حرب أهلية في «الجزيرة» بين «علمانيين» و أخونجية
مرّ زمن من دون أن نسمع حسّاً لـ «الجزيرة» ولم نعتد أن تمر أشهر من دون أن تعيد هذه المحطة تصنيع الكوارث المحيطة في العالم العربي، على شكل أخبار مشوّقة بأسلوب دراماتيكي ومتخيّل أحياناً. آخر فضائح قناة «الرأي والرأي الآخر» كان توليها زفاف «عرس قطر الديمقراطي» يوم قرر الأمير حمد بن خليفة آل ثاني نقل الديمقراطية من حيّز الفكر إلى ميدان التطبيق وتسليمه طواعية راية السلطة لابنه تميم.
صباح ذاك اليوم الاستثنائي، استيقظ المذيع محمد كريشان منذ السادسة فجراً ولبس بذلته الجديدة، وسلك طريق استوديو القناة، مصاباً بالحبور لكونه قد دخل التاريخ لأنّه استفرد بالتعليق على مراسم «العرس»! غطّت «الجزيرة» بعدها في نوم عميق، على الأقل بالنسبة إلى أي مشاهد يبحث عن الحد الأدنى من الصدقية، إلى أن خلع مذيعها الإخونجي أحمد منصور حذاءه، وتمايل بقوامه في بلاط أميره أبو محمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة». كان ذلك الحوار يومها بمثابة الضربة القاضية لبقايا المهنية في كواليس القناة.
تراشق بين أحمد منصور وغادة عويس على فايسبوك
مرت فترة قبل أن يعود التشويق في «الجزيرة»، ليس من باب «كراكوزها» الطائفي الشهير فيصل القاسم، بل من نافذة الضمير الذي اهتزّ مع انتشار صورة الطفل إيلان كردي. لم يكن أمام مذيعي «الجزيرة» سوى الدخول على خط الندب، كنوع من الحفاظ على «البريستيج». أسهمت صورة الطفل الغريق في إظهار حال الانقسام الذي يحكم علاقات الفريق الإعلامي في المحطة، فهناك تياران: الأول إخواني أبرزه أحمد منصور، والثاني علماني يكره الفريق الأول، لكنه مضطر إلى العمل وفق المفاهيم البائدة التي تحكم «مشيخة الغاز». هكذا، أماطت قضية إيلان كردي وصور اللاجئين المحاصرين في المجر اللثام عن التوتر الحاصل في «الجزيرة». قبل أيام، شارك أحمد منصور على صفحته على الفايسبوك روابط تروي «هزيمة المجريين والأوروبيين أمام جيوش المسلمين في معركة نيكوبوليس. هذه القصة التي يرويها الدكتور راغب السرجاني باختصار تكشف أسباب التصريحات الصليبية والعنصرية لرئيس حكومة المجر ضد اللاجئين المسلمين، ولماذا أساء معاملتهم وأهانهم طوال الفترة الماضية». من جهتها، نشرت المذيعة خديجة بن قنة رابطاً لمقال يهاجم موقف الدول العربية مما يجري في سوريا ويصفه بالمخزي. أما المذيعة فاطمة التريكي، فقد كانت أكثر حدة وعشوائية عندما انتقدت دول الاتحاد الأوروبي بتعليق فايسبوكي قائلة: «إذا كانت أوروبا لا تريد مسلمين عندها، فلتأخذ اليهود وبشار الأسد وشبيحته وجماعته، وتترك لنا فلسطين وسوريا وسنكون في أتم الامتنان»! فما كان من بن قنة إلا أن شاركت التعليق معبرة عن استيائها من التعامل الأوروبي مع اللاجئين السوريين. وهنا، جاء الرد من غادة عويس. من دون أن تتخلى عن عدائيتها المعروفة، كتبت المذيعة اللبنانية على صفحتها الزرقاء مخاطبة زميليها منصور وبن قنة: «يحمل جواز سفر بريطانياً ويقضي كل عطلاته في أرحاب أوروبا، ويشتري كل ملابسه وحاجاته من هناك، وهي محجبة تملك بيتاً في فرنسا وتحمل جواز سفر منها وتقضي عطلتها على شواطئ نيس، وكانت حقيبة الشانيل صديقتها المفضلة... رغم ذلك وفي خضم أزمة لاجئي سوريا تقرأ على صفحتيهما أن أوروبا بلا إنسانية وعنصرية وصليبية، وتكره المسلمين وتحتقر المحجبات ومسؤولة عن كل مشاكل العرب والدول الإسلامية»، قبل أن تستطرد قائلة: «الحمد لله جوازي لبناني ورفضت حمل غيره وأحترم موقف أوروبا من أزمة اللاجئين، وأحتقر من يستعيد عبارات كـ «صليبية» لأنك عندما تستعيد كلمة من التاريخ لتعمّمها على دين وقارة، فكأنك تقول إن كل المسلمين دواعش الآن، وهذا مرفوض وغير صحيح». سرعان ما التقطت المواقع الإلكترونية الخبر لتشمت بعائلة إعلامية واحدة باتت تحتقر بعضها علناً. الأمر استدعى إدارة المحطة القطرية للتدخل فوراً وتوجيه موظفيها لحذف التعليقات المسيئة بحق بعضهم، وهذا ما حصل فعلاً. وأوضحت مصادر لنا من داخل المحطة أنّ الإدارة أصدرت «تعميماً وجّه جميع الموظفين نحو آلية وأسلوب معينين لطريقة التعاطي مع صفحات التواصل الاجتماعي».
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد