المسألة العلوية في تركيا

11-12-2007

المسألة العلوية في تركيا

بالأمس مارس المتشددون من العلمانيين فصلا جديدا من انتهاكهم لحقوق الإنسان، عندما منع ضابط في الجيش الطالبة «توحيدة» من نيل جائزة وأنزلها عن المسرح، فقط لأنها محجبة.
وبالأمس، انكشفت حادثة تعكس التناقضات التي تعيشها تركيا في أكثر من مجال. وتبين، في تقرير رسمي للجنة تحقيق برلمانية، أن الطالب «ب ك» في إحدى الثانويات في اسطنبول قد تعرض للضرب، على الأقل مرة واحدة، في كل أنحاء جسمه من جانب...أستاذه زكي يلماز. أما السبب فهو لأن الطالب ينتمي إلى المذهب العلوي، فيما الأستاذ للمذهب السني.
في احد أيام شهر رمضان الفائت عاد الطالب المذكور إلى المنزل غير مرتاح، ولم يبح لوالده عن السبب، لكنه أفصح له بعد مدة أن معلمه رأى فتاة تأكل خلال رمضان، فسألها المعلم ما إذا كانت علوية فأجابته بالإيجاب، ثم سأل هل في الصف علويون فقال له احد الطلاب، هو «ب ك»، «نعم أنا علوي» وسرعان ما قال المعلم مهددا «حسنا لك مني شيء»، بمعنى: حسابك عندي.
وفي وقت لاحق تبين أن المعلم المذكور قد ضرب التلميذ على رأسه وبطنه ورجليه وخفض له علاماته المدرسية. واشتكى الوالد إلى وزارة التربية ومحافظ اسطنبول والجهات المعنية، وما لبثت لجنة تحقيق برلمانية أن أكدت الحادثة، وقيام المعلم بضرب التلميذ فقط لأنه علوي. وورد أن المعلم يستخدم مفردات مسيئة للعلويين أثناء الدروس، وان مدير المدرسة حاول التعمية على الحادثة بالقول انه من غير الممكن حدوثها في المدرسة. وقد انعكست هذه الحادثة توترا حتى داخل بلدية ايسين يورت حيث يعمل والد التلميذ الذي تعرض للضرب، رغم أن زوجته سنية.
وقد أثارت الحادثة اهتماما إعلاميا واسعا، دفعت برئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، بناء لمناشدات إعلامية لتطويق ذيولها، إلى الاتصال بالطالب العلوي واستنكار ما حصل، تماما مثلما فعل لدى اتصاله بالطالبة المحجبة توحيدة مستنكرا ما حدث معها أيضا. كما أعادت الحادثة إلى الواجهة المطلب العلوي في إلغاء درس الدين الإجباري على المذهب السني الوارد في الدستور، رغم أن الدولة علمانية، علما بأن العلويين كانوا ربحوا دعوى لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بعدم إلزام العلويين بتلقي الدين بحسب معتقد آخر غير معتقدهم.
وفي هذا الوقت، ظهرت حادثة أخرى تمثلت في إقدام احد الأئمة في إحدى قرى سيواس على نزع صور الإمام علي والأئمة الـ12 من على جدران مركز عبادة علوي، رغم أن القرية كلها علوية ولا يصلي احد خلف ذلك الإمام، بل سعى هذا إلى تحويل «بيت الجمع» العلوي إلى جامع. وذكر احد النواب انه سينقل الحادثة إلى البرلمان التركي.
يثير النزاع العلوي ـ السني في تركيا من جديد نقاشا حول السبل الواجب اتخاذها لنزع فتيلها. ويقول النائب من اصل علوي عن حزب العدالة والتنمية المفكّر رها تشامور اوغلو إن الحزب قد كلفه هو، ونائبين علويين آخرين، بإعداد مقترحات لحل «المشكلة العلوية» تنطلق من الاعتراف بالخصوصية العلوية وإمكانية تشكيل مجلس خاص بهم، والاعتراف بمراكز عباداتهم المسماة «بيوت الجمع»، وتأمين رواتب للمشايخ العلويين ومصاريف بيوت الجمع من خزينة الدولة، كما هو معمول به مع الجوامع ورجال الدين السنّة، وكذلك جعل درس الدين اختياريا وليس إجباريا لكل الطلاب.
ويشكك العلويون، أو بعضهم، بمشروع الحكومة الجديد الذي لم يتبلور بعد، وينظرون إليه على انه محاولة لسيطرة الدولة على الحركة العلوية، بل يهدف إلى «تسنين» العلويين (أي تحويلهم إلى سنة)، وهم الذين يقاربون على الأقل خمس السكان، أي من 16 إلى 20 مليونا، علما بأن اردوغان كان قد وصف قبل مدة قصيرة في برنامج تلفزيوني بيوت الجمع بأنها «مراكز ثقافية!» فيما مكان العبادة هو الجامع.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...