"الثورة "تسأل هل من قرار جريء يفتح ملفات امبراطورية الفساد!
هل نحن أمام حالة موصوفة لنموذج من الفساد الإداري والمالي? وهل وصل الأمر إلى حالة تسخير العمل للمصلحة الشخصية ومصالح المنتفعين الذين باتوا يشكلون سلسلة مترابطة تضيق الخناق على الصالح العام وتمكنوا من إطالة أذرعهم لتصل إلى المؤسسات الرقابية التي أصبحت (فندقاً) تنام فيه شكايات الناس ومظالمهم?! وماذا لو كانت نتيجة الأمر حصاد بالمليارات تمت محاصيله من خلال التعامي والإهمال للتوجيهات والكتب الصادرة عن جهات عليا وإخفائها حتى تمر قافلة المصالح محملة بالكثير من الغنائم!?
ما بين أيدينا اليوم من وثائق زادت عن مائة صفحة تتحدث عن حالات فساد في قسم التعاون السكني بمحافظة دمشق مستندة إلى محاضر لجان وجلسات وكتب موجهة وقرارات ونسخ عن شكايات لم تلق طريقاً إلى مسامع أصحاب القرار في وقت تطاولت فيه أذرع (الأخطبوط) المهيمن على القسم ومن معه من مساندين ومنتفعين وشركاء ومشرفين لتغطي حقائق مهمة تستدعي فتح الملفات في هذا القسم الذي يبدو أنه مسنود من جهات مختلفة وأشخاص يعملون على إخفاء الوثائق وسد الآذان حتى تغيب الحلول والمحاسبة. دجاجات تبيض ذهباً..
الموضوع كما وصلنا يتعدى الممارسات الخاطئة والتجاوزات الواضحة والإساءات وعمليات التزوير التي تمت ضمن آليات عمل (منظمة) استهدفت حقوق عدد من الجمعيات التعاونية السكنية في دمشق وهيئاتها العامة ومجالس إدارتها, ليصبح هذا القسم (مزرعة) أو شركة خاصة لمن يديره ودجاجة تبيض الملايين للعاملين فيه ففي قراءة المعطيات نقف على محاولة واضحة بالوثيقة لإخفاء متعمد لما ورد في محضر اجتماع تم في وزارة الإدارة المحلية والبيئة محال إلى القسم المذكور بتاريخ 11/8/2005 يطلب التعميم على الجمعيات التريث في منح التراخيص لكامل المخطط التنظيمي المصدق لوجود مصادر مياه وينابيع ريثما يتم تحديد الحرم وإنهاء الدراسة الإقليمية للمنطقة والتريث في شراء أراضٍ في تلك المناطق.
لكن المصالح لعبت دوراً في إخفاء هذا التعميم حتى 8/5/2006 تم خلال هذه الفترة إنجاز التراخيص لجمعية محدودة /الوثيقة لدينا/ قامت بعدها بشراء أراضٍ سارع رئيس القسم بتأمين المصادقة عليها الأمر الذي أدى للمتاجرة والسمسرة في أرقام المشروع الوحيد الذي صدقت عقوده. الأمر الذي انطوى على مخالفة صريحة لمحضر الاجتماع هذا غير الحديث عن التلاعب بأسعار الأراضي التي قدمت لهيئة المستفيدين بأكثر من /10/ أضعاف أرقام شراءالجمعية..
ومن المفيد هنا الإشارة إلى الكرم المميز الذي حظي به بعض المنتفعين عندما منحوا أرقام محاضر مدفوعة القيمة في الجمعية المذكورة وباعوها لحسابهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن الزبون الذي كان جاهزاً من قبل مانحي الأرقام لهم.
وما إن انتهى أمر المشروع حتى سارع معاون مدير الخدمات الفنية لقسم التعاون السكني في محافظة دمشق بإرسال تعميم إلى كافة الجمعيات السكنية والاصطيافية التابعة لإشراف القسم برقم 2247/ص تاريخ 8/5/2006 يلزمها فيه بما جاء في محضر اجتماع 11/8/2005 والتريث بشراء الأراضي في المناطق لإقامة مشاريع عليها لحين انتهاء الفترة وانتهاء الدراسات الإقليمية للمنطقة . وطالب الجمعيات بضرورة أخذ الموافقات اللازمة والتقيد التام بالمحضر /132/ لعام 1966 الصادر عن المجلس الأعلى للسياحة بشأن بناء مساكن الاصطياف وذلك على مسؤولية مجالس الإدارات.
وبالعودة إلى محاضر جلسة الجمعية /صاحبة الخطوة/ ومنها المحضر رقم /1/ المنعقد بتاريخ 14/9/2005 نجد أن الهيئة العامة للمستفيدين صادقت بالاجماع على عقود شراء الأراضي بشكل يخالف نص محضر الاجتماع بتاريخ 11/8/2005 الذي لم تبلغ به رسمياً هيئة المستفيدين.
وبتاريخ 14/1/2006 قرر مجلس الإدارة بالاجماع تفويض رئيس مجلس إدارة الجمعية وأمين سرها بتوقيع مشروع عقد لشراء /200/ دونم لإتمام أراضي المشروع الثاني, وتاريخ هذا المحضر يبين أنه مخالف للاجتماع المذكور أعلاه بخصوص التريث بمنح التراخيص وشراء الأراضي. وتأخير رئيس قسم التعاون السكني بالتعميم على الجمعيات يرفع المسؤولية عنها وعن مجلس إدارتها تحديداً.. ومثل ذلك محاضر الجلسات اللاحقة ,وقد تتكشف الأسباب عند الاطلاع على تفاصيل العلاقة التي تربط مجلس الإدارة مع رئيس القسم المذكور.
السيد وزير الاسكان والتعمير أصدر في 11/4/2006 تعميماً برقم 2204 فحواه عدم مراجعة أي مشرف للجمعيات مالم يكن مزوداً بمهمة رسمية ولكن هذا التعميم كان مصيره الإهمال ففي اجتماع هيئة عامة لواحدة من الجمعيات عقد بتاريخ 28/29/10/2006 حضره المشرفون /المحظوظون.. لكن المهمة وكتاب التسمية لهؤلاء تم إعداده بتاريخ 19/11/2006 أي بعد انقضاء الاجتماع ب /20/ يوماً ومثل هذا الموضوع كان مصدر قلق وشكوى للعديد من الجمعيات من خروج المشرفين عن مهامهم وفرض سيطرتهم وابتزازهم للجمعيات.. وتم رفع الكثير من الشكاوى التي سجلت لدى الديوان والهيئات المختصة لكن مصيرها كان الإهمال والتطنيش.
وفي هذا السياق تؤكد الوثائق الموجودة لدينا تجاوزات رئيس قسم التعاون بالطلب من الجمعيات موافاته بقرارات مجالس الإدارة التي تم فيها قبول مكتتبين على مشروع جديد قبل تاريخ الاجتماع كمحاولة للضغط على الجمعيات , علماً أن القانون يتطلب تقديم اللوائح قبل شهر على الأقل من موعد عمليات التخصص وليس قبل موعد الاجتماع- تعميم وزير الاسكان رقم /2398/ تاريخ 8/4/.2004
من كان حريصاً على توفر غطاء سميك لايخشى البرد.. وهذا ما حصل تحديداً مع رئىس قسم التعاون السكني الذي وجد في الرقابة الداخلية بالمحافظة حصناً منيعاً يحميه من أية شكوى مرسلة بحقه. والأمثلة التي بين أيدينا تكشف الدور الذي تلعبه الرقابة الداخلية في حماية رئيس القسم. ونذكر هنا الشكوى المرفوعة من جمعية وزارة الاسكان والتعمير التي تحدثت عن تجاوز المشرف لصلاحياته في اجتماع الجمعية وتطاوله على رئىس مجلس إدارتها.. فأودعت لدى الرقابة الداخلية دون معالجة.
وكذلك قيام ست جمعيات برفع شكوى مشتركة حول تجاوزات رئيس القسم ومشرفيه المقربين أحيلت إلى السيد المحافظ من جهات عليا.. لكن مصيرها لايزال مجهولاً.
ومثل ذلك كان مصير اقتراح عضو مكتب تنفيذي بالمحافظة جاء بناء على تكليف لدراسة وضع القسم وموظفيه, الذي طالب بضرورة رفد قسم التعاون بموظفين مؤهلين حملة الإجازات في الحقوق كون العمل يتعلق بالقانون /13/ وأوامر إدارية وقرارات خاصة لكن هذا الاقتراح لم يعمل به أيضاً وجرى تحويله إلى الحصن المنيع (الرقابة الداخلية).
وبلغ الأمر برئيس قسم التعاون أن لجأ إلى إخفاء محاضر بعض الجمعيات والسمسرة بها وتقديم شكاوى وهمية .. وعند مواجهته بدفتر الذمة اعترف ببعض المحاضر وضياع غيرها .
وزاد على ذلك عرقلة عمل الجمعيات , وإعداد قرارات بإيقاف بعضها بشكل مخالف للقانون , الأمر الذي حدا بالجمعيات المتضررة أن لجأت للقضاء لإلغاء قرار الإيقاف مثلما حدث مع جمعية التصديق ... وبالمقابل نجد صورة مغايرة في التعامل مع الجمعيات وفق المصالح الشخصية والعلاقات الخاصة مع رئاسة القسم حيث التستر على مخالفات بعض الجمعيات وعدم إيقاف قراراتها ومنها جمعية أرض الأحلام التي سطرت حولها شكايات حول وقوع تزوير وسرقة في قيمة الأرض , لكن الشكوى طويت والوثائق اختفت .. وكذلك ما حدث مع جمعية القنوات التي قام مجلس إدارتها ببيع صالات ومحال تحت محضر الجمعية وهي ملك للأعضاء حسب قرار هيئتها العامة فقاموا ببيعها لصالحهم , فتمت التغطية عليها . كذلك ما حدث في جمعية مشفى تشرين العسكري والشكوى حولها المؤيدة بالوثائق ومحاضر الجلسات وتاريخ ورودها إلى القسم وحاجة الجمعية إلى كتب توجيه , لكن رئيس القسم بالتعاون مع المشرف قام بالتستر على المحاضر وحفظها في الأرشيف لحماية مجلس الإدارة .
والغريب أن جميع الشكايات مؤيدة بوثائق ومحفوظة لدى الأرشيف بأرقام وتواريخ محددة لكنها ضاعت أو ضيعت .
وتفاقم هذا الوضع لدرجة أن أي جمعية تمتنع عن دفع ( الخوّة ) تدفع الثمن بالإيقاف ويندر عدد الجمعيات التي لا تفعل ذلك حيث يتجاوز عدد الجمعيات التعاونية بدمشق ال /566/ جمعية فتصوروا معنا حجم ما يدفع ...?!
وعلى صعيد آخر تعددت أشكال الإهمال المقصود في معالجة بريد وشكايات الجمعيات والقرارات وكتب الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ومنها كتاب برقم /9/510/ تاريخ 21/9/2006 حول ما يجري في جمعية التجارة الخارجية التي أعلمت بفحوى الكتاب وأعطيت مهلة لترتيب أوضاعها /ثلاثة أشهر / متجاوزة القانون .
ومن طرائف ونوادر المشرفين غير المؤهلين في القسم أن أحدهم قام بالضغط على رئيس مجلس إدارة لتسجيل أربعة أسماء وتخصيصها وقام ببيعها والمتاجرة بها لحسابه الخاص بالاضافة الى شكوى قدمها عضو في جمعية العاملين بالصناعات الغذائية تضمنت إشارات واضحة للتزوير والتلاعب والمخالفات لكن العلاقة الجيدة مع مجلس الادارة أحالت الموضوع إلى الرقابة من جديد ...
كذلك جمعية ست الشام التي اشتكت من ممارسات رئيس القسم والمشرف وتهديداتها والضغط عليهم لإجبارهم على القبول بما يريدون ذهبت لتلقى المصير ذاته ( الرقابة ... مرة أخرى ) .
ومن غريب الأحداث أن يمارس الضغط والتهديد والإقصاء والتهميش على المشرف الوحيد / المؤهل / والحاصل على دبلوم في القانون الدولي.
حيث جرى نقله خارج القسم لكن السيد المحافظ أعاده لرئاسة شعبة المشرفين بعد قناعته بامكاناته وشهادته .
ما ذكرناه هو قليل من كثير وهو مدعم بالوثائق على الارتكابات والتجاوزات في قسم التعاون السكني ومشرفيه , وهناك جمعيات تملك الكثير من الثبوتيات لكنها تخشى غضب وقرارات رئيس القسم منها جمعية المصارف والتأمين / جميع الوثائق محفوظة /.
أما جمعية المنهل /الأشهر في مشاكلها / فقد عانت ما عانت حيث تم تعطيل قرارات مجلس إدارتها المؤقت وتم حل المجلس منذ أكثر من سنة ونصف علماً أنه لايجوز تمديد ولاية المجلس المؤقت لأكثر من مرتين ولايجوز حل الجمعية إلا بقرار من السيد الوزير .
مما تقدم وبقراءة الوثائق التي وصلتنا نضع ( حكاية ) قسم التعاون السكني في محافظة دمشق برسم الجهات المسؤولة لتقول كلمتها بهذا الأمر , حتى لاتبقى أمور القسم تديرها عقلية / المزارع / أو تتحول إلى شركة خاصة تمارس الضغوط وتتحرك بمنطق المزاجية والمصالح الخاصة ولمن يريد الإطلاع فالوثائق متوفرة عند الطلب ومانرجوه قراراً جريئاً لفتح هذه الملفات وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي .
واسمحوا لنا إيراد حادثة السجين الذي يقضي حكماً باختلاس الملايين لكنه يتصرف ( كامبراطور) يسخِّر الكثيرين من المساجين لحسابه .
وعندما سئل عن هذا البذخ والكرم قال: أقنعت نفسي بالاحتفاظ بثلث المبلغ والباقي أعيش فيه كما أريد .
القصة هذه تفسر كم يدفع المرتكب ليحمي نفسه , وماذا يمكن أن يفعل حتى لايفتضح أمره .. وأي أساليب يسلكها ليكون بعيداً عن المساءلة !
لكننا نقول إن صوت الحق أقوى من إمبراطورية الفساد .
بشار الحجلي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد