تفاصيل«عملية الرضوان»في ساعاتها الأولى.. وإسرائيل تحارب الصورة

16-07-2008

تفاصيل«عملية الرضوان»في ساعاتها الأولى.. وإسرائيل تحارب الصورة

ساعات قليلة من حبس الأنفاس، تتجلى بعدها صورة جديدة للبنان المقاوم الذي صار يستحق له بعد »التمّوزين« أن يتباهى بين أمم العالم بأسره، أنه بلد جدير بالحياة وأن يكون قدوة ومدرسة وتجربة لا مثيل لها في الدفاع عن الأرض.. كما عن الانسان الذي لطالما شطب من الحسابات، في هذه الأمة، فإذا به مع »عملية الرضوان«، هو الانسان الذي يعود مرفوع الرأس من الأسر، كما يحتفل به وطنه وأمته شهيدا يرفع رأس كل المؤمنين بقضية الحرية والعدالة.
السادس عشر من تموز، يوم لا يشبه باقي أيام الانقسام اللبناني التي عمّرت طويلا في ثنايا الوطن في السنوات الأربع الأخيرة. يوم تفتخر فيه المقاومة بأنها حررت بالبندقية، أسراها وشهداءها.. كل أسراها وشهدائها..
السادس عشر من تموز يوم وطني، وعيد قومي كبير، سيحتفل به لبنان، رسميا وسياسيا وشعبيا، ابتهاجا بتحرير أسراه وشهدائه، بينما غرقت اسرائيل في الشكليات.. من اجتماع حكومتها الشكلي للمصادقة على صفقة تمت الموافقة عليها منذ أسبوعين(...) الى رفض تقرير »حزب الله« عن طيارها المفقود رون أراد، من دون أن تجعل ذلك عائقا أمام تنفيذ الصفقة... الى المحاصرة العسكرية الصارمة لمنطقة عملية التبادل لمنع التقاط صورة لسمير القنطار ورفاقه رافعين شارة النصر على أرض فلسطين المحتلة.
أكثر من ذلك، سعى الاسرائيليون وعبر قنوات دولية محددة، الى الضغط على »حزب الله« من أجل منع التغطية الاعلامية المباشرة والتخفيف من وهج الاحتفالات، وبلغ الأمر حد القول »لا نريد أن يتسمر الجمهور الاسرائيلي على شاشة »المنار« لكي يعرف على الهواء اذا كان جنودنا أحياء أم أمواتا، بينما يعود سمير القنطار رافعا شارة النصر«.
نعم في لبنان عيد وأكثر... أما في اسرائيل، فأكثر من حداد ويوم نكسة وهزيمة سياسية ومعنوية جديدة.
ماذا في التفاصيل المتعلقة بعملية التبادل اليوم؟
أكدت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع أن »عملية الرضوان«، بدأت عمليا مع ساعات الفجر، وأن شاحنات الصليب الأحمر الدولي التي ستنقل جثامين الشهداء صارت فعليا في نقطة قريبة جدا من الحدود الجنوبية.
أضافت المصادر أن فريقين سيتوزعان مقلبي الحدود اللبنانية الاسرائيلية منذ ساعات الصباح الأولى، يضم الأول من الجانب اللبناني، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الوسيط الألماني غيرهارد كونراد وأحد كبار مساعديه، ممثلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المستشار السياسي لقيادة »اليونيفيل« ميلوش شتروغر، رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في »حزب الله« الحاج وفيق صفا مع بعض مساعديه، مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء وفيق جزيني ممثلا الدولة اللبنانية ورئيس الجمهورية بالاضافة الى عدد من ضباط »اليونيفيل« والجيش اللبناني.
أما الفريق الثاني، من الجانب الاسرائيلي، فسيضم مسؤول ملف الأسرى ومبعوث رئيس الحكومة عوفر ديكل، أحد مساعدي غيرهارد كونراد، مسؤول بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اسرائيل، بالاضافة الى عدد من الضباط الدوليين والاسرائيليين.
وحسب رواية المصادر نفسها، فان فريق الأمم المتحدة، هو الذي سيعطي الاشارة الأولى لانطلاق عملية التبادل عند التاسعة صباحا بتوقيت بيروت، حيث سيتحرك موكب الأسرى اللبنانيين الخمسة سمير القنطار وخضر زيدان وماهر كوراني وحسين سليمان ومحمد سرور من أحد مراكز الجيش الاسرائيلي (ينقلون فجرا من سجن هداريم في حيفا حيث مكان اعتقال القنطار) ويتوجهون الى نقطة المعبر الحدودي الفاصل بين لبنان واسرائيل.
وفي الوقت نفسه، تتوجه سيارة للجنة الدولية للصليب الأحمر من الناقورة، وتحديدا من مقر قيادة »اليونيفيل« باتجاه المعبر نفسه، وفيها الجنديان الاسرائيليان ايهود غولدفيسر والداد ريغف اللذان ترجح اسرائيل حتى الآن فرضية مقتلهما، فيما يلتزم »حزب الله« الصمت عن اعطاء اية معلومات حول مصيرهما النهائي.
وقبل أن يتسلم ممثلو الدولة اللبنانية و»حزب الله« الأسرى الخمسة نهائيا، تبدأ عملية كشف المصير للجنديين الاسرائيليين، من خلال تقنيات أحضرت الى المعبر نفسه.
وفور تبلغ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بأن الفحوصات انتهت وأنها تتطابق مع الحمض النووي (يتصرف الاسرائيليون على أساس فرضية أنهما ليسا على قيد الحياة)، يتوجه موكب الأسرى الخمسة شمالا باتجاه الناقورة برفقة الفريق الذي سيستقبلهم من الجانب اللبناني حيث ستقام لهم مراسم استقبال رمزية، قرابة الثانية عشرة ظهرا، يتخللها أداء التحية تقدمها ثلة من المقاومين وعرض تقدمه فرقة من الخيالة حاملي الرايات باللباس العسكري بالاضافة الى فرقة فولكلورية شعبية فلسطينية والفرقة الموسيقية التابعة لكشافة الامام المهدي وحشد من المقاومين.
ويتخلل المراسم اطلاق بالونات واقامة زينة ونثر ورود وأرز، على أن يمثل رئيس المجلس السياسي في »حزب الله« السيد ابراهيم أمين السيد الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصرالله والى جانبه الشيخ نبيل قاووق.
وبعد أن يرتدي الأسرى الخمسة اللباس العسكري، يلقي ممثل نصر الله كلمة ترحيبية، ينطلق بعدها الأسرى على متن مروحية أو أكثر تابعة لقوات »اليونيفيل« باتجاه مطار رفيق الحريري الدولي حيث سيقام لهم احتفال رسمي تولت رئاسة الجمهورية الاعداد التفصيلي لبرنامجه، الذي سيقتصر على أداء التحية للعائدين واستقبالهم والقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان كلمة من وحي المناسبة.
وبلغ عدد المؤسسات الاعلامية المحلية والعربية والدولية التي ستغطي الحدث في الناقورة، أكثر من مئة وسيلة بينها حوالي ٢٥ ستقوم بالنقل المباشر من المكان.
وفي ما خص عملية تسليم جثامين الشهداء الذين سقطوا في »حرب تموز«، أو الذين دفنوا على مدى سنوات طويلة في »مقبرة الأرقام«، فانها ستنجز فور انجاز الشق الأول، على أن يتم الاحتفاظ بها في برادات خاصة بالصليب الأحمر الدولي في منطقة الناقورة حتى صباح يوم الخميس، حيث تنطلق »قافلة الشهداء الأبرار من الناقورة عند الساعة التاسعة من صباح الخميس متوجهة إلى بيروت سالكة طريق صور ـ صيدا القديمة«، كما جاء في البيان الذي عممه »حزب الله« ليل أمس. وعلم أن الجثامين خصصت لها باحة كبيرة في طريق مطار بيروت القديمة (قرب مؤسسة »شاهد«).
أما قضية أشلاء الجنود الاسرائيليين الذين خلفهم الجيش الاسرائيلي خلفه ابان »حرب تموز«، فقد تبين أنها نقطة غير محسومة حتى الآن، بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وليس معلوما ما اذا كانت ستكون من ضمن عملية التبادل اليوم أم لا، أو أنه سيكون لها ترتيب ميداني وتقني خاص في مرحلة لاحقة!
ومن المقرر أن يمثل نائب الأمين العام لـ»حزب الله« الشيخ نعيم قاسم السيد نصرالله في استقبال المطار (حوالي الساعة الرابعة عصرا)، الى جانب الرئيس نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة، فيما لم يعرف حتى ساعة متأخرة ما اذا كان رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري قد قرر المشاركة أم لا في الاستقبال الرسمي.
ومن المطار، ينتقل الأسرى الخمسة، الى ملعب الراية في الضاحية الجنوبية، حيث سيكون في استقبالهم على طول الطريق من المطار الى محلة الصفير، حشد شعبي كبير، وهناك يعتلون المنصة التي اٌقيمت لهم خصيصا، ومن ثم يبدأ المهرجان السياسي الشعبي الذي ستتخلله اطلالة السيد حسن نصر الله (في حدود السادسة أو السابعة مساء).
وقالت مصادر متابعة ان خطاب السيد نصر الله سيكون مكملا للخطاب الأخير، وسيتوجه بالدرجة الأولى الى جمهور العالمين العربي والاسلامي، كما سيعرض تفصيليا لبعض جوانب عملية التبادل وخاصة التقرير الاسرائيلي حول مصير الدبلوماسيين الايرانيين الأربعة.
حكومة إسرائيل تصادق وبيريز يصدر عفوا
إسرائيليا، صادقت حكومة ايهود أولمرت، أمس، بأغلبية ساحقة على تنفيذ عملية التبادل، رغم قرارها القاضي برفض تقرير »حزب الله« عن الطيار المفقود رون أراد والإعلان عن رده للجهة التي أعدته وأرسلته. فيما قرر الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز اتخاذ »قرار صعب ومؤلم« بالعفو عن القنطار.
وقال أولمرت في جلسة الحكومة أن »حكومة إسرائيل اتخذت القرار والحسم في جلستها السابقة ونحن بحاجة إلى مواصلة عملية الإفراج، وذلك من دون الكف عن أن البقاء ملتزمين بالعثور على معلومات حول مصير رون أراد«. وأيد القرار بالمصادقة النهائية على الصفقة ٢٢ وزيرا وعارضها ثلاثة هم أنفسهم من عارضوها في السابق: دانئيل فريدمان، روني بار أون وزئيف بويم.
وقال أولمرت في الجلسة للوزراء أن »هناك قلة قليلة حول هذه الطاولة تعرف حقا ما تم فعله في السنوات الأخيرة من أجل الحصول على معلومات بشأن رون أراد. وأقول فقط أن هناك حالات قليلة في التاريخ بذلت فيها دولة جهودا كثيرة كهذه من أجل كشف مصير أحد جنودها«. وأضاف في نوع من التملق لعائلة أراد، »إنني مفعم بالانفعال من الموقف النبيل لعائلة أراد، فقد نظرت حكومة إسرائيل في عيونهم والتزمت أمامهم في الماضي بعدم الإفراج عن سمير القنطار إلا بعد إتمام ما سمي بالصفقة الثانية ومع ذلك، فإننا اليوم، وبعد أن غدا واضحا أنه ليس بأيدينا التفاصيل الكاملة التي تتمم هذه الصفقة، فإنهم لا يعترضون على تحرير ريغف وغولدفيسر. وأنا مدين لهم على الصلابة المعنوية والأخلاقية«.
وبعد أن حمل بشدة على سمير القنطار في الجلسة قال لأعضاء الحكومة: »إذا كان بينكم من صوت في الجلسة السابقة لأسباب شعبوية، وبسبب أن أصوات الرأي العام ووسائل الإعلام طالبت بالمصادقة ودفعت نحو ذلك بالقوة، فإن من الجائز غدا، بعد وصول صور الاحتفالات من بيروت أن تسألنا هذه الأصوات نفسها: لماذا أفرجتم عنهم«.
وبعد الجلسة أصدر ديوان رئاسة الحكومة بلاغا أشار إلى المصادقة على الصفقة من جهة ورفض تقرير حزب الله عن رون أراد جملة وتفصيلا بمعطياته واستنتاجاته من جهة ثانية. وأبدى الديوان أمله بأن يواصل الوسيط كونراد مساعيه لجلب معلومات موثوقة عن أراد.
واعتبر وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعزر تقرير حزب الله »ضحكا على الذقون«.
ويعتبر رفض التقرير نوعا من التسوية، فهو يخدم الحكومة أمام عائلة أراد التي دعت إلى عدم القبول باستنتاجات حزب الله بل والإصرار على جلب معلومات إضافية لديه. كما أن ذلك يوفر نوعا من الغطاء لرئيس الموساد الذي رأى أن التقرير هو مجرد خدعة لتطهير إيران وحزب الله من المسؤولية عن مصير أراد.
وقال رئيس الموساد مئير داغان أمام الحكومة أن التقرير ليس أكثر من »خدعة« . وفي نظره فإن »هذا تقرير مثير للخيبة، وهو لا يكشف شيئا. إنه تقرير فارغ من أي مضمون من الناحية الاستخبارية ويجب رفضه. وكان بالوسع تلخيصه في نصف صفحة أو حتى إرسال مغلف فارغ بدلا عنه.« وأكد داغان أن الأخطر في التقرير ليس أنه لم يقدم شيئا وإنما محاولته تطهير حزب الله وإيران من المسؤولية عن مصير أراد.
ونقل معلق سياسي عن مصدر استخباري قوله أن حزب الله بذل في كتابة التقرير جهدا أكبر من الجهد الذي بذله بحثا عن معلومات حول مصير أراد.
ولكن هذا الرفض في نظر معلق في القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي يخدم أيضا في الموقف الذي اتخذته إسرائيل والقاضي بالإفراج عن عدد لا يزيد عن عشرة من الفلسطينيين رغم التعهد المقدم من حكومة إسرائيل للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بهذا الشأن. فإسرائيل بإعلانها رفض التقرير تقول أن حزب الله لم يلتزم بتعهداته بشأن التقرير وبالتالي لا ينبغي لأحد اتهامها بالخداع بشأن الأسرى الفلسطينيين. ومعلوم أن إسرائيل تعهدت في رسالة لبان كي مون بالإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين خلال بضعة أسابيع من تنفيذ الصفقة.
وقد زار ممثلو الصليب الأحمر الدولي، أمس، سجن هداريم والتقوا بالقنطار ورفاقه الأربعة. وسأل الصليب الأحمر كل واحد منهم على انفراد إذا كان يمانع في الإفراج عنه إلى لبنان لأي سبب كان. كما قام بفحصهم من الناحية الطبية.
وتجدر الإشارة إلى أن القنطار ورفاقه باتوا معزولين عن رفاقهم في الأسر منذ يوم الاثنين وأن سرية شديدة فرضت على الطريق التي ستسير فيها قافلتهم من السجن إلى معبر الناقورة خشية تعرضهم لأي أذى.
وقد وصلت أمس عشر شاحنات صليب أحمر من الأردن لحمل نعوش ١٩٩ شهيدا لبنانيا وفلسطينيا وعربيا. وثمة من يلخص التبادل غدا بأنه عشر شاحنات وسيارة من الجانب الإسرائيلي للجانب اللبناني مقابل سيارة واحدة من الجانب اللبناني للجانب الإسرائيلي.
وكان مراسل الشؤون العربية في القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي قد شكك في الإفراج عن جثمان الشهيدة دلال المغربي بطلة عملية الساحل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي منطقة رأس الناقورة على الحدود مع لبنان منطقة عسكرية مغلقة في خطوة تهدف للسيطرة على التغطية الصحفية من الجانب الإسرائيلي من أجل عدم إثارة الرأي العام الإسرائيلي وإظهار مقدار الفشل.
وبعد الجهود التي بذلتها عائلتا هاران وشاحر اللتان فقدتا أبناء لهما في العملية التي نفذها سمير القنطار ورفاقه في نهاريا لمنع إتمام التبادل قال بعض أفرادهما أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز يفهم ألمهم ولكنه »وقع على العفو عن القنطار وخضر زيدان«.
وقد جاءت هذه الجهود بعد أن رفضت المحكمة العليا للمرة الثانية الاعتراضات بشأن الصفقة. وكانت المحكمة اللوائية في الناصرة قد أقرت الإفراج عن ثلاثة من مقاتلي حزب الله تجري محاكمتهم أمامها وهم محمد سرور وحسين سليمان وماهر كوراني.
ونقلت »اسوشييتد برس« عن وثيقة سرية لمكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن عميلا سريا ألمانيا ساعد في صفقة تبادل الأسرى (غيرهارد كونراد).
وأوضحت الوثيقة أن العميل الألماني عمل لمدة ١٨ شهرا للمساعدة على ترتيب عملية التبادل. وتشير إلى انه »تخطى واجبه من خلال بذل جهود مضنية«، وانه قطع أكثر من ٧٠٠ ألف كلم جوا عبر السفر بين نيويورك وتل أبيب وبيروت وعواصم أوروبية عدة.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...