الصحف الإسرائيلية: رئيس الأركان كذاب
أثار إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حلوتس، بأن إطلاق القنابل العنقودية على الأراضي اللبنانية تم خلافا للأوامر التي أعطاها، استغراب الكثيرين في إسرائيل، وكذبه قائد لوحدة صاروخية مؤكدا أن جميع الأهداف التي أطلقت عليها القذائف العنقودية شمالي الليطاني حظيت بمصادقة هيئة الأركان، فيما رأى معلقون عسكريون أن ذلك يوضح مقدار الفوضى التي سادت في الجيش أثناء حرب لبنان الثانية.
وكانت أوساط عسكرية إسرائيلية قد أشارت إلى أن سلاح الجو لم يطلق أية قذائف عنقودية في هجماته وأن سلاح المدفعية، وخصوصا منظومة (MLRS) الصاروخية هي وحدها التي استخدمت هذا النوع من القذائف. وفي حين يستبعد المراقبون أن يكون سلاح الجو الإسرائيلي قد تجنب استخدام هذه القنابل نظرا للمناطق التي سقطت فيها، أبدى قائد في وحدة صواريخ استغرابه من تصريحات حلوتس.
ونقلت هآرتس عن قائد لإحدى هذه الوحدات الصاروخية قوله أنه ضحك عندما سمع أن حلوتس لم يكن يعلم أين تطلق القوات البرية صواريخها العنقودية وأنه فوجئ لأن هذه القوات
خالفت تعليماته وأطلقت الصواريخ نحو مناطق مأهولة. وقال هذا القائد أنه إذا كان رئيس الأركان لا يعلم أين تسقط القذائف فليس هناك مبرر لأن يعلم أن الجيش أرسل سربا لقصف أفغانستان.
وأكد قائد الوحدة الصاروخية أن جميع الأهداف شمالي الليطاني التي تعرضت لقصف بقذائف عنقودية كانت أهدافا مقرة من هيئة الأركان وأنها نالت مصادقة رئيس الأركان أو رئيس شعبة العمليات وأنهم هم من أقروا نوعية القذائف المستخدمة. واعترف متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية أن الانتهاكات في استخدام القذائف العنقودية تم اكتشافها قبل انتهاء الحرب وأن وزير الدفاع عمير بيرتس أمر حينها بالتحقيق في الأمر.
وبحسب هآرتس، فإنه من المعلوم أن الصحف الإسرائيلية نشرت بعد أيام من بدء الحرب صورا لراجمة صواريخ عنقودية قبيل إطلاقها على جنوب لبنان. وذكرت أن حلوتس، كطيار، يعرف أن كل صاروخ كهذا يحوي 650 قنبلة عنقودية وأن هذه الصواريخ تعتبر في الجيش الإسرائيلي سلاح يوم القيامة في أي مواجهة مع سوريا. وشددت الصحيفة على أن عدم معرفة هذه المعطيات يشبه عدم معرفة عدد فرق الجيش الإسرائيلي.
وأشارت هآرتس إلى أنه منذ بدأت تنشر أنباء عن الاستخدام الواسع للقنابل العنقودية، دأب الجيش الإسرائيلي على التوضيح بأنه لا يستخدم سوى الأسلحة المسموح بها دوليا. وذكرت أنه يتبين الآن أن رئيس الأركان أمر بعدم استخدام القذائف العنقودية أو أعطى توجيهات باستخدامها فقط في مناطق مفتوحة. وقد بدأ المدعي العام العسكري الإسرائيلي تحقيقا لمعرفة كيف سقطت كل هذه القنابل العنقودية على مناطق مأهولة، بما في ذلك قرب مستشفيات، خلافا لتعليمات القانون الدولي. غير أن السؤال الأهم هو كيف أن القائد الأعلى للجيش الإسرائيلي لا يعلم عن قيام جيشه بإطلاق صواريخ تحوي حوالي أربعة ملايين قنبلة على مناطق مأهولة بكثافة؟.
وأضافت الصحيفة تساؤلا آخر: لماذا يعترف الجيش الإسرائيلي الآن بما كانت هآرتس وصحف العالم قد نشرته قبل أسابيع؟ ورأت أن السبب يعود إلى اتفاقيات شراء إسرائيل للقذائف العنقودية من الولايات المتحدة والتي تتعهد بموجبها بعدم استخدامها في مناطق مأهولة. وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت أن وزارة الخارجية الأميركية تفحص ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت هذا التعهد أم لا. تجدر الإشارة إلى أن كل القذائف العنقودية التي استخدمتها إسرائيل في الحرب هي تقريبا من صنع أميركي.
وكانت فضيحة الأوامر بشأن استخدام القذائف العنقودية قد بدأت عندما كشف تحقيق أعده العميد ميشال بن باروخ من قيادة الذراع البري أن استخدام هذه القذائف كان خلافا للتعليمات. ولكن جهات عسكرية عديدة شددت على أنه ليست هناك تعليمات واضحة بهذا الشأن. غير أنه في أعقاب هذا التحقيق أمر دان حلوتس بتشكيل لجنة برئاسة جنرال للتحقيق في المسألة.
وأربكت تصريحات حلوتس المعلقين العسكريين خاصة عندما أشار إلى أن هذا السلوك من جانب الجيش لا يشكل مفاجأة له وإنما خيب آماله. وقال مراسل عسكري أن هذا أول رئيس أركان يعلن خيبة أمله من الجيش الإسرائيلي.
وفي مقابلة مع الصحافيين، قال حلوتس أنه أصدر تعليماته وبات من الضروري فحص ما إذا كانت التعليمات واضحة بشكل كاف أم أن هناك من قام بانتهاكها.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد