خريطة العالم بحسب دونالد ترامب
خريطة مُصوَّرة، مطليّة بالألوان، في داخلها عالَم أعاد تقسيمه التعصّب. بسبع عشرة بقعة تقريباً تتحوّل قرائن البرّ والبحر في تصوّرات رسّام الخرائط يانكو تسفيتكوف، إلى مسوّدة لعالم جديد، كما يراه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
نجحت الخريطة التي نشرها موقع صحيفة «الإندبندنت» في الجمع بين الهزل والفكاهة من جهة والغنى الفكري من جهة ثانية، كغيرها من خرائط سلسلة «أطلس الأفكار المسبقة» للرسام البلغاري.
تستبدل الخريطة بلدان الشرق الأوسط بكلمة «إرهابيون» على مساحة سوداء. والمكسيك بـ«مغتصبون». بدلاً من روسيا وعلى مساحة صفراء نقرأ كلمة «قاتِلو داعش»، أما الصين الحمراء فستكون بلاد «خبراء تشييد الجدران»، ومنغوليا بلاد «المكسيكيون الآسيويون». أفريقيا «موطن أوباما الأصلي»، أما أوروبا فستكون «مكّة الجديدة» في إشارة إلى ازدياد المهاجرين من المسلمين. أما الهند فهي بلد «النساء المثيرات». بدلاً من استراليا نجد على مساحة بالأصفر عبارة «أوبرا في الصحراء».
ينتقل تسفيتكوف إلى أميركا الجنوبية معتبراً إياها بلد «ملكات جمال العالم». بينما تصبح الولايات المتحدة الأميركية دولة «ترامب» بلونها الأحمر، وكندا «الدولة الضعيفة»، بينما نجد «المزيد من الإرهابيين» بدلاً عن الفليبين وأندونيسيا وماليزيا. نشاهد أيضًا على الخريطة أرقامًا كتبت على بقع صغيرة ملوّنة كل منها يدلّ على تصنيف جديد، الرقم 1 «شعب يحبّ ناطحات السحاب» في إشارة إلى اليابانيين، الرقم 2 «شعب غير قادر على تشييد الفنادق»، «عالم دونالد» يتبع الرقم 3، و 4 «خادمو فنادق»، بينما 5 هو «مناجم خواتم الألماس» إضافة إلى مناطق أشير إليها برمز لتدلّ على امتلاك ترامب أبراجاً فيها.
تقتضي التسميات الجديدة حالة ذهنيّة جديدة للتلّقي. فبين التصريحات الغريبة والمثيرة للجدل التي أحاط بها ترامب الإعلام وبين خرائط تسفيتكوف، يصبح التعايش بين البشر مستحيلاً؛ حتى وإن كانت الولايات المتحدة ملكاً لترامب كما أرادها. فالخرائط ذات الشكل الفني الجميل تؤكد تصريحات ترامب؛ مثلاً عندما أعلن قبل أحد عشر شهراً بأنه سيمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وصفه حينها منافسه الديموقراطي مارتن أومالي الذي انسحب في بداية الانتخابات التمهيدية بـ «الغوغائي الفاشي».
لكن مَن يشكّ في أن ترامب يدري ما يقول ويعي ما يفعل! هو الذي اتّهم المكسيك بإرسال المجرمين إلى الولايات المتحدة. قال يومها مخاطباً الأميركيين: «عندما ترسل المكسيك الناس إلينا، لا يرسلون الأفضل. لا يرسلون مثلكم. إنهم يجلبون المخدرات والجريمة، إنهم مغتصبون. لكن أقدّر أن هناك أناساً جيدين». إضافة إلى قوله بأنه سيمنع عشرين بالمئة من سكان العالم من ارتياد الشواطئ الأميركية.
بعد سلسلة من الخرائط التي صمّمها تسفيتكوف حقّقت رواجاً وانتشاراً. تأتي النسخة الجديدة كطبعة ثانية من «أطلس الأفكار المسبقة: مجموعة الخرائط الكاملة» في 16 صفحة، مع تحديثات دائمة للنسخ الالكترونية ضمن تطبيق الكتب الالكترونية (IBOOK). ومن خرائط يانكو «العالم بحسب الأميركيين» 2012، «أوروبا تبعاً للولايات المتحدة» 2012، «آسيا بحسب الولايات المتحدة» 2012، «أوروبا تبعاً لروسيا» 2010، «أوروبا تبعاً للفاتيكان» 2010، «العالم تبعاً للصين القديمة»، «خريطة الشتاء العربي» 2012، و «خريطة الربيع العربي» 2011. في هذه الأخيرة يضع يانكو بدلاً من سوريا «مجازر الأطفال»، ويستبدل تركيا بـ «حكم مباراة»، ومصر «محبو موسيقى الجاز»، وتصبح السعودية «تكساس السعودية»، ولبنان مثل «هايتي»، أما فلسطين فهي «كوبا»، وليبيا «يوغسلافيا العربية»...
يعتبر مصمّم الخرائط أن الوقت حان لمواجهة الأشياء كما هي في الواقع «على الرغم من قوة ترامب كرجل أعمال خارق، إلا أن لديه اختلالاً يشبه ذلك الموجود في عقل قرويّ سكّير تبدأ خبرته السياسية في خمّارة شعبية وتنتهي فيها». يتساءل تسفيتكوف في مدوّناته: لماذا يعتبر أرسطو مشهوراً؟ لماذا يذكرنا دونالد ترامب ببيتر بان؟ كما يختار مجموعة من مصطلحات مثل: الثورة الصناعية، كيم كاردشيان، الخطيئة الأصلية، عصر النهضة، سليمان القانوني، الحرب العالمية الأولى، حرب الثلاثين عاماً، ليشرحها بطريقة تهكّمية. لكن مع تنامي التعصّب والأفكار المسبقة حول العالم، يبدو أن هذه الخرائط الساخرة تقترب لأن تصبح حقيقة.
روز سليمان
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد