعيهم لنيل الاعتراف وترسيخ مفهوم الدولة في المؤسسات الدولية. لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حاول زرع التفاؤل مؤخراً بإبلاغه التلفزيون الألماني أنه من السابق لأوانه تأبين المفاوضات، مشيراً إلى أن «الطرفين لا يزالان يتباحثان. المفاوضات في بدايتها وهناك ما يكفي من الوقت للانشغال والبحث في المواضيع الصعبة التي على جدول الأعمال». وكشف عباس النقاب عن أن إسرائيل طلبت تعهدات من السلطة بكبح جماح حركة حماس، لكن السلطة رفضت.
وفي السياق ذاته، التقى وزير الخارجية الأميركية جون كيري في باريس أمس، لجنة مبادرة السلام العربية، ليعلن بعد الاجتماع أن قطر وافقت على منح السلطة الفلسطينية 150 مليون دولار لإسقاط ديونها. وفي ما يتعلق بالمفاوضات، أكد كيري أن «الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني أبديا شجاعة في استئناف مفاوضات السلام»، مشدداً على أن «المطلوب هو النظر في مبادرة السلام العربية».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...