الوكالة الذرية تقترح إرسال بعثة خاصة إلى إيران
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس، أنها تنوي إرسال بعثة خاصة إلى ايران لـ«توضيح» النقاط الواردة في تقريرها حول برنامج طهران النووي، واعتبر مدير الوكالة يوكيا أمانو أن من واجبه «تنبيه العالم» بشأن البرنامج الايراني، فيما توصلت مجموعة دول الـ«5+1» إلى توافق حول بيان مشترك يعرب عن «القلق العميق» ازاء نشاط ايران النووي، بعد تراجع القوى الغربية عن المطالبة باجراءات تصعيدية لضمان التأييد الروسي والصيني للبيان.
في المقابل، حاول وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك التراجع عن قوله إنه لو كان ايرانياً لكان رغب بامتلاك سلاح نووي، فيما قال مسؤول استخباراتي اسرائيلي رفيع المستوى إن لايران قدرة صاروخية على إصابة أهداف في اسرائيل انطلاقا من أراضيها.
وقال امانو خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذرية في فيينا إنه اقترح إرسال بعثة خاصة رفيعة المستوى إلى إيران لبحث المخاوف المتزايدة بشأن «الأبعاد العسكرية المحتملة» للنشاط النووي لطهران. وأضاف أمانو انه كتب رسالة لرئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية فريدون عباسي في وقت سابق من تشرين الثاني الحالي يقترح فيها هذه الزيارة التي ستتناول قضايا أثارها أحدث تقرير للوكالة حول إيران. واعتبر امانو أنه «من الواضح أن إيران أمامها قضية تحتاج للرد عليها.. يتعين علينا تنبيه العالم قبل حدوث الانتشار النووي بالفعل».
وقال أمانو «منع انتشار الأسلحة النووية واحدة من المسؤوليات الأساسية للوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضاف «على مدى الأعوام الثلاثة الماضية حصلنا على معلومات إضافية تعطينا صورة اكثر شمولا لبرنامج ايران النووي وتزيد من مخاوفنا بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة». وتابع في أقوى تصريحات علنية يدلي بها حتى الآن بشأن برنامج ايران النووي «تشير المعلومات الى أن ايران مارست أنشطة مرتبطة بتطوير جهاز تفجير نووي». وقال امانو «أتمنى الاتفاق على موعد مناسب قريبا. من الضروري أن يكون هناك تخطيط جيد لهذه البعثة ويجب أن تتناول المسائل التي وردت في تقريري». وأردف قائلا «أطلب من إيران أن تتعامل مع الوكالة تعاونا حقيقيا من دون تأخير وتقدم الإيضاحات المطلوبة في ما يتعلق بالأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووي».
وقال دبلوماسيون إن القوى العالمية الست وضعت اللمسات الاخيرة على مسودة قرار للوكالة الدولية للطاقة الذرية يهدف الى زيادة الضغط الدبلوماسي على ايران لمعالجة الشكوك المتزايدة بشأن انها سعت لوضع تصميم قنبلة نووية. وبحسب نسخة اطلعت عليها وكالة «رويترز» فإن النص الذي سيبحثه مجلس محافظي الوكالة اليوم يعبر عن «القلق العميق والمتزايد بشأن القضايا التي لم تحل في ما يتعلق ببرنامج ايران النووي بما في ذلك تلك التي ينبغي توضيحها لاستبعاد وجود ابعاد عسكرية محتملة». وتوصلت الى النص القوى المشاركة في الجهود لحل النزاع النووي مع ايران دبلوماسيا وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا مما يعني ان موافقة مجلس محافظي الوكالة عليه مضمونة فعليا.
ووصف دبلوماسيون النص بأنه حل وسط بين الدول الغربية التي تفضل لهجة اشد صرامة واحتمال احالة ملف ايران على مجلس الامن التابع للامم المتحدة وبين روسيا والصين اللتين أبدت كل منهما قدرا اكبر من التحفظ. وأضافوا انه من المتوقع أن يناقش مجلس محافظي الوكالة مشروع القرار المقترح اليوم. وتمت بالفعل المواقفة على مشروع القرار مبدئيا مساء الأربعاء الماضي لكن الموافقة الرسمية من بكين وصلت أمس، ما اتاح تسليم مشروع القرار رسميا لمجلس محافظي الوكالة لمناقشته.
و«يشدد (مشروع القرار) على أنه من الضروري لايران والوكالة (الدولية للطاقة الذرية) تكثيف حوارهما بهدف الحل العاجل لكل القضايا الحقيقية العالقة... بما في ذلك إمكان الوصول إلى كل المعلومات والوثائق والمواقع والمواد والأفراد ذوي الصلة بالأمر في ايران». كما حث ايران «مرة أخرى على الامتثال الكامل من دون إبطاء لالتزاماتها بموجب قرارات (مجلس الامن) ذات الصلة» التي تطالب طهران بتعليق تخصيب اليورانيوم من أجل تعزيز مفاوضات حسن النية.
وحاول وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك طمأنة الاسرائيليين على قوة عزيمة الحكومة الاسرائيلية بعد أن بدا متفهما لسعي إيران لامتلاك قدرات نووية خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة أميركية. وقال باراك خلال المقابلة إنه لو كان إيرانيا لسعى «على الارجح» لصنع القنبلة في تصريحات تصدرت عناوين الصحف في اسرائيل. وقال باراك خلال استراحة أثناء زيارة لكندا لاطلاع محطات إذاعية اسرائيلية رئيسية على أحدث التطورات، إن تصريحاته التي أدلى بها بالانكليزية أسيء فهمها جزئيا. وطرح سؤال على باراك في قناة «بي.بي.اس» مساء أمس يقول: «لو كنتم في مكانها (إيران).. فهل سترغب في امتلاك سلاح نووي؟»، فأجاب «على الارجح.. على الارجح. أعلم أنه ليس كذلك.. أنا لا أخدع نفسي بأن أقول إنهم يفعلون ذلك فقط بسبب اسرائيل».
ومضى باراك يقول «إنهم ينظرون حولهم ويجدون ان الهند قوة نووية والصين نووية وباكستان نووية.. هذا فضلا عن روسيا». وأشار إلى برامج نووية سرية في دول عربية مثل العراق في الماضي وفي اسرائيل ذاتها. وعندما سئل عن التصريحات التي أدلى بها، نفى باراك أن يكون أبدى تفهما لموقف إيران وأكد أنه قال في المقابلة «إنهم (ايران) يهددون استقرار الشرق الأوسط وضمانات لمنع انتشار السلاح النووي». وقال باراك لإذاعة اسرائيل «لا يمكن ان نسمح بأن ينظر لنا على أننا نجلس ونتحسر ونأسف ونقول.. يا ترى ما الذي سيفعلونه بنا؟». وتابع قائلا «لا بد من أن نوضح أننا نفهم القضية بشكل شامل وأنها تمثل تحديا للعالم أجمع لأنها تهدد العالم أجمع».
وقدم باراك تفسيرا مماثلا لراديو الجيش الاسرائيلي، لكن أحد المعلقين رد قائلا في استطراد لسؤال افتراضي آخر «لو كنت اسرائيليا ... لما رغبت في أن يقول وزير دفاعي مثل تلك الأقوال».
من جهته، قال رئيس قسم الأبحاث في هيئة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي إيتاي برون إن «لإيران قدرة على إصابة أهداف في إسرائيل انطلاقا من أراضيها». وقال برون في مؤتمر يعقد في تل أبيب إن «إيران تمتلك صواريخ بعيدة المدى من طراز شهاب»، مشيرا إلى أن «المشروع النووي الإيراني مخصص للأغراض العسكرية». وأضاف ان «الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط والعالم العربي تسبب قلقا شديدا للنظام في إيران الذي يخشى انزلاق موجة الاحتجاجات إليها، لذا اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات لكبت الاحتجاجات الشعبية بصورة متواصلة».
وعرض عضو بارز في مجلس الشيوخ الاميركي نصا تشريعيا يمكن ان يؤدي الى انهيار البنك المركزي الايراني في اطار تصعيد الضغوط الشديدة على ايران بسبب برنامجها النووي المشكوك فيه. وقال زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل «في تقديري فإن هذا الاجراء بين الاجراءات القليلة المتاحة من دون الحاجة الى فرض حظر على الملاحة الايرانية والتدخل عسكريا لابطاء او انهاء البرنامج النووي الايراني». ومن شأن هذا الاجراء، الذي درسه ووضعه السناتور الجمهوري مارك كيرك، تمكين الرئيس الاميركي باراك اوباما من حرمان اي مؤسسة مالية خارجية تتعامل مع البنك المركزي الايراني من التعامل مع الاقتصاد الاميركي ككل.
ويستثني الاجراء الشركات التي تتعاون مع البنك المركزي الايراني في ما يتعلق بمبيعات الغذاء والادوية والادوات الطبية الى ايران، التي تنفي الاتهامات الغربية بأنها تسعى للحصول على اسلحة نووية تحت ذريعة برنامج للطاقة المدنية. كما يمنح هذا الاجراء اوباما قدرة محدودة على وقف تطبيق تلك العقوبات اذا اثبت ان ذلك سيكون في صالح الامن القومي الاميركي.
ورغم العقوبات الاميركية والدولية الكثيفة المطبقة على ايران الا ان ماكونيل قال ان «النظام الايراني لم يرتدع عن القيام بأنشطة تتعلق بتطوير قنبلة نووية». واضاف «ما زالت ايران لا ترتدع ولم يعد امام الولايات المتحدة سوى قلة من الخيارات للتعامل مع البرنامج النووي الايراني بينما يمضي الوقت»، قائلا ان «الوقت حان كي تفرض بلادنا عقوبـات على البـنك المركزي الايراني».
وقال مسؤولون اميركيون ان واشنطن تدرس عقوبات جديدة تستهدف البنك المركزي الايراني غير انها تسعى لتفويت الفرصة على النظام الايراني في الحصول على مكاسب غير مقصودة من وراء هكذا اجراء او ان تفقد تعاطف الشباب الايراني. وقال المسؤولون لنواب الكونغرس ان ادارة اوباما تدرس المقترح لضمان الا يؤدي الى ارتفاع سعر النفط ما يقود بطريقة غير مقصودة الى زيادة ما لدى ايران من الاحتياطات النقدية. كما حذروا من اتخاذ خطوات تضر بالشعب الايراني ما يؤدي الى اغضاب الشبان الايرانيين الذين يقولون انهم يميلون لدعم الولايات المتحدة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد