المجلة العريقة والمصير المعلّق: هل يعدم الاخوان «روزا»؟
لم تبصر مجلة «روز اليوسف» النور هذا الأسبوع. أبرز مطبوعة مصرية توقفت عن الصدور للمرة الأولى منذ عام 1925. المجلة التي أسستها الفنانة والصحافية المصرية فاطمة اليوسف والدة الأديب إحسان عبد القدوس لم تصل إلى قرائها للمرة الأولى منذ 88 عاماً، والسبب كما يقول العاملون فيها هو انتقام الإخوان المسلمين من هذه الوسيلة التي هاجمتهم قبل الثورة.
العداء بين «روز اليوسف» والإخوان تاريخي، هي التي رفضت الانحناء للرئيس محمد مرسي بعد الانتخابات الرئاسية المصرية (حزيران/ يونيو 2012). أحدث توقف المجلة صدمة دهمت الشارع الصحافي والسياسي في مصر، بينما كان لها مقدّمات في الأسابيع الأخيرة، بدأت بتظاهر عمال «روز اليوسف» في شارع القصر العيني في القاهرة وقطعهم للطريق بسبب تأخّر صرف رواتبهم، ثم وصل التصعيد إلى حدّ منع طباعة مجلة «صباح الخير» يوم الثلاثاء الماضي لتحتجب المجلة الشبابية الشهيرة للمرة الأولى منذ عام 1956. تلى ذلك منع طباعة صحيفة «روز اليوسف» اليومية التي صدرت عام 2005، وظلّت محسوبة على جمال مبارك نجل الرئيس السابق حسني مبارك حتى قيام الثورة. غير أن أكثر المراقبين تشاؤماً لم يتوقع أن تصل الأزمة إلى حدّ منع مجلة «روز اليوسف» نفسها من الصدور. ويبدو أن خلفية ما جرى أزمة ممتدة منذ عقود. ديون تتراكم على المؤسسات الصحافية الحكومية بسبب سيطرة الأنظمة الحاكمة عليها، ما أفقدها ثقة الجمهور لفترات طويلة فتراجعت الإيرادات رغم زيادة الإنفاق. إجمالي ديون المؤسسات الحكومية في مصر تخطّى حاجز المليار ونصف المليار دولار تقريباً. أما ديون «روز اليوسف»، فلا تقل عن 40 مليون دولار. منذ سقوط مبارك، لم يعد النظام الحاكم يتدخل لإنقاذ المؤسسات من عثراتها المادية، والهدف هو دفعها إلى الانهيار، وتصفية صحف الدولة المملوكة من الشعب بنصّ القانون. كذلك فإنّ معظم تلك الصحف كانت تهاجم الإخوان بعنف قبل الثورة، وأخونتها ليست سهلة. لكن الجديد في أزمة «روز اليوسف» أنّ عجز الإدارة عن توفير رواتب الموظفين الذين أضربوا ومنعوا الطباعة، تزامن مع ظهور دعوات هي الأولى من نوعها للاستعانة بقيادات من الخارج، بل لترشيح صحافي إخواني لقيادة المؤسسة هو قطب العرب. العمال الراغبون في ذلك هم أقلية حتى الآن. يقولون إنّهم غير مهتمين بمن يقود المجلة، والمهم هو دفع الأجور المتراكمة. لكن مقاومة عنيفة بدأت داخل المؤسسة لمنع تمكين الإخوان من المجلة. أما «المجلس الأعلى للصحافة» التابع لمجلس الشورى المتحكّم قانوناً في المؤسسات الحكومية، فما زال قادته يطلقون التصريحات المعتادة بأنّهم يدفعون ما يستطيعون لإنقاذ المؤسسة وأن الحلّ يكمن في إعادة هيكلتها مادياً. كل شيء مجمّد، بينما يؤكّد صحافيو «روز اليوسف» أنّ قيادات إخوانية قالت لهم حرفياً: لماذا تريدون أموالاً من الدولة وأنتم تهاجمون الإخوان؟
محمد عبد الرجمن
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد