الوطن العمانية: «رواية اسمها سورية» تحلل الشيفرة الثقافية للسوريين
(رواية اسمها سوريا) هو الاسم الذي اختاره الكاتب والإعلامي السوري نبيل صالح لإصداره الموسوعي والذي تناول من خلالها مئة شخصية أسهمت في تشكيل وعي السوريين في القرن العشرين. تتألف (الرواية) الموسوعة من (1600) صفحة موزعة على ثلاثة مجلدات، شارك في إعدادها على مدار عام كامل أربعون كاتبا بين أديب ومفكر ومؤرخ وناقد وروائي سوري صاغوا بشكل درامي مشوق أحداث تلك الرواية بأبطالها المئة .. لتكون مرجعا مهما يستعرض من خلال حياة تلك الشخصيات، الأحداث والتطورات التي شهدتها سوريا خلال القرن الماضي على المستوي السياسي والاجتماعي والثقافي ...
ويقول نبيل صالح في تقديمه للموسوعة: التاريخ هو حركة الذئاب في الزمن، وكذلك هي الرواية. ليس هناك من أخيار أو أشرار بشكل مطلق، فما هو شر بالنسبة لنا خير بالنسبة لأعدائنا، والعكس صحيح، فقيمة كل امرئ بحسب ما يقدم لأهله وقومه ووطنه أولاً، وللمثل العليا ثانياً، حيث تبدو الأخلاق أمراً ثانوياً عندما تعترض مصالح الأمة. وهذا أمر يفهمه السياسيون والقادة الكبار في اللحظات التي يمر فيها التاريخ متدفقاً بين أيديهم، مثلما تمر العجينة بين يديّ الخباز إلى بيت النار، فإما أن يتلقفها في اللحظة المناسبة رغيفاً حقيقياً، تتلمسه أيدي الشعب وأسنانه، وإما أن تتجاوزه اللحظة، فيحترق ما كان بين يديه ويذهب إلى العدم. حاولنا في هذا العمل استقراء فلسفة تاريخ سوريا الحديث عبر سرد حكايات مئة شخصية أدركت القرن العشرين، وقد توفرت على اختيارها لجنة إشراف مؤلفة من نخبة من المفكرين والباحثين الأكاديميين. وأضاف: قمنا بغربلة هذه الشخصيات المئة، لنختارها من بين 190 اسماً، وهم الممثلون الفحول لطبقات القادة والسياسيين والعلماء والمفكرين والشعراء والكتاب والفنانين. وعرضنا هذه الشخصيات بحيث تكوّن مجموعة أبطال رواية اسمها سوريا التي عملتُ على تحريرها، بحيث تكون أقرب إلى سيناريو درامي تتوفر فيه المتعة والتشويق لسير الأحداث والشخصيات على امتداد (1600) صفحة.
وأشار صالح إلى أن وضع المراجع والمصادر كان في نهاية الكتاب بدلاً من نهاية كل بحث، حتى يبقى ضمن الجو الروائي للكتاب، (وقد رتبنا ورود الشخصيات بحسب سنة ولادتها حتى نحافظ على التسلسل التاريخي لأجواء الرواية).
وأكد صالح أن الهدف النهائي من هذا الكتاب استقراء الحكايات الحلوة والمرة التي تشكل جزءاً كبيراً من ذاكرة السوريين، وذلك للتعرف على الشيفرة الثقافية التي تملي عليهم سلوكهم وتفاصيل حياتهم. وعن مبررات كتابة هذه (الرواية) الممتعة يقول الاعلامي نبيل صالح: منذ بداية المد الأيديولوجي وهيمنة الأحزاب على الحياة السورية في الخمسينات سادت الثقافة الماضوية المرتبطة بهذه الأحزاب من ثقافة الفينيق إلى الرسالة العربية الخالدة إلى الثقافة الإسلامية..!! هذه الثقافة ساعدت في تغريب السوريين عن ثقافتهم المعاصرة المغيبة إلى درجة أن تلك الأحزاب قد نسيت حتى سير مؤسسيها لصالح أيديولوجياتها، فكان أن انصرف الجمهور عن كل ما يتعلق بالثقافة العقائدية التي وسمت الحياة العامة ..، وما قمنا به ليس أكثر من إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي بأمل أن يستعيد السوريون وجههم الحقيقي بعد غربة طويلة.
وفي دلالة واضحة شغل الجانب الثقافي والفكري حوالي ربع الموسوعة حيث وصل عدد الشخصيات الثقافية والفكرية الى 25 شخصا.. وبدأت (الرواية) بحكاية ابو خليل القباني رائد المسرح في سوريا لتختتم بحكاية لا تقل امتاعا مع الشاعر سليم بركات (ديك الحي الفصيح) . وكان من المفكرين رضا سعيد (رجل العلم الأول) عبد الحميد الزهراوي (تصور الحرية) محمد كردعلي (الدعوة إلى الديمقراطية) ساطع الحصري (رائد الفكر القومي) زكي الأرسوزي (فيلسوف القومية العربية) أنطوان مقدسي (شيخ المثقفين السوريين) صادق العظم (استنفار الملائكة والشياطين) .... اما من الادباء فكان ممدوح عدوان (ساموراي الثقافة السورية) حنا مينة وأدونيس (رسول الحداثة العربية) وزكريا تامر ومحمد الماغوط ووليد إخلاصي وحيدر حيدر وهاني الراهب وسعدالله ونوس وبوعلي ياسين وسليم بركات. ومن الفنانين استعرضت الرواية حياة دريد لحام ونهاد قلعي وتيسير السعدي وعمر البطش .. ومن التشكيليين حضر فاتح المدرس (شاعر الرسامين ورسام الشعراء) لؤي كيالي (تراجيديا فنان), أدهم اسماعيل (الفارس العربي).. وبطبيعة الحال كان للسياسيين دور بارز ولو انه لم يأخذ نفس حجم المثقفين في الموسوعة الرواية حتى ليظن القارئ ان تاريخ سوريا صنعه المثقفون اكثر مما أثرّ فيه السياسيون، وقد ضمت الموسوعة على هذا الصعيد قائمة هامة: يوسف العظمة, ابراهيم هنانو سلطان باشا الأطرش جمال عبدالناصر الرئيس حافظ الأسد ولم يغب عنها.. فوزي القاوقجي ومعروف الدواليبي، صلاح جديد، أنطون سعادة، حسني الزعيم، أكرم الحوراني، شكري القوتلي، فضلا عن خالد بكداش ومصطفى السباعي، كما لم يغب فيصل الأول عن الموسوعة ومثله عبدالحميد السراج.. وفيما تجاهل نبيل صالح عدد من رؤساء سوريا السابقين مثل أمين الحافظ ونور الدين الاتاسي لم يتجاهل صلاح الجديد كما لم يتجاهل سليمان المرشد .. في الوقت الذي يتم تجاهل مثل هؤلاء في أي كتاب مدرسي. وكان للعلماء حضور ودور في رواية اسمها سوريا حيث استعرضت شكيب أرسلان وعز الدين القسام وعبدالرحمن الكواكبي فضلا عن محسن الأمين. وبطبيعة الحال لم تغب المرأة عن (الرواية) ولا سيما وان المعروف عن نبيل صالح انه من اشرس المدافعين عن حقوق المرأة فحضرت كل من مريانا مراش وماري عجمي وعادلة بيهم الجزائري ووداد سكاكيني وغادة السمان.
وكان طبيعيا ان يثير اختيار مئة شخصية للعب دور البطولة في هذه (الرواية) اعتراضات كثيرة عن كيفية الاختيار والمنهجية التي حكمته والمعايير التي اتبعها نبيل صالح والهيئة الاستشارية المؤلفة من د. محمد محفل وأحمد برقاوي ويوسف سلامة ومحمد جمال باروت. وحول هذا قال، المؤرخ محمد محفّل: المنهج هو دور الشخصية وتأثيرها في محيطها؛ كم عرف الشخص وانتشر وأثر في الأوساط الشعبية، والأثر الذي تركه في ما بعد. لكن المشروع لم يقفل وقد نضيف خمسين شخصية أخرى. من جانبه يقول نبيل صالح: لم أستطع أن أرى سوريا يوماً مجسدة في تلك الخريطة التي كنا نرسمها في المدرسة، ذلك أن كل بلدان العالم لها خرائط وفيها جبال وأنهار وأشجار وسهول وبحار, وليس في ذلك ما يميزها عن بعضها. فأنا أعتقد أن الوطن هو تلك السمة التي يحملها المواطنون في داخلهم, وبالتالي أرى أن سوريا موزعة في كل العالم بحسب توزع أبنائها فيه, ومن هنا انطلقنا لوصف سوريا, عبر توصيف السوريين, وبما أننا لا نستطيع توصيفهم جميعاً, كان لزاماً علينا أن نختار عينات من نخبها الفكرية والسياسية والفنية والعسكرية وعبر مرحلة زمنية تمتد لثلاثة أجيال. ومن ثم تقديمها, كما لو أنها شخصيات روائية تاريخية نستعيد عبرها أيام السوريين ونكهتها منذ قرن إلى اليوم, من المرحلة العثمانية, فالفرنسية, فالاستقلال فالحقبة البعثية, من خلال مسار أشخاص مشوا خلف أقدارهم على وقع الحروب والمعارك والانقلابات والمؤامرات.
وحيد تاجا
المصدر: الوطن العمانية
إقرأ أيضاً:
الحياة: «رواية اسمها سورية» تثير عاصفة نقدية في دمشق
المستقبل: «رواية اسمها سورية» استقراء لفلسفة تاريخ سورية الحديث
الشرق الأوسط: «رواية اسمها سورية» كتاب جريء بالمقياس السوري
الوطن السورية: «رواية اسمها سورية» انعاش للذاكرة الوطنية
الراية القطرية: «رواية اسمها سورية» استقراء لتاريخ سورية الحديث
السفير: «رواية اسمها سورية» تجمع الأبطال والأشرار وتثير شهية النقاد
الكفاح:«رواية اسمهاسورية» مدونةعاطفية وثائقية تجمع الجمالي بالسياسي
قناة المنار: «رواية اسمها سورية» تتجاوز حدود سايكس بيكو
الثورة : "رواية اسمها سورية" تقدم ذاكرة السوريين بلغة الأدب
مونتكارلو: «رواية اسمها سورية»ترسم خريطة سورية الثقافية خلال قرن
الدستور: مئة شخصية تروي التاريخ السوري في "رواية اسمها سورية "
مجلة شبابلك: «رواية اسمها سورية» كتاب كل السوريين
النور السورية: حسبك تجنب اللوم حول "رواية اسمها سورية"
سيريا نوبلز: «رواية اسمها سورية» بين التشويق والتأريخ
الأخبار: العسكر والسياسيون يتداولون بطولة «رواية اسمها سورية»
إضافة تعليق جديد