المقاومة تشيّع أبطالها المحرَّرين

18-07-2008

المقاومة تشيّع أبطالها المحرَّرين

١٩٧ شهيدا، على متن ثماني منصات زينت كل منها بالورود، وبالرايات، اللبنانية والفلسلحن الموت تعزفه كشافة المهديطينية، وبمجسم للشهيد المقاوم عماد مغنية، وبعبارة »شهداء النصر«.
من فلسطين إلى بيروت، تناثر الأرز يغمر مواكبهم. من فلسطين إلى بيروت، علت الزغاريد تنشد استقبالا يليق بالأبطال.
من فلسطين إلى بيروت، مرورا بالناقورة، وصور، والزهراني، وصيدا بوابة الجنوب وحاضنة المقاومة، وقرى الإقليم الساحلية، وخلدة، وصولا إلى بيروت النور والضاحية البهية.
من فلسطين إلى بيروت، مرورا بكل حبة تراب تستعد لاحتضان أجسادهم، على اتساع أرض قاومت وتقاوم بكل ألوان طيف الانتماءات الحزبية والجنسيات، ولكن دوما بهوية واحدة، عربية، وفي سبيل قضية واحدة، فلسطين.
من فلسطين الى بيروت، موكب واحد، لشهداء صار بعض ذويهم اما في الضفة أو القطاع أو المهاجر... ولشهداء أمميين ذابت أطرهم وربما يتحولون الى وديعة ترقد بجوار مقاومين لبنانيين وفلسطينيين وعرب..
بالأمس كان أيضا يوم أم سمير القنطار، أم ماهر كوراني، أم خضر زيدان، أم حسين سليمان وأم محمد سرور. بات أبناؤهن في أحضانهن. باتوا هنا، ولما استفاقوا في الصباح، كانوا هنا ما يزالون.
لليوم الثاني، على التوالي، عاش لبنان عرسا وطنيا حقيقيا، بينما كانت اسرائيل تغرق في حالة من الهستيريا السياسية، عبّرت عنها التهديدات التي صدرت على لسان محافل سياسية، والرسائل الهاتفية الصوتية التي تم توجيهها الى اللبنانيين، فضلا عن استمرار الاستنفار الجزئي في منطقة الحدود اللبنانية الفلسطينية وتكثيف الطلعات الجوية الاستفزازية.
وبينما كان موكب الـ١٩٧ شهيدا يخترق شرايين الجنوب وعاصمته صيدا وساحل الشوف وصولا الى العاصمة، كانت بلدة عبيه في قضاء عاليه، باستقبالها ابنها عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار، تعيد تثبيت وتطوير الصورة الوطنية الجامعة التي عكسها استقبال الأسرى الخمسة في مطار الشهيد رفيق الحريري، والتي تم تتويجها بالخطاب الوطني والعربي التوحيدي للأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله، فيما كانت اللجنة الوزارية تعقد أول اجتماعاتها في السرايا الكبيرة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وتضع »المقدمات الأولى« للبيان الوزاري، في ظل توجه بعقد اجتماع ثان اليوم، وثالث غدا، تمهيدا لانجاز مسودة البيان في موعد أقصاه الاثنين المقبل.
واكدت مصادر وزارية لـ»السفير« ان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اشاد خلال ترؤسه اجتماع جلسة لجنة البيان الوزاري امس، بخطاب السيد حسن نصر الله، معتبرا انه يتضمن الكثير من الايجابيات.
وذكرت اوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري، انه في حال تلقى المجلس النيابي البيان الوزاري، الاثنين المقبل، فإن جلسة الثقة ستبدأ اعتبارا من الخميس المقبل، وعلى جولات نهارية ومسائية، ومنقولة مباشرة عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة.
- وقد تفاعل خطاب السيد نصر الله داخليا، وجاءت ترجمته السياسية العملية الأولى، في القرار الذي اتخذه بإيفاد وزير العمل محمد فنيش لكي يمثله في حفل استقبال الأسير القنطار في عبيه، الذي تحول الى مهرجان سياسي هو الأول من نوعه يجمع فريقي الرابع عشر من آذار والثامن من آذار منذ ثلاث سنوات، وتميز بكلمات رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط والوزير فنيش والقنطار، بما تضمنته سواء من عناوين مشتركة أو ببعض النقاط الخلافية التي لم تفسد مناخ المهرجان على الرغم من الهتافات والهتافات المضادة التي تخللته وكانت متوقعة في معظمها من الجانبين.
- وشدد الوزير فنيش على دخول الجميع في مرحلة الوفاق والأيدي المفتوحة »بعدما تجاوزنا خلافاتنا وأصبحنا شركاء في القرار في حكومة وحدة وطنية«، داعيا الى اعتماد خطاب سياسي موضوعي توحيدي بعيدا عن التحريض والتوتير والتشنج والى »طي صفحة الماضي مهما كان التباين«. وقال »ان الحوار هو الطريق من أجل أن يكون لدينا قوة تحرير وقوة دفاع عن الأرض، و»حزب الله« ليس لديه أي عقدة كما سمعتم على لسان السيد حسن نصر الله. نحن من يطالب بالاسراع في الحوار ونحن من يطالب بوضع استراتيجية دفاعية«.
- وألقيت كلمات للوزير طلال ارسلان ونائب رئيس الحزب القومي محمود عبد الخالق وأخيرا للقنطار الذي شدد على الحفاظ على سلاح المقاومة وعلى تراث كمال جنبلاط وقال ان ابناء الجبل »أوفياء لسوريا التي ساعدتنا في اللحظات الصعبة حتى لو اختلف البعض معها«. معتبرا أن الحرب التي شهدها الجبل كانت حربا وطنية وليست حربا أهلية.
وكان الأسرى المحررون قد زاروا ضريح الشهيد عماد مغنية وشاركوا في مؤتمر دعم المقاومة قبل أن ينتقلوا الى قراهم في الجبل والجنوب.
١٩٧ شهيدا بينهم
- على صعيد رفات الشهداء الـ،١٩٧ التي استقرت أمس، في باحة مؤسسة شاهد على طريق المطار، أنهى »حزب الله« ليلا، الترتيبات المتعلقة بفحص جثامين ثمانية شهداء مقاومين سقطوا في »حرب تموز« وأسرها الاسرائيليون ووضعوا لها ترتيبا خاصا في منطقة الجليل الأعلى. ومن المقرر أن يشيع »حزب الله« هؤلاء الشهداء عند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم من أمام مجمع سيد الشهداء في الرويس في الضاحية الجنوبية باتجاه بئر العبد، حيث ستقام مراسم خاصة بالشهداء وتلقى كلمة من وحي المناسبة، على أن تنقل جثامين الشهداء الى بلداتهم ليواروا الثرى فيها.
أما على صعيد باقي الرفات الـ ،١٨٩ فقد بدأ فريق كبير من »حزب الله« وبمعاونة فرق طبية متخصصة، في عملية كشف عليها يفترض أن تنجز، اليوم، في موازاة ترجمة تقرير عبري قدمه الاسرائيليون حول وضع هذه الرفات تفصيليا.
وقد تبين أنه في حالات محددة كان الاسرائيليون وبعد أن يعثروا على أوراق ثبوتية مع الشهداء المقاومين، يصار الى تثبيت ذلك على جثثهم التي توضع عادة في أكياس بلاستيكية قبل دفنها، وذلك بعد التقاط صورة للشهداء في المشرحة (مع وضع التاريخ والمكان)، وفي حالات أخرى، كان يتم الاكتفاء بالصورة وتحديد المكان والزمان، غير أن الصور يمكن ان تفيد في الحالات التي لم تصب بأية تشوهات، بينما في حالات أخرى يكون متعذرا التعرف على أصحابها.
وتبين أن هناك ما يفوق المئة نعش سجل عليها الاسرائيليون أسماء الشهداء، بينما سجلوا على قسم آخر، مكان العملية وتاريخ الاستشهاد، وقسم ثالث سجل عليه تاريخ الاستشهاد فقط، من دون ذكر العملية...
وتردد أن بين الشهداء نحو مئة وأربعين فلسطينيا على الأقل، أما البقية (حوالى الخمسين، فهم من جنسيات مختلفة وأغلبيتهم على الأرجح من اللبنانيين).
وقال ضباط لبنانيون ان الاسرائيليين أبلغوا الجانب اللبناني أنهم أقفلوا نهائيا ملف القتلى الذين دفنت جثثهم في »مقبرة الأرقام« في شمال فلسطين المحتلة، وأن أغلبية من دفنوا فيها هم مقاتلون لبنانيون أو فلسطينيون أو من جنسيات أخرى، انطلقوا من الأراضي اللبنانية وقتلوا على الأراضي الفلسطينية المحتلة«، وأنه ليس بينهم على الأرجح، مقاتلون سقطوا في مراحل مختلفة في الجنوب اللبناني خلال فترة الاحتلال، ذلك أن الميليشيات المتعاملة مع الاحتلال (سعد حداد أو انطوان لحد) كانت تقوم اما بدفنهم في مكان استشهادهم أو في أماكن مجهولة ومتفرقة وليس في مكان واحد.
وأكد الضباط أنفسهم أن ذلك يعني أن عددا كبيرا من الجثامين التي ينتظرها أهلها قد لا تكون من بين العائدين ولكن الدولة اللبنانية ستبدأ على الفور بالتحضير لملف المفقودين من لبنانيين وفلسطينيين وعرب خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي للجنوب اللبناني (بين ١٩٧٨ و٢٠٠٠).
وفي ما خص رفات »اميرة الشهداء« دلال المغربي، أكدت المصادر نفسها أن الاسرائيليين سلموا رفات أربعة مقاتلين قالوا انهم ضمن مجموعة المغربي، وعلى الأرجح، تم دفنهم سوية، ولذلك ستجري عملية فحص للحمض النووي (دي ان ايه) خلال ٤٨ ساعة من أجل التعرف على الأربعة وما اذا كانت المغربي بينهم، خاصة وأنه تردد في لحظة العملية أن بعض المشاركين فيها وبينهم المناضل اللبناني يحيى سكاف قد سقطوا شهداء قبل نزولهم الى الشاطئ.
وبادرت عائلتا المغربي وسكاف وعشرات العائلات اللبنانية والفلسطينية تلقائيا الى تقديم تقارير طبية وعينات للمساعدة في اجراء فحص الحمض النووي في أسرع وقت ممكن.
يذكر أن الاسرائيليين تسلموا، في المقابل، أمس الأول، من المقاومة، اشلاء جنود سقطوا خلال »حرب تموز« وبينهم جثة شبه مكتملة وقد وضعوا جميعا في صندوق خشبي اسود تم تسليمه بعيدا عن الشاشات، فيما لوحظ أن الاسرائيليين تعاملوا مع الموضوع بتحفظ وبدون ضوضاء اعلامية... نتيجة الاحراجات التي يسببها لهم هذا الملف، خاصة وأنها لم تبلغ عائـلات جنودها الذين سقطوا في حرب لبنان في حالات معينة بوجود اشلاء تركت في أرض المعركة.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...