باسل الخطيب : الدراما العربية تتكامل ولا تتنافس
'أسد الجزيرة' عمل درامي ضخم هو الأول من نوعه في الكويت، حيث يؤرخ لفترة مهمة من الأحداث والتغيرات السياسية على الصعيد المحلي والاقليمي يخرجه باسل الخطيب عن نص الكاتب شريدة المعوشرجي، هذا المخرج الذي عرف بدقته الفنية والعملية وولعه بتقديم كل ما هو مميز. وقد اختار عددا من الفنانين المحليين ليؤدوا أدوار الشخصيات الكويتية سياسية كانت أم اجتماعية على رأسهم محمد المنصور الذي سيقوم بدور الشيخ مبارك الكبير، وحسين المنصور، وعبدالامام عبدالله، وخالد البريكي، وعبدالرحمن العقل، ومن الامارات هدى الخطيب، ومن العراق باسم قمر وجواد الشكرجي ونزار السامرائي ونسرين عبدالرحيم ليؤودوا ادوار الشخصيات العراقية، ومن سوريا سلوم حداد وغسان مسعود وغيرهم.
حول المسلسل وعدة قضايا اخرى كان لنا هذا اللقاء مع باسل الخطيب:
هل حرصتم على تحري الدقة في كل عناصر مسلسل 'أسد الجزيرة' خصوصا فيما يتعلق بالديكور والاكسسوارات والأزياء وأداء الشخصيات؟
مسلسل 'أسد الجزيرة' يتحدث عن فترة زمنية قريبة لاتزال حاضرة بكل تفاصيلها في أذهان الناس، وهناك العديد من الشخصيات لاتزال تعيش في الوجدان والذاكرة. من هذا المنطلق فان الدقة والأمانة التاريخية مطلوبة بهذا العمل أكثر من أي عمل آخر، وأعتقد ان هذه الدقة تعني الاهتمام بجميع التفاصيل أي على مستوى الديكور والملابس والمفردات التي تتحدث بها الشخصيات التي ستكون واحدة من أهم العوامل التي ستجعل المشاهد يشعر بأنه امام صورة حقيقية تعكس هذه المرحلة بكل خصوصيتها، حيث كانت فيها الكويت والخليج العربي امام مجموعة من التحديات المحلية والاقليمية والدولية.
دراما تاريخية
ما أهمية الدراما التاريخية التي تقدمها الشاشة العربية؟
الرجوع الى هذه المواضيع التاريخية بات ضرورة ملحة لسببين الأول هو ضرورة فتح آفاق جديدة امام الدراما العربية وليس الخليجية فقط، وذلك من خلال تسليط الضوء على مراحل تاريخية بعينها، والسبب الثاني والأهم هو ان هذه الصفحة من تاريخ الأمة العربية والاسلامية بعيدة إلى حد ما ويلفها الكثير من الغموض، ويجهلها السواد الأعظم من جيل اليوم، وعندما نقدم هذه المرحلة من خلال مسلسل تلفزيوني مستفيدين من التأثير الكبير للدراما التلفزيونية فنحن على وعي بذائقة المشاهد ونحن لا نقدم عملا دراميا فقط يتابعه المشاهد لثلاثين يوما وينساه بعدها، انما نقدم وثيقة فنية ستبقى مرجعا يعود اليه الكثير من الباحثين والراغبين لمعرفة هذا التاريخ.
دراما سورية
كيف تقيم الدراما السورية من خلال طرحها الفني والفكري؟ وهل تجدها قد تفوقت على الدراما المصرية؟ وما سبب نجاحها؟
أولا انا أميل كثيرا الى موضوع الريادة في الدراما بمعنى ان الدراما السورية قد تكون تفوقت على المصرية أو الدراما المصرية قد تكون تفوقت على السورية، وانا ضد هذا المنطق لأنني أرى ان الدراما العربية سواء في سوريا أو أي مكان في العالم العربي تشكل لوحة متكاملة للدراما العربية، اصبح لها جمهور يتابعها، ويشعر انه بحاجة الى التنوع الذي يمكن ان تقدمه بكل مصادرها بغض النظر عن جنسيتها، الا انه بلا شك فان ما حققته الدراما السورية في السنوات الأخيرة من انجاز يعود الفضل فيه بالدرجة الأولى الى وجود اشخاص لديهم مشروعهم الفني سواء كانوا مخرجين أو ممثلين أو منتجين، وبفضل هذه الرغبة بالتحدي والمثابرة قدمت الدراما السورية مجموعة من الأعمال المتميزة بشهادة من هم من خارج الوسط الفني العربي، وأصبحت تنافس بجودتها اعمالا اخرى تقدم في أوروبا وأميركا، وبالتأكيد هذا الانجاز لم يأت من فراغ، بل جاء ثمرة جهد متواصل في منطقة لم تترسخ فيها بعد تقاليد الانتاج الضخم، مما جعل طموحاتنا أكبر من الامكانات الموجودة على أرض الواقع، ولا أزال انظر الى كل هذه الانجازات على انها خطوات أولى في طريق طويل.
سلطة سياسية
بماذا تصف سلطة القوى السياسية وتأثيرها في الانتاج الفني خاصة فيما يتعلق بالقوى الأجنبية في محاولات بعضها ايقاف ومنع بعض الاعمال الدرامية ومثالا على ذلك مسلسل 'الطريق الى كابل' وغيرها من الأعمال؟
عندما نتحدث عن هذا التأثير فهو ليس مختصرا على بعض المسلسلات لأنه يمتد ليشمل كل جزيئات وتفاصيل حياتنا سواء الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية، وبالتأكيد أنا أرفض أي هيمنة لأي فكر سياسي غربي على نتاج ثقافي عربي، خصوصا ان السياسي العربي بحكم انه يتعامل مع فن المراوغة والمناورة فهو مضطر الى تقديم تنازلات لا يمكن التحدث عنها عندما يتعلق الأمر بالفن والثقافة لكونهما من ثوابت وجودنا وعنصرا رئيسيا في شكل مستقبلنا وأرى انه على أي مبدع عربي يتمتع بالقدرة اللازمة لتقديم افكاره ان يقدمها خصوصا ان كانت على تماس مع ما هو راهن وخطير بطريقة ذكية وغير مباشرة ليوصل رسالته بذكاء وبشكل أكثر تأثيرا.
إنتاج فني
هل تؤيد دخول اصحاب رؤوس الأموال في حقل الانتاج الفني؟
الوسط الفني والاعلامي مغر، وفيه عناصر جذب كثيرة بالنسبة الى أصحاب رؤوس الأموال، وأنا اعرف عددا كبيرا من رجال الأعمال الذين دخلوا العمل الفني ليكون لهم مساهمات تحتسب لهم في المستقبل بعيدا عن اعتبارات الربح والخسارة، واذا نظرنا الى الموضوع من وجهة نظر تجارية، فبالتأكيد استثمار هذه الأموال في قطاع غير الفن سيكون أكثر جدوى وأكثر ضمانا للربح فاذا دخل هذا المنتج بخمسة أعمال منها أربعة ذات طابع ترفيهي وواحد منها جاد وله رسالة هادفة، يكون ذلك قد حقق موازنة مادية من خلال ما سيعوضه بالأعمال الأخرى، اذا خسر أحد أفلامه، أنا مع أي رأس مال عربي يوظف في المجال الفني والثقافي ان كان صاحب مشروع جدي وألا يكون متطفلا على الفن أو له نوايا بعيدة عنه.
تطورات
طرأ على الوسط الفني الكثير من التطورات وقد اصبحت الصورة المشاهدة للفن على بعض القضايا مشوهة وتتسم أبطالها بالاباحية والعري والبعد عن المعنى الحقيقي للفن.. ما رأيك في ذلك؟
اذا بدأنا بالنتائج وليس الأسباب فسنجد ان النتائج كارثية والتحديات امامنا اصبحت كبيرة امام هذا المد المرعب من الرداءة التي اكتسحت الشاشات والوعي والذوق العام، ومع انني ضد نظرية المؤامرة بشكل عام الا انني اعتقد فعلا ان هناك مؤامرة حقيقية مخطط لها منذ زمن وتنفذ فصولها بكل دقة لتخريب العقل العربي وتحطيم الذاكرة من خلال عدد من الفضائيات ليست فقط تلك المعنية بالمواد الترفيهية والراقصة، بل ان هذا الحديث يمس ايضا فضائيات معروفة لها تأثيرها الكبير على المواطن العربي، واذكر بمناسبة هذا الحديث اثناء لقائي مع أحد المسؤولين في احدى القنوات الفضائية للتسويق لمسلسل 'ذي قار' انه سألني عن هذا الاسم وهل هو يعود الى مدينة ام هو اسم بطل العمل مع العلم بأن ذي قار هو اسم لأشهر وأهم المعارك في التاريخ العربي، التي كان لها دور مؤثر في تشكيل الكلمة العربية لاحقا، فأمام هذا الجهل الذي رأيته كيف للفن ان يصنع المعجزات وهذا ليس من مهمته على رغم انه مطالبا دوما بالسير عكس التيار.
ذائقة الجمهور
هل هذا يعني ان الجمهور قد فقد ذائقته الفنية الراقية؟
انا ضد التعميم على رغم وجود عملية تشويه مستمرة لذائقة المجتمع العربي، الا ان المفرح وجود شرائح واسعة من الجمهور لا تزال صامدة أمام هذه الاغراءات وتترقب الاعمال الجيدة والمتميزة ليتحول اي نتاج فني في حياتها الى حدث ثقافي يبقى مستمرا حتى بعد انتهائه.
كيف رأيت نص 'أسد الجزيرة' في القراءة الأولى، وما الذي دفعك لاخراجه؟
'أسد الجزيرة' كتبه الأديب والشاعر شريدة المعوشرجي والحقيقة عندما قرأت الحلقات الخمس الأولى وجدت امامي نصا أدبيا وسينمائيا مكتوبا بحرفية عالية جدا سواء من ناحية البناء الدرامي أو الشخصيات أو التعاطي مع اللحظات الانسانية وشعرت بقربي من العمل ومن البيئة التي سأتحدث عنها، وقد تساءل البعض عن كيفية قيامي بإخراج هذا العمل لكوني غير كويتي وسأقدم عملا بهذه الخصوصية الكويتية والخليجية، الا اننا في النهاية ابناء أمة واحدة وتقاليدنا وعادتنا واحدة وربما استطيع من خلال هذه المساحة التحرك لأخرج هذا المسلسل.
حوار :نيفين أبولافي
المصدر : القبس
إضافة تعليق جديد