دبلوماسية الجلوس: أمريكا وإيران “وجهاً لوجه”
اختتمت في جنيف، أمس، جولة من المباحثات بين القوى العالمية وإيران، بمشاركة واشنطن على مستوى عال للمرة الأولى، في مؤشر إلى قناعة مشتركة مع طهران، على ضرورة اعتماد دبلوماسية الجلوس “وجهاً لوجه”، وصولاً إلى حل وسط. وفيما لم يحقق لقاء جنيف اختراقاً لجهة إقناع إيران بقبول “حوافز” الدول الكبرى مقابل تجميد تخصيب اليورانيوم، لم يغلق المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الباب أمام مباحثات مقبلة، بينما خفف كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي من أي تشاؤم بقوله إن المفاوضات تشبه السجادة الإيرانية التي يتم تصنيعها “غرزة غرزة”. والتقى سولانا، نيابة عن القوى الكبرى التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن وألمانيا، مع جليلي، لمناقشة عرض “حوافز” يتعلق بمستقبل التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة النووية والسياسة فور وقف طهران أنشطتها النووية. وقال بعد الاجتماع إن إيران لم تقدم إجابة واضحة على مقترحات “الحوافز” لكنه يأمل أن يتلقى رداً شاملاً في غضون أسبوعين. وأوضح سولانا أنه وجليلي يفترض أن “يعودا إلى الاتصال” في غضون هذه المهلة، أو أن يعقدا لقاء جديداً “عبر الهاتف أو عبر مستشارينا”.
وفي رد بدا كأنه استباقي، قال جليلي، إن إيران غير مستعدة لبحث تجميد تخصيب اليورانيوم الذي اقترحته “السداسية” مقابل امتناع مجلس الأمن الدولي عن فرض مزيد من العقوبات. وأضاف “سنبحث فقط النقاط المشتركة في الصفقة”. وعن جولة المباحثات التي استمرت نحو ست ساعات، قال إن الدبلوماسية “تشبه السجادة الإيرانية، التقدم فيها يتم غرزة غرزة”، مضيفا انه “عمل دقيق جدا” و”يجب أن نأمل بأن المنتَج حين ينتهي سيكون النظر إليه أمراً رائعاً”.
ويفترض ان يرد الإيرانيون على عرض تقدم به سولانا أخيرا وفيه اقتراح حول مرحلة مفاوضات تمهيدية، يمكن البدء بها إذا وافقت طهران على إبقاء التخصيب في مستواه الحالي، مقابل تخلي القوى الكبرى عن تشديد العقوبات المفروضة على إيران.
وأعلن جليلي أن هذا الموضوع كان محور نقاش “لساعات طويلة”، أمس، مضيفا “الأهم بالنسبة إلينا، هو تقديم مقاربة بناءة على طاولة المفاوضات لكي نتمكن بعد ذلك من الوصول إلى تعاون بناء يتناول اهتماماتنا المشتركة ويستند إلى واجباتنا الجماعية”. وأكد ان بلاده “أوجدت فرصا عديدة للتعاون في مجالات مختلفة” عبر اقتراحات طرحتها إيران في مقابل عرض الدول الست المقدم إليها ويتناول حل المشاكل العالمية الكبرى.
وكان مسؤولون إيرانيون قد استبعدوا، أي تجميد لتخصيب اليورانيوم في بداية المحادثات. وقال مسؤول “أي تعليق أو تجميد (لتخصيب اليورانيوم) أمر غير وارد”.
وقال السفير الإيراني لدى سويسرا كيوان إيماني إن إيران لن تقبل تجميد التخصيب. وأضاف “مناقشة هذا الأمر ليست واردة في جدول أعمال إيران”، مشدداً على رفض عرض التجميد مقابل التجميد، ومؤكداً بحث القضايا المشتركة.
ولم يقل الدبلوماسي الأمريكي المشارك في المباحثات وليام بيرنز شيئا، لأنه “جاء للاستماع وليس للتفاوض”، على حد تعبير المتحدثة باسم سولانا، كريستينا جالاش.
لكن القول جاء من واشنطن على شكل تحذير لطهران بأن عليها أن تختار بين التعاون والمواجهة وان تتخلى عن الأنشطة النووية الحساسة. وقال شون مكورماك بعد محادثات جنيف التي حضرها للمرة الأولى الدبلوماسي الأمريكي الكبير وليام بيرنز “نأمل في أن يدرك الشعب الإيراني أن قادته يحتاجون للاختيار بين التعاون الذي سيجلب فوائد للجميع والمواجهة التي لن تؤدي سوى إلى مزيد من العزلة”. وأضاف أن بيرنز لم يلتق بصورة منفصلة بأي فرد في الوفد الإيراني، وأن سولانا أبلغ إيران رسالة واضحة ولكنه لم يحصل على رد مباشر.
وقال مكورماك الذي حصل على تقرير عن الاجتماع من بيرنز “سولانا لم يحصل على إجابة واضحة ب (نعم) او (لا). وأكد سولانا أن إيران بحاجة الى تقديم إجابة واضحة خلال أسبوعين”. وأضاف أن بيرنز أبلغ المفاوض الإيراني جدية واشنطن في دعمها لحزمة حوافز القوى الكبرى، داعياً إيران بالمقابل لأن توقف تخصيب اليورانيوم لكي تخوض مفاوضات تضم الولايات المتحدة. وقال مكورماك “قال سولانا اليوم بعد الاجتماع ان إيران أمامها خيار لتتخذه.. المفاوضات أو المزيد من العزلة”.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد