الصراع على موريتانيا

28-10-2010

الصراع على موريتانيا

الجمل:  تشهد الساحة السياسية الموريتانية حراكاً تفاعلياً مرتفع السخونة، وحالياً تشير المعطيات الماثلة والمعلومات الجارية إلى أن موريتانيا سوف تصبح بؤرة لصراع أكبر، وذلك بسبب تداخل وتقاطع العديد من العوامل والمفرزات: فما هي حقيقة الصراع الموريتاني- الموريتاني، وما هو دور الأطراف الثالثة في تنشيط مفاعيل الصراع الموريتاني- الموريتاني ونقل عدواه إلى البيئة الإقليمية الموريتانية، وهل سيكون هناك تعاون فرنسي- أمريكي.. أم صراع لجهة جعل الساحة السياسية الموريتانية مسرحاً لتصفية الصراع الفرنسي- الأمريكي؟
•    توصيف المسرح الموريتاني: ماذا تقول المعلومات؟
تقع موريتانيا في الجزء الشمالي الغربي من القارة الإفريقية، وتحديداً في أقصى منطقة المغرب (العربي) وإضافة لذلك، يمكن الإشارة إلى الخصائص المتعلقة بالجغرافيا السياسية الموريتانية على النحو الآتي:
-    المساحة: تبلغ مساحة موريتانيا 1030700 كلم مربع
-    السكان: يبلغ عدد سكان موريتانيا 3.3 مليون نسمة
-    الاقتصاد: يبلغ الناتج المحلي الإجمالي في حده الأدنى 3.1 مليار دولار بمتوسط دخل سنوي للفرد في حدود 975 دولار، وفي حده الأقصى يبلغ 6.4 مليار دولار بمتوسط دخل سنوي للفرد في حدود 2037 دولار
هذا وعلى أساس اعتبارات التركيب الاجتماعي يمكن رصد المؤشرات الآتية:
-    مؤشر التوزيع الديني: أكثر من 99% من الموريتانيين هم من المسلمين السنة، وأقل من 1% من الموريتانيين من المسيحيين المنتمين إلى مذهب الروم الكاثوليك، وفي كل موريتانيا توجد كنيسة واحدة في مدينة نواكشوط العاصمة.
-    مؤشر التوزيع الآتي: حوالي 40% يمثلون الخليط الإثني- العرقي، و30% يمثلون ذوي الأصول البربرية، و30% يمثلون ذوي الأصول الإفريقية.
تتصارع في المسرح السياسي الموريتاني العديد من الأطراف والقوى السياسية، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى مكونات القوام السياسي الموريتاني على النحو الآتي:
-    القوى السياسية الحزبية وهي: حركة العمل من أجل التغيير- حركة التجديد- جبهة الشعب- التحالف من أجل الديمقراطية والوحدة- تحالف القوى الديمقراطية- التجمع الوطني من أجل التنمية والديمقراطية- الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم- اتحاد القوى الديمقراطية.
هذا وتجدر الإشارة إلى وجود العديد من القوى الحزبية التي حظرت نشاطها السلطات الموريتانية، ومن أبرز هذه القوى المحظورة، نجد الحركة من أجل التغدول مبادرة عبر الصحراءيير، وحركة البعث العربي.
-    القوى السياسية غير الحزبية: وتتمثل في منظمات المجتمع المدني ومن أبرزها النقابات الموريتانية، إضافة إلى المنظمات المدنية ذات التوجهات الإنسانية والحقوقية، وحالياً أصبحت المؤسسة العسكرية الموريتانية تمثل كياناً فاعلاً في التفاعلات السياسية
أدت التعقيدات والتطورات السياسية الجارية، إلى تحويل البيئة السياسية الموريتانية إلى بيئة نصف مغلقة، ونصف منفتحة، وبكلمات أخرى، فهي ليست بيئة سياسية شمولية مغلقة وفي الوقت نفسه ليست بيئة سياسية ليبرالية منفتحة، وتأسيساً على مشهد نصف الانغلاق ونصف الانفتاح، فقد تزايدت قابلية السياسة الموريتانية لمختلف عوامل ومفاعيل الاختراق، ولم يعد الأمر يقتصر على تنظيم القاعدة وحده وحسب بل والمخابرات الفرنسية والأمريكية والإسرائيلية، إضافة إلى العديد من مؤشرات جهود النفوذ الملكي المغربي، والذي برغم تآكله وتراجعه، فإنه مازال يتسم بقدر زائد من النعومة والسيولة السياسية.
•    مربع الصراع الموريتاني: إلى أين؟
تعود سردية مشهد الصراع الموريتاني- الموريتاني بشكله الحالي إلى تصاعد مفاعيل نوعين من العوامل، هما:
-    العامل السياسي الداخلي: وبدأ مع صعود دور المؤسسة العسكرية الموريتانية بانقلاب عام 2005م العسكري الذي قاده على ولد محمد فال، وما أثاره الانقلاب من خلافات سياسية، ثم انقلاب عام 2008م، الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وما أثاره هذا الانقلاب من خلافات وصراعات سياسية  موريتانية
-    العامل السياسي الخارجي: وبدأ بشكل واضح، خلال فترة إدارة بوش الابن الجمهورية الأمريكية، والتي سعت إلى تجميع دول المغرب العربي وبعض دول غرب إفريقيا ضمن ما أطلقت عليه تسمية مبادرة عبر الصحراء، والتي سعت من خلالها واشنطن إلى بناء تحالف مغاربي- إفريقي داعم لمشروع الحرب الأمريكية المفتوحة ضد الإرهاب، وتقول المعلومات بأن واشنطن كانت تسعى من وراء هذه المبادرة إلى تحقيق هدفين، الأول معلن وهو تفعيل جهود محاربة تنظيم القاعدة والحركات الأصولية الإسلامية، والثاني غير معلن، وهو إخراج النفوذ الفرنسي من هذه المنطقة وتحويلها إلى دائرة النفوذ الأمريكي.
على خلفية صعود تأثيرات مفاعيل العامل الخارجي، والعامل الداخلي، فقد كان من الضرورة أن يؤدي ذلك إلى تحريك مكونات البيئة السياسية الموريتانية، وفي هذا الخصوص، تشير المعطيات إلى أن الصراع الموريتاني- الموريتاني قد بدأ بشق طريقه، وسط المزيد من السلوك واللايقين إزاء احتمالات تحقق النتائج الآتية:
-    مسار الحرب ضد تنظيم القاعدة سوف يظل طاغياً على الخطاب الإعلامي- السياسي، وفي هذا المسار نجد أنه كلما تزايدت وتائر مفاعيل الحرب ضد تنظيم القاعدة.. كلما تزايدت بالمقابل شعبية تنظيم القاعدة.. طالما أن الشعب العربي الموريتاني ما زال أكثر رفضاً للوجود الفرنسي والأمريكي وما يتبع لهما من وجود إسرائيلي.. وبالتالي فإن السبيل الوحيد المتاح للسلطات الموريتانية من أجل القضاء على تنظيم القاعدة، هو سبيل واحد يتمثل فقط في إخراج الوجود الأمريكي والفرنسي والإسرائيلي (المنتشر).. فهل ستسعى السلطات الموريتانية من أجل ذلك..؟
-    مسار الصراع الأمريكي- الفرنسي لجهة السيطرة على موريتانيا وبلدان المغرب العربي وغرب إفريقيا، وبالتالي كلما زاد ارتباط السلطات الموريتانية بأحد الطرفين.. كلما تزايدت جهود الطرف الآخر للسعي لإقصاء الخصم، ومن ثم فإن معركة إقصاء الآخر هي الخيار المتاح حالياً في علاقات خط باريس- واشنطن إزاء موريتانيا وبقية مناطق المغرب العربي وغرب إفريقيا.. فهل يا ترى سوف تسعى السلطات الموريتانية لإقصاء طرفي محور باريس- لندن والانتصار لخيار الاستقلال الوطني.. أم أنها سوف تسعى للعبة الوقوع في أحضان باريس.. وإغواء واشنطن، أو الوقوع في أحضان واشنطن وإغواء باريس..
تقول التقارير والمعلومات، بأن موريتانيا تتميز بالمزيد من القدرات الطبيعية الهائلة، والتي يمكن بكل سهولة أن تتحول من مجرد قدرات طبيعية كامنة في الطبيعة إلى قدرات اقتصادية فاعلة في الأسواق العالمية، ففي موريتانيا المزيد من المخزونات المعدنية والنفطية، إضافة إلى تميزها بوفرة الأراضي الزراعية، وطول الساحل، وما هو أكثر أهمية، قربها من الأسواق العالمية الرئيسية، وعلى وجه الخصوص أسواق الاتحاد الأوروبي والأسواق الأمريكية الشمالية والجنوبية.. ولكن ما هو أكثر إثارة للاهتمام يتمثل في غياب الاستثمارات العربية.. وفي الوقت نفسه سعي الاستثمارات اليهودية الأمريكية والفرنسية لجهة التغلغل في موريتانيا!!.


الجمل قسم الترجمة والدراسات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...