النور السورية: حسبك تجنب اللوم حول "رواية اسمها سورية"
كتب منير بعلبكي في تقديم (المورد) أشهر قواميس الإنكليزية ـ العربية وأفضلها أن من يؤلف كتاباً يحلم بالمجد. أمّا من يحقق قاموساً فحسبه فقط تجنب اللوم. ويستطيع نبيل صالح أن يستخدم الآن المقولة ذاتها بعد صدور (رواية اسمها سورية) رغم أنه أنجز كتاباً لا قاموساً، غير أن كتاباً كالذي أنجز يبرر النظر إليه كقاموس أو حتى كموسوعة ـ يشار إلى ما غاب عنها أكثر مما يحكى ـ ربما ـ عما ورد فيها. فقد اختار من المئة عام السورية الأحدث مئة شخصية رأى أنها ساهمت في تشكيل وعي السوريين. وبما أن الوعي لا تشكله السياسة وحدها فقد كان بين الشخصيات المئة إلى جانب السياسيين الفنانون والأدباء ورجال الفكر والثقافة والاقتصاد. وفي سعة الزمان وتعدد توجهات الأشخاص كان لا بد أن يتملك القارئ إحساس ما بأن هذا الشخص أو ذاك يستحق الحضور في رواية الصالح. وهنا نعود إلى البداية وضرورة التمييز بين حالة كتاب توثيقي بروح أدبية، وحالة قاموس (أو موسوعة). ففي الثانية يكون غياب اسم هام خطأ معيباً. فيما التفكير في الأولى نحو من حضر وليس نحو من غاب. وبكلمات أخرى: لا يعني غياب شخصية مؤثرة ـ أو أكثر ـ انتقاصاً من أهميتها، أو نفياً لمساهمتها. ذلك أن مئة شخصية ببساطة شديدة لا تكفي لاختزال قرن من تاريخ سورية. وهنا يصبح خيار المؤلف محكوماً باعتبارات عدة. بعضها أن تستطيع الشخصية المختارة التعبير عن المرحلة، أو الفكرة. ولو وجدت إلى جوارها وفي زمنها شخصيات على درجة عالية من الأهمية. إلا أنها تمثل المرحلة والفكرة ذاتها. وأتجنب الأمثلة هنا حتى لا أقع في شرك الإساءة إلى أحد. أو افتراض الانتقاص من قيمة إنسان ما.
لا ينفي ما سبق حق أي قارئ في انتقاد اسم أو حضور اسم. من جهتي لم أجد بين المئة من لا يستحق أن يكون موجوداً في كتاب يحدد هويته بهذه الطريقة.
ومثلي مثل غيري وجدت أن هناك أسماء في تاريخ سورية غابت وهي جديرة بالحضور.
منها على سبيل المثال توفيق طارق، رائد الفن التشكيلي السوري: الضابط والمعمار والطبوغرافي الذي مثل حالة فريدة في زمانه، وما تزال سورية تحفظ العديد من إنجازاته. وصلحي الوادي وهو الاسم الأشهر بلا منازع حين يكون الحديث عن الموسيقا الكلاسيكية في سورية، وعن التدريس العلمي للموسيقا وعن المعاهد والفرق والحفلات.
ومما لا ريب فيه أن كتاباً طموحاً مثل كتابنا هذا لا بد أن يثير الكثير من الجدل: لا حول الحضور فيه والغياب عنه فحسب، وإنما أيضاً حول ما ورد في السير الذاتية لبعض شخصياته بما يترجم رأياً أو آ راء تثير آراء مناقضة، ولكن يشهد لكتاب النصوص أنهم سعوا لتقديم صور منصفة عن الأشخاص الذين تناولوا سيرهم، بصياغة تمزج بين التوثيق وروح القصص الأدبي، وبالمحصلة فإن خطوة نبيل صالح تستحق التقدير في كل الأحوال. وتستحق الحوار، والمتابعة، وأعتقد أن من حق آخرين هنا استكمال ما اعتبروه نقصاً. وأستعيد هنا من الذاكرة حدثاً ثقافياً أثار جدلاً كبيراً قبل نحو عشر سنوات يوم أصدرت السيدة منى أتاسي كتاباً عن الفن التشكيلي السوري في مئة عام. فقوبل بحملة شعواء من فنانين لم ترد أسماؤهم فيه، فساقوا سلسلة من الاتهامات ضد الناشرة تتجاوز أي منطق. والمؤسف أن بعض أعلى الأصوات كانت لفنانين يسعون لتقديم أنفسهم بمظهر حضاري متمدن، ولا يكفون صباح مساء عن التغني بالديمقراطية والحوار وحق الاختلاف. ثم وصل الأمر إلى مسؤول كبير في البلد فأعلن عن استعداده لإصدار كتاب آخر يستدرك نواقص الكتاب الأول. وقدم كل الدعم الذي احتاجه ذلك، وشكلت اللجان المركزية والفرعية ولجان المتابعة والتنفيذ، لكن أياً من هذه اللجان في واقع الأمر لم تفعل شيئاً، واكتفى الفنانون الغاضبون بما أطلقوه من اتهامات وشتائم. وبعد مرور عشر سنوات على كتاب منى أتاسي، لم يصدر الكتاب الآخر.
هل تصلح خاتمة لهذه الخاطرة المقولة الشهيرة:
(خير أيضاً مرة أن تشعل شمعة بدل أن تلعن العتمة)؟!
فارس إبراهيم
المصدر: النور
إقرأ أيضاً:
الوطن العمانية: «رواية اسمها سورية» تحلل الشيفرة الثقافية للسوريين
الحياة: «رواية اسمها سورية» تثير عاصفة نقدية في دمشق
المستقبل: «رواية اسمها سورية» استقراء لفلسفة تاريخ سورية الحديث
الشرق الأوسط: «رواية اسمها سورية» كتاب جريء بالمقياس السوري
الوطن السورية: «رواية اسمها سورية» انعاش للذاكرة الوطنية
الراية القطرية: «رواية اسمها سورية» استقراء لتاريخ سورية الحديث
السفير: «رواية اسمها سورية» تجمع الأبطال والأشرار وتثير شهية النقاد
الكفاح:«رواية اسمهاسورية» مدونةعاطفية وثائقية تجمع الجمالي بالسياسي
قناة المنار: «رواية اسمها سورية» تتجاوز حدود سايكس بيكو
الثورة : "رواية اسمها سورية" تقدم ذاكرة السوريين بلغة الأدب
مونتكارلو: «رواية اسمها سورية»ترسم خريطة سورية الثقافية خلال قرن
الدستور: مئة شخصية تروي التاريخ السوري في "رواية اسمها سورية "
مجلة شبابلك: «رواية اسمها سورية» كتاب كل السوريين
سيريا نوبلز: «رواية اسمها سورية» بين التشويق والتأريخ
الأخبار: العسكر والسياسيون يتداولون بطولة «رواية اسمها سورية»
إضافة تعليق جديد