تحذيرمن نتائج كارثيةعلى اقتصادات الخليج لأي حرب أوعقوبات على إيران
حذّر مسؤولون وخبراء خليجيون من انعكاسات سلبية مدمرة على الطفرة الاقتصادية لدول منطقة الخليج، نتيجة أية إجراءات عقابية قد تفرض على إيران، خصوصاً أنها تُعتبر الشريك التجاري الأول لعدد من دول مجلس التعاون بينها الإمارات.
كما نبّهوا، خلال ندوة استضافها المجلس الرمضاني للقائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم، نظمتها صحيفة «الاقتصادية»، من «توقف حركة التجارة وموانئ الخليج في حال أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز، وتأثر التحويلات النقدية الإيرانية الى الإمارات».
وأكد خبراء على أن النتائج ستكون «كارثية» على الاقتصادات الخليجية، في حال وجهت ضربة عسكرية أميركية لإيران. وأجمعوا أيضاً على أن الانعكاسات السلبية على الاقتصادات الخليجية بسبب فرض مقاطعة اقتصادية على طهران «لن تكون أقل كارثية» من الحرب، نظراً الى العلاقات الاقتصادية والتجارية المتشابكة بين الجانبين.
ودعا تميم دول الخليج إلى «إحياء مشروع حاكم دبي الأسبق الشيخ راشد بن سعيد بشق قناة مائية بديلة من مضيق هرمز، تمتد من إمارة رأس الخيمة في شمال الإمارات إلى بحر العرب في سلطنة عُمان، لتفادي تعرض ناقلات النفط لضربات إيرانية». وطالب دول مجلس التعاون بقبول إيران في عضوية المجلس، فهي «جارة مسلمة وليس بينها وبين دول مجلس التعاون كراهية»، كما تشكل «سوقاً استهلاكية ضخمة للمنتجات والصادرات الخليجية»، وهو اقتراح أثار جدلاً واسعاً.
وشددت الندوة، التي حضرها عدد من الكتاب والسياسيين والإعلاميين، على أهمية وضع حلول شاملة لمعالجة قضايا الغلاء وارتفاع الأسعار وإيجارات المساكن، التي تتسبب في ارتفاع معدلات التضخم، وحذرت من «تراجع مكانة الطبقة المتوسطة في المجتمعات الخليجية بعدما قضى الغلاء على قيمة رواتبها المحدودة».
ودعت مجلس التعاون الخليجي الى «التصدي لتأثيرات الأزمة الإيرانية في اقتصادات دول المنطقة، من خلال إبراز خطورة اندلاع الحرب على الأوضاع الخليجية». وحضت الأطراف الأميركيين والغربيين على «اتباع النهج السلمي مع إيران كما حدث مع كوريا الشمالية في شأن ملفها النووي»، لأن «حرباً جديدة في الخليج ستبدد كل المكاسب التي حققتها الاقتصادات الخليجية طيلة السنوات الماضية، وتهدد الأمن الاقتصادي للخليجيين». وأكدت الندوة، التي عقدت بعنوان «الأمن الاقتصادي في الخليج»، على أهمية إنشاء مراكز أبحاث متخصصة لدراسة التحديات التي تواجه المجتمعات الخليجية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً يمولها القطاع الخاص، نظراً الى إدراك الحكومات بدور القطاعين العام والخاص في تحقيق الأمن الاقتصادي، على ان تتولى هذه المراكز طرح رؤاها أمام صناع القرار.
وأكد وزير المواصلات الإماراتي السابق رئيس مجلس إدارة «بنك الإمارات» أحمد حميد الطاير أن الأمن بمفهومه الشامل «كل لا يتجزأ»، وأن المنظومة الأمنية والاقتصادية «تستهدف في النهاية إيجاد مجتمع مستقر يؤدي إلى إنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية، وفي الوقت ذاته تأمين الناس على أموالهم وممتلكاتهم». وشدد على ان «لا يمكن القطاعات الاقتصادية العمل والازدهار ما لم تكن هناك منظومة أمنية متكاملة قادرة على توفير الأمن والاستقرار». ولفت الى أن دول الخليج «مرّت في السنوات الثلاثين الماضية في توترات وحروب، إلا أنها استطاعت حفظ حقوق الناس والبيئة الاقتصادية»، واعتبر أن «ما نشهده اليوم من تدفق للاستثمارات الأجنبية دليل على الثقة في القطاع المصرفي، وعلى وجود أمن واستقرار في المنطقة على رغم التوترات». لكنه لم يغفل أن هذه الحروب «استنزفت موارد طائلة من دول المنطقة وسمعتها التي باتت معروفة بعدم الاستقرار».
وسأل الخبراء عن كيفية وصول النفط الخليجي الى الأسواق العالمية في حال اندلعت الحرب، وإذا كان سيعبر مضيق هرمز بسلام، فلفتوا الى التجارب الإيرانية السابقة «عندما هاجمت طهران منتصف الثمانينات أثناء حربها مع العراق ناقلات النفط بطرادات صغيرة، في حين تمتلك اليوم إمكانات صاروخية بعيدة المدى».
وأشار المحامي حبيب الملا الى أن لإغلاق مضيق هرمز «انعكاسات خطيرة» على الاقتصادات الخليجية وليس ناقلات النفط فقط، إذ «ستتوقف الواردات الخليجية من السلع والبضائع أيضاً». كما رأى أن السعي الأميركي الى استصدار قرار من مجلس الأمن بفرض مقاطعة اقتصادية على إيران، التي تمثل أكبر شريك تجاري للإمارات «سيؤدي الى وضع اقتصادي سيئ على الأفراد أو البنوك أو الموانئ».
وعلى رغم تقدير المصرف المركزي الإماراتي معدل التضخم بـ 12 في المئة، أكد الملا أن «التضخم والغلاء يطحنان الطبقة الوسطى، التي تضطر إلى الاقتراض من المصارف»، كما قدّر معدلات التضخم في الإمارات بـ 18 في المئة، وهي مرشحة للزيادة في الفترة المقبلة مع انخفاض الدولار واتخاذ قرار مصرف الإمارات المركزي بخفض سعر الفائدة، ما يعني أن المجتمع سيظل يعاني من وجود طبقة ثرية بسبب الطفرة الاقتصادية وطبقة معدمة».
فقبل 20 سنة كان في المجتمع الإماراتي طبقتان، الأولى ميسورة والأخرى قريبة من اليسر، بعكس اليوم إذ بات كثر من أفراد المجتمع لا يجدون المسكن الخاص، ما يعني نمواً فاحشاً في ثروة البعض وتدنياً في الدخل الحقيقي لمعظم طبقات المجتمع. ويسبب هذا الوضع مشاكل اجتماعية عدة، ويهدد الأمن الاقتصادي لشريحة كبيرة من المجتمع.
وأكد خبراء ضرورة اندماج الشركات الخليجية، لأن من غير المتوقع أن يتخذ القادة قرارات بالوحدة الخليجية وتتم عرقلة التنفيذ. وأسفوا لـ «عدم دخول دول الخليج في مفاوضات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة ككتلة اقتصادية واحدة لها وزنها وثقلها، بل سارعت كل دولة الى الدخول في الاتفاق منفردة.
وأوضح الملا أنه كان من المؤيدين لتوقيع اتفاق تجارة حرة لاعتبارات اقتصادية وتجارية، لكن وبعد دارسة الشروط الواردة فيه «اتخذت موقفاً رافضاً منه»، لأنه يتضمن بنوداً وشروطاً «تنعكس سلباً على اقتصاداتنا الخليجية وتصب في النهاية لمصلحة الشركات الأميركية، في حين لن تحصل الشركات الخليجية على الفائدة منها، والدليل أن عُمان والبحرين اللتين دخلتا منفردتين في الاتفاق مع الولايات المتحدة «يعانيان مشاكل صعبة». وأشار الى أن عُمان «حاولت بكل الوسائل تفادي السماح بتشكيل نقابات عمالية، إلا أن الجانب الأميركي أصرّ على ذلك، فنتائج الدخول في الاتفاق في شكل منفرد سلبية تماماً».
ورأى نائب المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي علي ابراهيم أن على حكومات المنطقة «إيجاد آليات للحد من الانعكاسات السلبية للتضخم وغلاء الأسعار في المنطقة». كما طالب بـ «وضع سقف لارتفاع إيجارات المساكن التي تعتبر سبباً رئيساً لارتفاع الأسعار». لكنه في المقابل عزا جانباً من أسباب التضخم الى ارتفاع أسعار السلع والبضائع في بلد المنشأ، ملمحاً إلى ان أسعار السلع «ستظل ترتفع طالما استمرت في الارتفاع في بلد الصنع، إضافة إلى النتائج السلبية لارتباط الدرهم بالدولار الذي يسجل انخفاضاً كبيراً».
وحذّر مدير الإدارة العامة للمباحث والتحريات الجنائية في شرطة دبي العميد خميس المزينة من «بروز جرائم اقتصادية كثيرة جديدة على المنطقة، أخطرها قضية تبييض الأموال التي باتت في صدارة الجرائم الاقتصادية التي تُتابع من خلال الأجهزة الأمنية، سواء في الإمارات أو في بقية دول الخليج أو مع بقية دول العالم». وأكد أن شرطة دبي «نجحت في الإمساك بعصابة كانت تخطط لاختلاس ما لا يقل عن 750 مليون دولار شهرياً من مؤسسات مالية ومصرفية عبر تقديم مستندات غير صحيحة، وكان يدير هذه العصابة تنظيم مشترك بعضه في الإمارات والآخر من الخارج.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد