حراك روسي لترتيب أجندة المحادثات: جولتان مقبلتان في أستانة وجنيف
برز تعارض أولويات النقاش بين الوفدين السوريين، الحكومي والمعارض (وفد «الهيئة»)، كطابع رئيسي للجولة الجارية في جنيف، في ضوء إصرار الوفد الحكومي على إدراج ملف الإرهاب ضمن بنود المقترح الأممي لنقاط التفاوض، مقابل تمسّك وفد «الهيئة العليا» المعارضة بأولوية بحث الانتقال السياسي. وتزامن الخلاف مع تصعيد من الجانب المعارض تجاه الجانب الروسي، واتهامه بالتنصل من تنفيذ مفاعيل اجتماعات أستانة، في محاولة لإخلاء المسوؤلية من الالتزام المقابل ــ من جانب المعارضة ــ بضرورة محاربة الإرهاب.
وتدلل زيارة الوفد الروسي الذي يرأسه نائب وزير الخارجية، غينادي غاتيلوف، وسلسلة اللقاءات التي أجراها في جنيف خلال اليومين الماضيين، على أن موسكو أرادت إعطاء زخم للاجتماعات التحضيرية، وإتاحة الفرصة للوصول إلى طاولة المحادثات الفعلية، بما يعنيه ذلك لها من نجاح لجهودها الميدانية والتقنية في أستانة.
الحراك الذي أطلقته الزيارة الروسية ترافق مع نشر معلومات عن موعد الجولة المقبلة للمحادثات، بشكل يشير إلى وجود تفاؤل بنجاح نسبي لسلسلة الاجتماعات التي قادها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، إذ نقلت وكالة «تاس» الروسية، عن مصدر مطلع على المحادثات، أن الجولة المقبلة ستجرى في العشرين من الشهر الجاري، كموعد مبدئي، موضحاً أن المبعوث الأممي «لم يعلن بعد الموعد النهائي» للوفود المشاركة. ولفت المصدر إلى أن الجولة الحالية من المحادثات تنتهي في الثالث من آذار (غداً)، مضيفاً أن «دي ميستورا يعتزم عقد عدة جولات حتى يتم التوصل إلى اتفاق على ثلاثة محاور رئيسية وهي: تشكيل الحكومة، والجدول الزمني لصياغة الدستور وإجراء الانتخابات». وبالتوازي، كشفت مصادر أن الجولة التالية من محادثات أستانة ستسبق جولة جنيف، وتعقد في الرابع عشر من الشهر الجاري.
ورغم تحديد المصادر ــ نقلاً عن دي ميستورا ــ لمحاور ثلاثة للنقاش ضمن الجولة المقبلة، نقلت وكالة «سانا» الرسمية عن مصدر مقرّب من الوفد الحكومي إلى جنيف، ما مفاده أن «الوفد قدّم مجموعة من التعديلات والملاحظات على الورقة التي تسلمها من المبعوث الأممي... وطلب منه إطلاع وفود المعارضات على الورقة المعدلة والحصول على موقفهم منها». وأشار إلى أنه «خلال اليومين الماضيين كانت هناك محادثات معمقة ومثمرة مع دي ميستورا حول جدول أعمال المحادثات، وتوّجت بالاتفاق على أن الجدول يتضمن (4 سلات) تتساوى في الأهمية، وهي الإرهاب والحكم والدستور والانتخابات». ولفت المصدر إلى أن الوفد «أثار موضوع تصريحات بعض الأطراف وقيامها بنقل أقوال غير دقيقة عن لسان دي ميستورا بشأن توصيف مجريات جلسات المحادثات»، مؤكداً أن «مثل هذه التصرفات لا تصبّ في مصلحة مصداقية المبعوث الأممي وتهدف إلى تضليل الرأي العام، وصولاً إلى الهدف النهائي المتمثل في إفشال جنيف».
وفي المقابل، أعلن وفد «الهيئة العليا» المعارضة، بعد اجتماعه مع دي ميستورا، أن «الانتقال السياسي» بات الموضوع الرئيسي على طاولة الحوار في جنيف. وقال رئيس وفد «الهيئة» نصر الحريري إن «نقاشات معمقة دارت للمرة الأولى، حول القضايا المطروحة في موضوع الانتقال السياسي، من فريق دي ميستورا». وأكد أن «هذا موضوع طويل وبحاجة إلى مفاوضات وجلسات معمقة أكثر». وقال إن المبعوث الأممي أشار إلى موافقة الوفد الحكومي على بحث القضايا المطروحة في القرار الأممي 2254، مضيفاً: «ما يهمّنا منها هو تحقيق الانتقال السياسي، لأنه السبيل الوحيد لتحقيق القضايا الأخرى في هذا القرار... وحتى هذه اللحظة لم يتم الوصول الى أجندة واحدة نهائية». وأضاف أن الوفد الحكومي يحاول إعطاء الأولوية لنقاط أخرى لتفادي التعامل مع القضايا السياسية بشكل مباشر، متّهماً الجانب الحكومي بـ«اللجوء إلى العنف على الأرض لإفساد المحادثات».
وكان غاتيلوف قد التقى أمس ممثلين عن وفد «الهيئة» المعارضة ووفدي منصّتي القاهرة وموسكو، في جنيف. كذلك، أعلنت البعثة الروسية في جنيف أن غاتيلوف عقد أمس اجتماعاً جديداً مع رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، لبحث سير المحادثات.
وفي سياق متصل، ذكر الحريري قبيل اللقاء أنه سيتم البحث بشكل مستفيض في موضوع تثبيت وقف إطلاق النار، وتدهور الوضع الإنساني في العديد من المناطق، وخاصة الغوطة الشرقية، إضافة إلى بحث سبل دعم العملية السياسية.
وبالتوازي مع سير المحادثات، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ بلاده تأمل ألا تتعطل جولة المحادثات الجارية، موضحاً أن «جدول أعمال المحادثات لا يحتاج إلى مزيد من الدراسة، فقد تم تحديد الخطوط العريضة بقرارات مجلس الأمن الدولي، وخاصة القرار 2254».
ورأى خلال حديث صحافي مع نظيره النيجري إبراهيم يعقوب أن «برنامج الحل السياسي يستند إلى ضرورة تشكيل رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية»، مضيفاً أن «المرحلة التي تلي ذلك تقتضي وضع دستور جديد وإجراء انتخابات عامة مبكرة».
وشدد على أن القرار 2254 يطالب «بمعركة كاملة غير منقوصة ضد الإرهاب، فضلاً عن الفصل بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين»، مؤكداً أنه «لا يمكن أن نترك متطرفين ضمن القائمة السوداء التي حددها مجلس الأمن يشاركون في العملية السياسية».
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد