الكاكائيون في مرمى «داعش» وعشائر العراق تدخل على خط المعركة ضد التكفيريين
وجّه تنظيم «داعش» انتهاكاته نحو أقلية جديدة في العراق، حيث طالت جرائمه، يوم أمس، الطائفة الكاكائية التي هجر التنظيم المتشدد أكثر من 10 آلاف شخص من أتباعها، ونسف ثلاثة من أهم مزاراتها الدينية في محافظة نينوى، في ما بدا تعويضاً عن الضربات التي تعرض لها من قبل قوات الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية في الموصل وآمرلي، فيما برز تطوّر ميداني جديد تمثل في قيام بعض مقاتلي العشائر العراقية باستهداف التكفيريين داخل هذه المحافظات.
في هذا الوقت، تستمر المشاورات السياسية بشأن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وذلك بعد انقضاء ثلثي المهلة الدستورية، التي لم يتبق منها سوى عشرة أيام، يتعين خلالها على رئيس الحكومة المكلف حيدر العبادي تقديم تشكيلته الحكومية، وذلك في ظل تأكيد معظم الأطراف على ضرورة تسهيل مهمة العبادي لتجنب إدخال البلاد في أزمة سياسية، قد تكون نتائجها السلبية كبيرة في هذا الوقت الذي يشهد فيه العراق تحديات أمنية خطيرة.
وعاد تنظيم «داعش» إلى استهداف الأقليات في المناطق التي يسيطر عليها، حيث قام بشن هجمات منسقة على أبناء الطائفة الكاكائية في بلدة الحمدانية في نينوى.
وقال أمين بك الكاكائي، وهو أحد وجهاء الطائفة، إن «مسلحي داعش هدموا ثلاثة من أعرق مزاراتنا في الحمدانية، من بينها مزار شيد قبل أكثر من سبعة قرون».
وأضاف أن «عناصر داعش بدأوا بحملات تهجير واستهداف لأبنائنا، انتهت بنزوح أكثر من 10 آلاف شخص صوب القرى القريبة من إقليم كردستان».
يذكر أن الكاكائية هي إحدى الديانات الكردية الباطنية، التي ظهرت في القرن الثاني عشر على يد فخر العاشقين سلطان اسحق البرزنجي، كامتداد لطريقة صوفية ولدت في القرن الثامن على يد قطب العارفين عمرو بن لهب الملقب بـ«بهلول».
وبدأت الكاكائية تنظيماً اجتماعياً عفوياً قائماً على الشباب والفروسية، ثم دخل إليها مزيج من الأفكار والعقائد المستمدة من التصوف والتشيع والمسيحية والفارسية، وهي ليست ديناً أو مذهباً خاصاً ولكنها خليط من الأديان والمذاهب، ولعلها حركة باطنية سرية، وسمّيت كذلك نسبة إلى كلمة «كاكه» الكردية، التي تعني «الأخ الاكبر».
وينتشر الكاكائيون في شمال العراق، وموطنهم الرئيس هو مدينة كركوك، والقرى الواقعة على ضفاف نهر الزاب الكبير في منطقة الحدود العراقية الإيرانية. وتسكن غالبيتهم في كردستان الجنوبية، وخصوصاً في كركوك وخانقين ومندلي وجلولاء وهولير والسليمانية وهورامان، وكذلك في كردستان الشرقية في قصر شيرين وصحنة وكرماشان وسربيل زهاو. كما لهم وجودٌ ملحوظ في تلعفر.
ويأتي استهداف الكاكائيين من قبل «داعش»، في الوقت الذي يتلقى فيه التنظيم الإرهابي ضربات ميدانية على اكثر من جبهة في شمال العراق.
وقال المسؤول العسكري في قوات «البشمركة» شيرزاد محي الدين، إن القوات الكردية أحكمت سيطرتها على سبع قرى محيطة بسد الموصل، وأنها تتقدم حاليا على جبهتين، الأولى باتجاه ناحية زمار في نينوى، والثانية في ناحية جلولاء في ديالى، حيث تمكنت من قتل أكثر من 30 «داعشياً» خلال يومين.
وأضاف محي الدين أن «داعش» بدأ بالانسحاب من المناطق المحيطة بزمار باتجاه مدينة الموصل، معقله الرئيس، إلا أن «عناصره احرقوا مخزونا نفطيا في منطقة عين زالة لإعاقة تقدم البشمركة ومن أجل حجب رؤية الأهداف عبر الطائرات الأميركية بعد تصاعد سحب الدخان بسبب الحريق».
كذلك، حقق الجيش العراقي تقدما باتجاه بلدة آمرلي التي يحاصرها مسلحو «داعش» منذ شهرين، وذلك بعد استعادة السيطرة على عدد من القرى الواقعة جنوبا.
وقال اللواء عبد الامير الزيدي أن الجيش العراقي استعاد السيطرة على عدد من القرى اثناء تقدمه باتجاه آمرلي، مؤكداً مقتل أكثر من عشرين إرهابياً في المعارك.
وإلى جانب تقدم القوات العراقية و«البشمركة» باتجاه المناطق التي سقطت بيد «داعش»، بدأ عدد من مقاتلي العشائر العراقية بتنظيم هجمات ضد التنظيم.
وأكد أحد مقاتلي العشائر أن «ابناءنا تمكنوا من قتل عدد من إرهابيي داعش، حيث تم الهجوم على دورية لهم في منطقة النبي يونس في الموصل برمانات يدوية وتم قتل أربعة».
وأضاف أن مقاتلي العشائر «تمكنوا أيضا من مهاجمة نقطة تفتيش استحدثتها داعش وسط الموصل وقتل عنصرين وجرح اثنين آخرين».
وبدأت بوادر ظهور حركة مسلحة مناوئة لتنظيم «داعش»، في المدن التي يسيطر عليها خاصة في مدينة الموصل، في مشهد يعيد إلى الأذهان الحركة المسلحة التي انتفضت على تنظيم «القاعدة» في محافظة الأنبار قبل سنوات.
في هذا الوقت، استكمل قائد القوات الأميركية في المنطقة الوسطى لويد أوستن جولته على المسؤولين العراقيين حيث زار أربيل عاصمة إقليم كردستان والتقى رئيس الإقليم مسعود البرزاني.
وأشاد أوستن «بالانتصارات التي تحرزها قوات البشمركة»، مؤكداً أنّ التنسيق مستمر بين القوات الأميركية وقوات «البشمركة» في الحرب الدائرة ضد «إرهابيي داعش»، بحسب البيان.
وفي موازاة ذلك، وصل ستة خبراء عسكريين ألمان إلى اربيل لتقدير حجم المساعدات المدنية والعسكرية الألمانية إلى الاقليم الكردي، وذلك بعدما أعلنت الحكومة الألمانية عن استعدادها لتسليح قوات «البشمركة».
وعلى المستوى السياسي، أكد زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر في مؤتمر صحافي مشترك في النجف مع زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم، أمس، على ضرورة مشاركة جميع الأطياف والكتل السياسية في الحكومة الجديدة.
وقال الصدر «إننا متفقون على ضرورة القيام بشراكة حقيقية في العراق لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد، حيث لا مجال لغير ذلك»، مؤكداً أن «الوصول إلى حل يرضي الجميع في الشأن الحكومي ليس بالأمر الصعب». ولفت، رداً على سؤال حول أهمية انفتاح العراق على الدول المجاورة مثل قطر والسعودية، إلى «ضرورة الانفتاح على جميع الدول المحيطة بالعراق من أجل انهاء الأزمات الطائفية».
من جهته، أبدى الحكيم دعمه الكامل لتشكيل الحكومة برئاسة العبادي، مشدداً على أن البحث مع الصدر تناول جميع المسائل خصوصا الشأن الحكومي والشأن الأمني، ومؤكداً على أهمية دور المرجع الديني السيد علي السيستاني و«التحالف الوطني».
وأشار الحكيم إلى أن الحكومة قد تظهر إلى العلن «خلال الأيام المقبلة»، ودعا إلى دعم أبناء «المحافظات في نينوى والأنبار وصلاح الدين في وجه القوى الإرهابية».
وأشار إلى أن روح «التفاؤل والإيجابية والمرونة» هي التي تطغى على عملية تشكيل الحكومة.
وكان العبادي قد أعلن عن رغبته بتخفيض عدد الوزراء في حكومته من «أجل السير بعملية تخفيض النفقات في الموازنة المالية وإدارة مؤسسات الدولة بإستراتيجية جديدة تتلاءم مع المرحلة الجديدة وحجم التحديات التي يواجهها البلد»، وقال مصدر سياسي رفيع أن عدد الوزراء قد يقتصر على 20 وزيرا في الحكومة الجديدة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد