الثقافة الجنسية بين التأييد والرفض والفتيات أقل تحفظاً من الشبان

06-08-2009

الثقافة الجنسية بين التأييد والرفض والفتيات أقل تحفظاً من الشبان

لفترة طويلة كانت قصة اللقلق الذي يحمل في فمه قماطا يحتوي طفلا لينزلق به عبر المدخنة إلى داخل البيت هي أكثر القصص رواجا في أوربا لكيفية إنجاب الأولاد ! لقد كانت تلك القصة مجرد محاولة بسيطة للإجابة على أسئلة الأطفال عن كيفية إنجابهم . لقد تطورت الثقافة الجنسية في أوربا تطورا كبيرا نتيجة الوعي الكبير لأهمية الحياة الجنسية كإحدى أهم الحاجات الأساسية للإنسان ، أما المجتمعات الشرقية عموما فلا يزال الحديث عن الجنس فيها بمثابة " العيب " أو" قلة الأدب " وهو ما ينعكس على سلوك الكثير من المراهقين الذين يجدون الأبواب مغلقة بوجوههم للاستفسار بشكل علمي وصحيح عن المسائل الجنسية التي تعنيهم وتخصهم في مثل هذا العمر ، فهنالك خطورة كبيرة تكمن في ترك المراهقين يواجهون لحظة البلوغ بمفردهم ودون أي فكرة عن التغييرات الجسدية والنفسية التي ترافقهم مع سن البلوغ مما يوقع المراهقين بالكثير من السلوكيات الخاطئة والتي قد لا تحمد عقباها نتيجة غياب الثقافة والمصارحة الجنسية الواعية والمسؤولة عنهم ؟ وقد يتزوج كلا من الشاب والفتاة وهما لا يعرفان بعد أصول الحياة الجنسية السليمة نتيجة غياب الثقافة الجنسية عنهما مما يوقعهما في الكثير من المشاكل التي قد تؤدي في أحيان كثيرة إلى الطلاق أو للأسف إلى سلوك طريق " الخيانة الزوجية " وهي أمور كان من الممكن حلها وتجاوزها والتغلب عليها فيما لو كان الزوجين يتمتعان بالثقافة الجنسية الصحيحة . إن التربية الجنسية ضرورية لصقل شخصية الشاب والفتاة وتهرب الأهل أو شعورهم بالحرج من الإجابة عن الأسئلة التي قد تطرح عليهم قد يدفع الأولاد لسوك طريق " الأصدقاء " للحصول على أجوبة لاستفساراتهم بما يشكل ذلك من خطورة نتيجة العديد من المفاهيم الخاطئة التي قد يحملها أولئك الأصدقاء والتي لا تتوافق في أحيان كثيرة مع المفاهيم العلمية الصحيحة ، أما على مستوى الكتب والمؤلفات الجنسية العلمية فتبدو مرجعيتها بين الشباب قليلة نوعا ما وتميل الكفة عمليا لصالح الكتب الرخيصة التي تنتشر في مكتبات " الأرصفة " أو الكراجات والتي تخاطب الجيب أولا والغريزة ثانيا .
يقول السيد " أ . م " وهو معلم : أن ثقافتي الجنسية مصدرها الأصدقاء فهم كانوا الملجأ فيما أود أن اعرفه ، بالطبع ساعدني منهاج العلوم في الثانوية العامة نوعا ما في هذا الخصوص 
وأكد أنه لم يسبق له أن أقرأ أي كتاب يتعلق بالجنس قبل أو بعد الزواج وقال : " أنه لم يجر أي حديث مع والده بهذا الخصوص نتيجة الحرج كما أنه لا يعتقد انه بإمكانه إجراء مثل هذا الحوار مع ولده مستقبلا وأنه ضد تدريس الثقافة الجنسية في المدارس خوفا مما قد تحدثه من فوضى نتيجة طبيعة مجتمعنا المحافظ "
أما الآنسة " ن . غ " وتعمل سكرتيرة فقالت أنها تشعر بالحرج الشديد بالذهاب إلى أي مكتبة لطلب كتاب يعالج الأمور الجنسية ، وثقافتها الجنسية محصورة بما تتلقاه من صديقاتها مؤكدة في الوقت ذاته أنها" لن تتوانى عن تعليم ابنتها مستقبلا ما تحتاجه كونها لا تثق بثقافة الشارع " وهي تؤيد تدريس الثقافة الجنسية في المناهج التعليمية في مراحل معينة وبطريقة مدروسة كون الثقافة الجنسية " مثلها مثل أي من العلوم ولكنها أكثر ارتباطا بحياة الإنسان "
أما الآنسة " ر . خ " فتقول معظم ما أتلقاه مصدره صديقاتي " ، لا اسأل أي سؤال يتعلق بالجنس وإنما يأتي ذلك من ضمن حوار عام ، اشعر بالإحراج من السؤال ، السؤال عن الجنس ما زال عيبا وأمرا غير مقبول " وتضيف قائلة " الثقافة الجنسية في عمر معين مهمة ، و أنا مع تدريسها في المناهج التعليمية ، يجب أن يتعلم الإنسان بالطريقة الصحيحة ، أتذكر في الشهادة الإعدادية أن الآنسة لم تعطينا الدرس المتعلق بالتكاثر عند الإنسان لأنه لم يكن لديها الجرأة لذلك " وعن ثقافة " الشارع " تقول ؟ أنها لا تثق بها وهنا تنحي باللائمة على الأهل " المبادرة يجب أن تكون من جانب الأهل وهم يجب أن يكونوا المبادرين لكسر الحواجز مع أبنائهم " وأكدت أنها ستتسلح بالقدرة على تعليم أبنائها مستقبلا ما ينفعهم ولن تشعر بالحرج من ذلك أبدا .
أما المحامي " م . م " فلقد كان متحفظا في الإجابة لدرجة كبيرة معتبرا أن الإنسان في مرحلة معينة سيتعلم بنفسه ما يحتاج إليه ؟
ما عاينته من خلال هذا التحقيق كان أمرا غير متوقعا على الأقل بالنسبة لي حيث بدا الشباب الأكثر تحفظا من الفتيات في الإجابة أو في أفق الحوار إذ كن أكثر انفتاحا لجهة الثقة بأنفسهن وأسرتهن فيما بدا الشباب محجمون ومترددون ؟
تقول الآنسة " ي .م " وهي موظفة : معظم اطلاعي على الأمور المتعلقة بالثقافة الجنسية يكون من خلال بعض المجلات الطبية كمجلة طبيبك ، أما فيما يتعلق بالأمور الأخرى فأجد حرجا كبيرا حتى في سؤال صديقاتي عنها ، أما الحوار في هذه الأمور مع الوالدة فهو معدوم بسبب تلك النظرة الشرقية المتأصلة فينا والتي ما تزال تعتبر مثل هذه الأمور داخلة في نطاق العيب والحرام ! وعن رأيها في تضمين المناهج الدراسية في مرحلة معينة بعض الأمور المتعلقة بالثقافة الجنسية فأكدت أنها تؤيد ذلك ضمن ضوابط علمية مدروسة ، كما أكدت أنها لن تجد حرجا في تثقيف أبناءها مستقبلا بما قد يحتاجونه نظرا لأن البديل عن ذلك قد يكون الشارع بما يحمله من أفكار خاطئة وخطيرة أحيانا"
ويذهب الأستاذ " إ . ر " وهو موظف إلى اعتبار أن الجنس ما زال بمثابة التابو الذي لا يجوز الاقتراب منه والمجتمع هو من يدفع ثمن مفاهيمه الخاطئة لهذه الأمور التي لا يجب الاستهانة بها مطلقا ، ويتساءل " لماذا علينا دفن رؤوسنا بالرمال ؟ الثقافة الجنسية يحتاجها كل فرد منا فلنتعلمها بطريقة سوية وأخلاقية وتتوافق مع القيم الدينية بدلا من " الأفلام " التي تتناقلها أجهزة الخليوي "
أما المحامية " ف . ت " فتعتبر أن "هنالك تقصير كبير من جانب الأهل وخاصة في هذه المواضيع فهنالك أمور كثيرة قد تحتاج الفتاة لمعرفتها ولا سيما في مراحل البلوغ الأولى حيث تترك الفتاة تتخبط حائرة لا تدري ماذا تفعل ، لذلك فإنني سأحرص على تعليم ابنتي الأمور الأساسية التي قد تحتاجها ، كما أنني أحبذ تضمين المناهج الدراسية في مرحلة معينة بعض المعلومات المهمة طبعا بطريقة عليمة مدروسة بعيدة عن الإثارة "
رغم التطور التي تشهده البلاد العربية والإسلامية عموما إلا أنها تنتفض بشدة أمام أية محاولة لتغيير بعض المفاهيم السائدة فيها نظرا لارتباط ذلك بمفهوم العيب والحرام في الوقت الذي تزخر فيه الكتب الفقهية بالتفاصيل الدقيقة للأحكام الشرعية ولا سيما المتعلقة بأحكام الطهارة والصلاة والصيام بما يتضمن ذلك من تغيير في الأحكام حسب المراحل التي يمر بها الإنسان . إن عالم الأسرار والغموض هو الباب الأوسع الذي تتسلل منه المفاهيم والممارسات الخاطئة ومن هنا تبدو أهمية التسلح بالثقافة العلمية كونها الأداة الأنسب للحفاظ على الاستقرار النفسي والعائلي اللذان هما عماد النجاح في الحياة .

لؤي اسماعيل

المصدر: كلنا شركاء

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...