تركيا: الغارات الأعنف ضد الأكراد .. والقاهرة تدعم وحدة سوريا
شنت مقاتلات تركية، فجر أمس، غارات تستهدف المقاتلين الأكراد في شمال العراق وداخل تركيا، في هجمات جوية هي الاكثر عنفا منذ أن بدأت أنقرة غاراتها في الأسبوع الماضي، وذلك بعد ساعات من اعلان الرئيس رجب طيب أردوغان أن عملية السلام أصبحت مستحيلة، ما يعزز التكهنات بان الهدف الحقيقي للحرب التركية المعلنة، يطال الاكراد، وليس تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام ـ داعش».
وأعلنت أنقرة رسمياً السماح للطائرات الأميركية باستخدام قاعدة انجيرليك الجوية لمهاجمة «داعش»، لكنها اشترطت عدم قيام هذه الطائرات بتقديم دعم للمقاتلين الأكراد في سوريا.
وذكر مكتب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، في بيان، أن الضربات أصابت أهدافا تابعة إلى «حزب العمال الكردستاني»، من بينها ملاجئ ومستودعات وكهوف في ست مناطق داخل تركيا وشمال العراق. وقال مسؤول تركي رفيع المستوى إن الهجوم هو الأكبر منذ بدء الحملة التركية.
وضم داود اوغلو «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي إلى قائمة أهداف سلطة «حزب العدالة والتنمية»، معتبرا أن «الشعوب الديموقراطي سيكون في عداد المتهمين بنظر الحكومة والشعب، طالما أنه لم يحدد موقفه تجاه منظمة بي كي كي (الكردستانية) الإرهابية بشكل واضح، ويدينها كما يدين تنظيم داعش، وفي هذه الحالة فقط نقبل الاستجابة لندائه والتحاور معه والجلوس على نفس الطاولة، وبعكس ذلك فإن الحزب سيكون بنظرنا ونظر الشعب جالسًا على مقعد الاتهام».
وكانت الطائرات التركية شنت ضربات شبه متزامنة ضد معسكرات لـ«حزب العمال الكردستاني» في العراق و «داعش» في سوريا يوم الجمعة الماضي، في إطار ما وصفه داود أوغلو بأنه «محاربة متزامنة للإرهاب». لكن هجمات تركيا على «الكردستاني» تبقى حتى الآن أقوى من هجماتها على «داعش»، ما عزز شكوكاً بأن هدفها الحقيقي هو وضع حد لطموحات الأكراد السياسية والإقليمية، والاستفادة من ذلك في المشهد السياسي التركي.
ودعا زعيم «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي صلاح الدين ديميرطاش الى وقف العنف فورا بعد الضربات الجوية. وقال «علينا ممارسة ضغط ديموقراطي من شأنه أن يساعد في إسكات البنادق على الفور. نحن مستعدون للعمل مع كل السياسيين الذين يرغبون في تحقيق هذا».
وأدان العراق الضربات الجوية ووصفها بأنها «تصعيد خطير واعتداء على السيادة العراقية». وفي ثلاثة تغريدات نشرت على حساب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على «تويتر» دعت الحكومة العراقية تركيا لتجنب المزيد من التصعيد والسعي لحل للأزمة. وأضافت أنها ملتزمة بعدم السماح بأي هجوم على جارتها الشمالية من داخل الأراضي العراقية، داعية الحكومة التركية إلى احترام العلاقات الجيدة بين البلدين.
من جانبه، عبّر «رئيس» إقليم كردستان مسعود البرزاني، الذي التقى مستشار وزارة الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو في أربيل، عن قلقه من تطور النزاع بين الحكومة التركية والأكراد، موضحاً أن مشاركة الحكومة التركية في «التحالف الدولي» لمحاربة «داعش» لا يجب أن يكون ثمنه ضرب الأكراد في تركيا وسوريا، مشجعاً «الأطراف السياسية على العودة إلى طاولة الحوار، لأن السلام والنضال السياسي يخدمان المصلحة العامة للأكراد وتركيا».
من جهة أخرى، أعطت السلطات التركية رسمياً الضوء الأخضر للأميركيين لاستخدام قاعدة انجيرليك الجوية لضرب «داعش» في سوريا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانغو بيليتتش انه تم «توقيع» مرسوم حكومي، وبات في إمكان الأميركيين استخدام القاعدة «في أي وقت» في إطار الائتلاف الدولي ضد «داعش». وأوضح أن الاتفاق يختص فقط بقتال «داعش» ولا يتضمن توفير دعم جوي للمقاتلين الأكراد في شمال سوريا.
والاتفاق الذي كان موضع مفاوضات طويلة مسبقة، سعت إليه واشنطن بقوة، لان قاعدة «انجيرليك» تحتل موقعاً استراتيجياً لتقريب مقاتلات «اف 16» الأميركية من أهدافها، في حين هي مضطرة حاليا إلى الإقلاع من قواعد ابعد في الأردن أو الكويت مثلاً.
وقال مسؤولون إن الولايات المتحدة وتركيا لم تتفقا بعد على أي من جماعات المعارضة السورية يمكن تقديم الدعم لها، ضمن جهد مشترك للمساعدة في تطهير الحدود التركية من «داعش»، ما يسلط الضوء على الغموض الذي يكتنف خطة الحملة.
ويبدو أن التخطيط بدأ للتو، والاتفاق على التفاصيل المهمة مثل أي جماعات مسلحة ستتلقى الدعم على الأرض قد يؤجج توترات قائمة بالفعل منذ أمد بعيد بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن الإستراتيجية في سوريا.
ويقول مسؤولون إنه لا يزال يتعين حل مسائل في المحادثات مع تركيا، تتعلق بعمق المنطقة التي ستمتد داخل سوريا ومدى سرعة بدء الطائرات الحربية الأميركية في تنفيذ مهام قتالية من القواعد التركية.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية «علينا أن نجلس مع الأتراك لنقرر ذلك». واعترف بأن هناك جماعات معارضة في سوريا «لن نعمل معها بالقطع».
وأعلنت القاهرة، أمس الأول، أنه ينبغي الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، في إشارة مبطنة لمعارضتها للتدخل التركي. وذكرت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، أن القاهرة تدعم محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا «مع ضرورة أن يتم ذلك في إطار المحافظة على وحدة أراضي الدولة السورية وسلامتها الإقليمية، وبما يتوافق مع أسس وقرارات الشرعية الدولية في هذا الشأن».
وكالات
إضافة تعليق جديد