العلمنة والدّين مقاربات المفهوم في فكر الحركات الإسلاميّة
لن نستطيع الخروج من مأزق الإشكال المفاهيمي إذا أردنا وضع تعريفات واهمة ومغلقة لمفاهيم عديدة ترتبط بمفهوم الدّولة الحديثة، كمفهوم العلمانيّة، الديموقراطيّة، الليبراليّة، الدولة المدنيّة، المجتمع المدني، وغيرها من المفاهيم التي أصبحت جزءا من بنية المجتمعات الحديثة اليوم.
فالإشكال المفاهيمي، كما أنّه يضعنا في مأزق الدلالات الفكريّة والتأريخيّة المرتبطة به، فإنّه يضعنا كذلك في دلالات تجزيئية بسيطة وسلبية مغايرة لمسارات المفهوم الحقيقية. هكذا نرى مثلا مفهوم العلمانيّة كيف أغلقت دلالته في المجتمع العربي في فصل الدين عن الدولة، ليصبح المفهوم بعدها عاريا عن كل الدلالات الحضارية الأخرى، في حين أنّه مرتبط بسياقات تأريخيّة ومعرفيّة؛ أي صيرورة شاملة، ويصبح بعد ذلك السّؤال عن مفهوم الدين ذاته أو عن مفهوم الدولة- التي لا يمكن فصل الدين عنها- في المقولة السابقة، خارج إطار التفكير.
هكذا تنشأ المواضعة اللغوية في المفاهيم المدنية الحديثة، انعكاسا للفكر الاجتماعي والديني والسياسي في العقل العربي، وهكذا تصبح الدلالات المتعددة للمفهوم خارج سياق التفكير، وهي في حقيقتها ليست سوى انعكاس لما نشأ عليه العقل الإنساني برمته وليس العقل الإسلامي فقط في إغلاق المفاهيم في دلالة ضيقة، فهناك مفاهيم عديدة في التأريخ العربي مثلا أسقطت عليها دلالات سلبية جعلت من الآخر غير قادر على فهم المسارات الأخرى للمفهوم، كمفهوم المعتزلة ونظرياتهم في العقل، الخوارج وثوراتهم على الظلم، التصوف ورؤيتهم للوجود والإنسان، وغيرها من المفاهيم التي تعبر عن حراك تأريخي ولد في سياق اجتماعي وسياسي وديني معين، وهكذا يفعل الإعلام الغربي في مقاربته لمفهوم الإسلام اليوم.
أقول ذلك؛ لأننا إلى الآن لا نعي كثيرا من المفاهيم إلا من خلال التجربة الاجتماعية والدينية فقط، فمفهوم " النقد" مثلا لم يستطع العقل السكولاستيكي إلى اليوم فهمه إلا من خلال إسقاط دلالات التجربة الاجتماعية والدينية عليه، فالنقد ليس سوى أن للحقيقة وجها واحدا فقط كما يراها العقل الديني، أو دلالات التوبيخ المكرسة في العقل الاجتماعي، في حين أن كل الدلالات المعرفية الكبرى للمفهوم يتم تصديرها من دائرة التفكير في العقل العربي. إنّ مفهوم " النقد" معرفيا يعني حراكا للعقل نحو اكتشاف طبقات معرفية جديدة، من أجل تفكيك دلالات قديمة ومن ثم إعادة بناء دلالات أخرى تساعدنا في فهم أجزاء الدائرة الكلية. ينبغي إذن أن يتغير الإشكال الوظيفي للغة في الخطاب التعليمي أولا والخطاب الاجتماعي -الديني ثانيا حتى نتمكن من صناعة حراك ثقافي في مؤسسات المجتمع التعليمية والمدنية.
إنّ توظيف السياسي في المعرفي ارتبط باضطراب العلاقة بين الدولة والدين، لأن مقاربة الدين في مفهوم الدولة لم يكن دقيقا فيما يعرف بـ "مجتمعات الظاهرة الدينية". ولذلك نشأت المواضعات المفاهيمية بخلاف المقاربة التأريخية للمفهوم، فامتد ذلك التأسيس المفاهيمي ليشكل نظريات اجتماعية تهيمن على العقل الاجتماعي. لا يمكننا أن ننظر إلى العقل الديني المرتبط بالعنف على أنه عقل عنيف بطبيعته أو بنظرياته الدينية فقط، إنما هو حالة من الانسداد المعرفي التي وصل إليها؛ لأن مسرح التفكير الذي يتحرك فيه مغلق في دائرة النص والتأريخ، ومن هنا نفسر انشغالات العقل الديني في البحث عن الحقيقة المطلقة، لأنه يتجه إلى عمق الدائرة المغلقة بمفاهيمها ونظرياتها وبنائها الفكري بحثا عن الحق. إن المعطى النصي والتأريخي للعقل الديني هو العين التي يرى بها الأشياء من حوله، ولهذا ينظر إلى واقعة من خلال نصين متناقضين وزمنين مختلفين؛ فيكون النص والتأريخ القديم بكل إفرازاتهما الأنتربولوجية موجها أساسيا في رؤيته للعصر الذي هو فيه، وهو إشكال سيكولوجي وتربوي مرتبط بمناهج المؤسّسات التعليميّة.
هل علينا إذن أن نبدأ بتفكيك المقاربات المفاهيميّة أم المقاربات المنهجية في مفهوم الدين والعلمنة؟ الدين هو منظومة من النصوص المؤسسة لبنية تشريعية وأخلاقية وروحية، تترتب عليه جزاءات الغيب مجازا أو حقيقة. لذلك، فإن دراسة الدين في المجتمعات المعاصرة اليوم يقصد بها دراسة الأطر المنهجية لتشكل الدين عبر التأريخ، أي مقاربات دلالة التدين لمنظومة الدين في نصوصه ورمزيّته، فثمة إذن أديان مختلفة لدين واحد، وثمة إسلامات تأريخيّة لإسلام واحد، قد تتفق كلها في الكليات الأخلاقية الكبرى، لكنها بلا شك تختلف في رمزيتها وعلاماتها وطرائق تفكيرها. هذا يقودنا إلى نتيجة هامة وهي أن الدين ليس منجزا مغلقا في أحكامه وشعائره ورمزيته الروحية والاجتماعية، بل هو متجدد بتجدد رؤيتنا نحن للنصوص التأسيسية الأولى للدين، وهي الوحي؛ فالوحي هو النص في بقائه حيا طوال التأريخ، وهذا ما يسمّى بالعالمية، ليس في هيمنته على مستوى التفكير الإنساني أو نشره في الأرض بالقوة؛ وإنما في تجدّد قراءتنا له من مرحلة زمنية إلى مرحلة زمنية أخرى.
العلمانية- فكرة وصيرورة - ليست منجزا مغلقا وناجزا حتى نقوم بتفكيك مقاربات المفهوم الدلالية؛ هل يعني المفهوم فصل الدين عن الدولة أم لا؟ ليس هنا محل الإشكال؛ بل علينا تفكيك مقاربات المنهج والأطر التي تشتغل بها، والمناهج التي تعمل داخلها، كلّ ذلك من خلال علاقتها بالإنسان ككائن إنساني فقط، وهو الأهم، بل هو روح العلمانيّة، لأن أيّ مقاربة في دلالة المفهوم ذاته ستضعنا في مأزق فكري عميق، فهو أولا مفهوم تم تصديره من لغة (نسق ثقافي) إلى لغة أخرى (نسق ثقافي آخر)، وهذا يعني أن دلالات مصطلح "La laïcité" تختلف نهائيا عن دلالات مصطلح "العلمانية"، لاختلاف سياقات المعرفة والتطور الحضاري لأنساق العقلين العربي والغربي، وثانيا أن المتلقي لهذا الخطاب في العقل العربي ما زال مهووسا بدلالات المفهوم السلبية، فهو يقيم عملية اختزال كبرى في المفهوم قبل أن يدرك بنية سياقات المفهوم.
يخيّل لي أحيانا أننا يجب أن نتجاوز المصطلح ذاته بخلق مصطلح جديد نفهم من خلاله الحالة التي نحن فيها أو نعيشها؛ لأننا لا نريد إسقاطا تأريخيا للمفهوم في الحضارة العربية، فأي محاولة لإدماج ثقافتين متغايرتين في التضاريس الفكرية تكون نهايتها فاشلة، بسبب اختلاف السياقات التي ولدت فيها كل ثقافة، وثانيا لكي نتمكن من تجاوز كافة الدلالات السلبية للمفهوم ذاته. إن العلمنة لا تلجأ إلى توظيف الدين لمقاربات سياسية واجتماعية، كما أنها لا تشتغل بهدم الأديان، ولا يهمها ذلك، إنما تقوم بتوظيف كليات الفكر الإنساني الكبرى في الحياة المعرفية والحياة الاجتماعية كالعدالة والحرية والمساواة، فهي تعمل إذن وتنمو وتتحرك داخل سياق التعددية والحرية المسؤولة والمساواة الإنسانية التي خنقتها الظرفية التي كانت تشتغل فيها الكنيسة. تتحرك العلمانية إذن ضمن النسق الإنساني، ولا تخضع لتأويلات شخصية أو كهنوتية، بل تقوم بتوظيف التجربة الإنسانية في الحياة، أما علاقة الدين بالعلمنة فهي خاضعة للسياقات الاجتماعية وسياقات التحول الديمغرافي (المعنى الحديث للمصطلح) والوعي العلمي وغيرها، وهو موضوع – أي علاقة العلمنة بالدين- يحتاج إلى مقال آخر مرتبط أيضا بإشكالية التدين من مسألة التقدم.
ينبغي أن لا نقارب مفهوم العلمانية ببعض الأنظمة السياسية التي سقطت في الوطن العربي، فأي مقاربة من هذا النوع لا شك أنها غير منصفة؛ فتلك الأنظمة لم تأخذ من العلمانية إلا ما يخدم أهدافها السياسية فقط، ولم تنشأ العلمانية في تلك الدول عبر صيرورة اجتماعية وتأريخية، ولم يهيأ المناخ المعرفي والسياسي والاجتماعي لكثير من الحقول التي تشتغل عليها العلمانية. وعلى كل حال، فأنا لست من دعاة تطبيق العلمانية في العالم العربي، فالعلمانية بسياقاتها الغربية لا يمكن أبدا أن تهيمن على العقل الاجتماعي والسياسي العربي على المدى القريب.
في شهر يوليو من عام 2012 نشرت مجلةJournal of Democracy مقالا للمستشرق الفرنسي Olivier Roy، المتخصص في دراسات الإسلام السياسي، بعنوانThe Transformation of the Arab Warld، (التغيير في العالم العربي)، ذكر فيه أن تصاعد درجات الأسلمة والتحزب الإسلامي في البلاد العربية لم يكن نتيجة الصراع التأريخي بين العرب وإسرائيل، أي لم يكن الموضوع الذي قامت عليه ثورات الربيع العربي متعلقا بالقضايا الجيوبوليتيكية كما كان الإعلام الغربي يتصور ذلك، كما أنه لم يكن نتيجة تصورات تأريخية متعلقة بإقامة الخلافة الإسلامية؛ بل كان نتيجة أزمة في المفاهيم الكلية الكبرى فيما يتعلق بحقوق الإنسان والعدالة والحرية وإقامة الدولة المدنية وغيرها. كما أنه يرى أن الإسلاميين استطاعوا أن يتأقلموا مع العملية الديمقراطية، وإن كانوا يكفرون بالعلمانية، فالعلمنة وكذلك الليبرالية – حسب نظرته- ليست شرطا في بناء العملية الديمقراطية، فالمصالح السياسية هي من يجبر الإسلاميين على تغيير الخريطة الفكرية في الفكر السياسي، وضرب مثالا على ذلك بالحضارة الغربية، فالتسامح الديني في الغرب لم يكن ناجما عن الليبرالية والتنوير، بل كان نتاج الاتفاقيات المتوالية الناجمة عن الحروب الدينية المدمرة، فالمصالح السياسية كانت السبب الرئيس في توقيع العديد من الاتفاقيات من أجل التعايش السلمي، والسياسات لعبت أدوارا أكبر من الفلسفة واللاهوت.
أيا تكن تلك القراءة التي ينطلق منها O. Roy في دراسته للدوافع التي كانت وراء ثورات الربيع العربي، أو قراءته للمساقات الفكرية للجماعات الإسلامية في قدرتها على الانتقال من الدولة الدينية إلى الدولة الديمقراطية، وفي تقبلها للعملية الديمقراطية بكل إفرازاتها الاستراتيجية. ينطلق Roy فيما يبدو من خارج سياقات التحولات الفكرية العربية والإسلامية بشكل خاص، إذ ينبغي أولا أن نعترف أن ثمة حقول أخرى أكثر أهمية وارتباطا بالدولة المدنية من مجرد قبول فكرة الهيكل الجسدي للعملية الديمقراطية، فالحريات السياسية والفكرية والدينية والاجتماعية، وقبول المتعدد الثقافي والاختلاف الإثني والمذهبي والديني بشكل عام، والدلالات الحضارية لمفهوم المواطنة أهم بكثير من مجرد لعبة سياسية تمشي وفق اللعبة الديمقراطية الهيكلية المعروفة. إن إشكالية الجماعات الإسلامية في العالم العربي أنها تحاول الهيمنة حتى على المصطلحات الغربية الحديثة، فهي تقوم بأسلمة المفاهيم وتجريدها من دلالاتها الحديثة المرتبطة بالدولة المدنية، لتقوم بعملية توليد دلالات دينية لمفاهيم مدنية.
وكلنا يدرك أن العقل الاجتماعي العربي لم يستطع إلى الآن أن يفرض استقرارا في تحولاته الفكرية، لأنها مساقات تنفعل بطبيعة التحولات الاقتصادية، وليس هناك نهضة مؤسساتية في إشكالية التقدم. إضافة إلى ذلك، فإن ثمة خلل آخر يكمن في تفكير الجماعات الإسلامية، وهي محاولتها تطبيق المنهج السلفي (بشكله القروسطي) في مسارات العقل الاجتماعي، وفي ذات الوقت، تقوم بممارسة اللعبة الديمقراطية في الفكر السياسي، وهذا مأزق حضاري وفكري كبير. إنّ بناء الدولة الحديثة يجب أن يخضع لذات مساقات التفكير في كافة عقولها الفاعلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فلا يمكن أن ينفصل عقل ما من عقل الدولة المدني في الأدوات والمنهج؛ لأن أي خلل في ذلك يؤدي إلى خلل في مسألة التقدم ذاتها.
النقطة الأخرى التي غفل عنها O. Roy هي أن انتصار الجماعات الإسلامية في العملية الديمقراطية لم يكن بسبب البرامج الدينية، أو تأثير الخطاب اللاهوتي في العقل الاجتماعي بشكل عام، وإنما بسبب سياقات الأزمة السياسية والاقتصادية والفكرية التي كانت تعيشها الشعوب العربية. ولذلك استطاعت الحركات الإسلامية والراديكالية أيضا استغلال الفراغ الفكري للعقل الاجتماعي، واستغلال الفراغ المنهجي والتنظيري للعقل السياسي. إن الجماعات الإسلامية أدركت جيدا أن العقل العربي وصل إلى مستوى من التفكير كان لزاما عليه أن يتنفس في دائرة أخرى غير تلك الدائرة التي كان يراها أمامه يوميا، والتي كانت سببا مباشرا في انتكاساته المتتالية اقتصاديا وفكريا واجتماعيا. ولهذا ثمة مقاربات منهجية في ضرورة التخلص من الإرث الثقافي القديم، ليس بين الجماعات الإسلامية فقط، وإنما بين النخب الثقافية والسياسية نفسها، وفي تفكير العقل الاجتماعي كذلك. إن تقبل الإسلاميين للعملية الديمقراطية ليس مبدءا سياسيا في ذاته، بل لأنه الطريق الوحيد في صعود الإسلام السياسي عبر صناديق الاقتراع.
إن الاختبار الحقيقي لمبادئ الفكر السياسي للجماعات الإسلامية لا يكمن في مدى تقبلهم للهيكلة الديمقراطية اليوم، وإنما في قدرتهم على فك رموز مفاهيم الحرية والعدالة المساواة في المراحل الزمنية القادمة. أي إيجاد علاقة منطقية بين نظريات الإرث الديني ومفاهيم الدولة المدنية الحديثة، فالإرث الثقافي الذي يؤمنون به وهو ما يعبر عنه بـ " إسلام المرحلة" لا يعطيهم مساحة كبيرة في المناورة الدينية، فليس ثمة مقاربة صادقة بين التراث الديني والمبادئ السياسية للدولة المدنية الحديثة، وبتعبير أكثر إنصافا، فإن جماعات النهضة الإخوانية في تونس مثلا أكثر قدرة عن جماعات الإخوان في مصر في إيجاد مقاربة بنيوية بين الدين والعلمنة لاختلاف السياقات، إذا لم يقعوا في حبال نظريات المؤامرة.
وعلى كل حال، فإن فكر الجماعات الإسلامية قابل للتطور بشكل أو بآخر فالجماعات السلفية الموجودة في نيجيريا مثلا ليست تلك الموجودة في مصر، وهو ما يؤسس على المدى الطويل عملية الانفصال بين المعرفة والإيمان، أو بين التجربة الإنسانية واللاهوت، بمعنى أن أطروحة الإيمان حسب النظريات الفقهية لن يكون لها حضور داخل الحقول التي تؤسسها التجربة الإنسانية كالحقل السياسي والاقتصادي مثلا. ومع أن هذه الفكرة أشار إليها O. Roy في كتابه المعنون بـ فشل الإسلام السياسي، الصادر عام 1990، إلا أن المتأمل في هذه الفكرة لن يجدها نتيجة منطقية لفشل الإسلام السياسي في الدائرة الإيمانية، كما يرى ذلك O. Roy؛ بل هي إحدى النتائج الطبيعية لتقدم الإنسان. فالإنسان سواء أكان كائنا دينيا أم ملحدا يرتبط بفكرة ما في نظرته للكون، ولهذا فإن تدافع الأفكار تصبح سببا مباشرا لتطور مسار التفكير، ونتيجة طبيعية لتقدم الإنسان واكتشافه أجزاء الدائرة الواسعة من الكون. شخصيا لا أستبعد أبدا أن تنادي الحركات السلفية يوما ما بضرورة تطبيق " العلمانية المؤسلمة" بعد أسلمتها تماما، وعلى الغرب كذلك أن يبتعد عن الأحكام الإمبريالية في علاقته بالجماعات الإسلامية، وعليه أن لا يضع منطقة الشرق الأوسط في صراع إثني وديني، فتلك الجماعات ربما تكون قابلة لتكوين شكل جديد من أشكال الدولة المدنية الحديثة الخاصة بالشرق الأوسط.
أحمد الإسماعيلي
المصدر: الأوان
إضافة تعليق جديد