الحدث السوري يفرض حالة طوارئ في الكيان الإسرائيلي
قاد الانفجار في مجلس الأمن القومي السوري في دمشق أمس إلى إعلان حالة الطوارئ في مجلس الأمن القومي والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية عامة. وقد عقد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك فور تواتر الأنباء عن الانفجار اجتماعا عاجلا للتشاور مع كل الأجهزة العسكرية والأمنية حول الوضع المتفاقم في سوريا، داعيا كل الأجهزة لمتابعة يقظة لما يجري. وتبع ذلك قيام رئيس الأركان الجنرال بني غانتس بعقد اجتماع طارئ للقيادة العسكرية للبحث في الموقف تمهيدا للاجتماعات التي ستجري لاحقا في مقر رئاسة الحكومة الإسرائيلية. وأعلن باراك، بعد الاجتماع الأول، أن إسرائيل «تتابع عن كثب التطورات في سوريا». وقال إنه تحادث مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حول ما يجري في دمشق. كما أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أشار إلى التطورات الأخيرة في سوريا، موضحا أن «دولة إسرائيل جاهزة لمواجهة كل التطورات مهما كانت». وأكد ليبرمان أنه «تجري طوال الوقت تقديرات موقف، سواء في وزارة الخارجية أو في أماكن أخرى»، مشددا على «أننا نراقب التطورات. ويجب على إسرائيل أن تتصرف بشكل مسؤول وألا تطلق تصريحات لا داعي لها». كذلك عقد غانتس مشاورات عاجلة في هيئة الأركان الإسرائيلية بعد ظهر أمس، بحضور كل من قائد الجبهة الشمالية الجنرال يائير جولان، رئيس شعبة الاستخبارات الجنرال أفيف كوخافي، رئيس شعبة التخطيط الجنرال نمرود شيفر وقادة الأذرع العسكرية والنائب العسكري العام. وجرى الاجتماع في مقر هيئة الأركان في «هكرياه» في تل أبيب. ووصف مصدر أمني إسرائيلي ما يجري حاليا في سوريا بأنه «تطورات دراماتيكية جدا، وعلينا مراقبة ما يجري في دمشق خطوة تلو خطوة». وفي ختام المداولات في هيئة الأركان أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن «الجيش سيواصل مراقبته ما يجري في سوريا». وأشار إلى أن ما يجري في سوريا «أحداث لها أبعاد إقليمية ودولية على حد سواء، لكن الجيش في هذه المرحلة يواصل متابعة التطورات ويفتح عينيه». عموما رأت وسائل الإعلام الإسرائيلية في انفجار مجلس الأمن القومي السوري «ضربة قاسية جدا لنظام الرئيس (بشار) الأسد». ويرى المعلقون أن إسرائيل تراقب بقلق ما يجري في سوريا. ويتعاظم هذا القلق بعد التفجير، خصوصا أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال كوخافي كان قد أعرب أمس الأول، أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عن المخاوف من تفاقم الأزمة في سوريا واحتمال تحول الجولان السوري المحتل إلى منطلق لعمليات ضد إسرائيل، على شاكلة ما يجري في سيناء المصرية. ووصف معلق الشؤون العربية في القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إيهود يعري انفجار مجلس الأمن القومي السوري بأنه انفجار داخل خزنة الأسد. وقال إن الأمر مس «هيئة الثمانية»، وهي الخلية التي تدير الأزمة السورية، وأن الأمر يمس بقوات الدفاع عن النظام في دمشق. واعتبر المعلق العسكري للقناة العاشرة ألون بن دافيد أن الانفجار «لحظة تأسيسية» أو «بداية نهاية» للرئيس السوري. وأشار إلى أن التقديرات بأن يقدم الأسد على خطوة يائسة ويهاجم إسرائيل بما يمتلك من أسلحة ليست ذات احتمال كبير. وأوضح أن مشكلة إسرائيل هي أنه في ما يتعلق بسوريا على المدى الأبعد، ليس هناك أحد يعرف ما سيحدث. وفي نظره ليس بالوسع حاليا الإشارة لا إلى شخصية ولا إلى حزب يشكل بديلا لنظام الأسد. ولاحظ أن الاحتمال الأكثر رجاحة، كما يبدو الآن، تحول سوريا إلى ما يشبه الكانتونات، بما في ذلك احتمال أن يقيم الأسد نفسه «كانتونا» على طول الساحل السوري. وهذا يخلق أمام إسرائيل واقع انعدام وجود سيطرة مركزية، وهو ما يخلق مشكلة بسبب كثرة الجهات، وبينها تنظيم القاعدة من ناحية والحرس الثوري الإيراني من ناحية أخرى، ووجود أسلحة إستراتيجية، بينها الأسلحة الكيميائية. وبحسب بن دافيد فإن الأسلحة الكيميائية حتى الآن تحت حماية جيدة وتحت سيطرة الرئيس السوري، ولكن لا أحد يعلم ما سيحدث. لكن هناك سجالا داخل أجهزة الأمن الإسرائيلية حول ما إذا كان «حزب الله» فعليا معنيا بهذه الأسلحة. ويعتقد بن دافيد أن الحزب يعلم أن وجود مثل هذه الأسلحة لديه يشكل سببا للحرب ضده من جانب إسرائيل. وقال إن قائد فرقة الجليل سبق وأعلن أن أي استفزاز من جانب «حزب الله» سيفسر لدينا على أنه إعلان حرب. عموما قال بن دافيد إن السياسة الإسرائيلية الحالية تجاه سوريا هي «الحد الأقصى من المتابعة، والحد الأدنى من التدخل» في ما يجري هناك. يشار إلى أن المعلقين العسكريين الإسرائيليين يشددون على أن القلق الإسرائيلي يتركز أساسا في احتمال تسرب الأسلحة الكيميائية والبيولوجية التي تمتلكها سوريا إلى جهات مثل «القاعدة» أو «حزب الله» أو أية منظمات أخرى. كذلك هناك خشية في إسرائيل من مشاركة إيران و«حزب الله» العميقة في ما يجري في سوريا. وأشار المعلق العسكري لموقع «يديعوت احرونوت» الالكتروني رون بن يشاي إلى احتمال أن يشكل تفجير دمشق نوعا من الضربة القاتلة التي قد لا ينجو منها الرئيس السوري. ونقل عن أجهزة تقدير إسرائيلية قولها باحتمال أن تكون هذه خطوة حاسمة تقود إلى انسحاب الأسد، فراره أو قتله، قبل أن تعم الفوضى في سوريا. ولاحظ أن جهات التقدير الغربية مقتنعة بأن المساس بالعماد آصف شوكت سيسرع من نهاية النظام السوري. ومعنى شيوع الفوضى في سوريا هو عدم خضوع مناطق كثيرة هناك لسيطرة الحكم المركزي وتحول سوريا إلى دولة فاشلة تحت سيطرة زعامات محلية تخوض صراعات دامية في ما بينها. واعتبر بن يشاي أن الخطر المحتمل لإسرائيل في مثل هذا الوضع هو أن الكثير من منظمات الجهاد العالمي، التي دخلت إلى سوريا، ستستغل الفوضى لترسيخ مكانتها على مقربة من الحدود مع إسرائيل، وشن عمليات ضدها من هناك. وكتب أن هناك العديد من مثل هذه المجموعات جنوبي سوريا الآن على مقربة من الحدود مع إسرائيل. ورأى أن الخطر الأكبر هو من وصول الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وقسم من منظومات الصواريخ السورية إلى أيدي مجموعات إسلامية متطرفة. وقال إن السيناريو الذي أقلق إسرائيل أكثر من سواه هو أن يستغل «حزب الله» الفوضى ويهرب إلى لبنان أسلحة كهذه. وأضاف أنه معلوم أن قوات خاصة أميركية وأردنية تدربت منذ أسابيع على السيطرة على مخازن السلاح الكيميائي والبيولوجي السورية. وأشار إلى خطر وصول صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ «سكاد» إلى «حزب الله»، موضحا أن إسرائيل تراقب هذا الأمر عن كثب، وأن إيهود باراك سبق وهدد بأن إسرائيل لن تسلم بوصول أسلحة كهذه إلى «حزب الله». وأشار بن يشاي إلى عنصر قلق آخر في إسرائيل وهو أن يضطر الرئيس السوري في لحظة يأس إلى عمل «شمشوني» وتوجيه أسلحته نحو إسرائيل ليدخل التاريخ كبطل قومي أو لصرف الأنظار عن الأزمة السورية. ولكن هذا السيناريو لا يقلق إسرائيل جدا، لأن قدرات الجيش السوري حاليا ليست في أحسن أحوالها. حلمي موسى: السفير | ||
إضافة تعليق جديد