دلائل ازدواج السياسة السعودية في زيارات الملك الأخيرة

الجمل: السياسة الخارجية السعودية أصبحت أكثر تحركاً خلال الأسبوعين الماضيين، وبعد زيارة الملك السعودي عبد الله إلى بريطانيا، تناقلت المصادر الإعلامية أخبار زيارته إلى تركيا.
* الأبعاد المعلنة لزيارة الملك السعودي إلى تركيا:
تقول المعلومات الواردة في صحيفة زمان التركية اليوم، بأن الملك السعودي قد وصل إلى العاصمة التركية أنقرة يوم الجمعة الماضي، وذلك من أجل تهنئة الرئيس التركي عبد الله غول بمناسبة توليه منصب رئاسة الجمهورية التركية. وتقول المعلومات كذلك، بأن الملك السعودي هو الزائر الثالث الرفيع المستوى الذي وصل إلى تركيا، بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الكازخستاني نور سلطان نزار باييف.
كذلك أشارت الصحيفة إلى أن الملك السعودي عبد الله سبق أن زار تركيا في آب 2006م بموجب الدعوة التي وجهها آنذاك الرئيس التركي السابق أحمد نجدت سيزر.
* الأبعاد غير المعلنة للزيارة:
ما كان لافتاً للانتباه في تقرير الصحيفة العبارة القائلة "... إن زيارته الحالية، على أية حال، تختلف عن كونها مجرد زيارة رسمية عادية.."، وأشارت الصحيفة التركية إلى الملاحظات التالية:
• الوفد المرافق للملك السعودي بلغ عدده 300 عضواً، ضم بعض أفراد العائلة المالكة، وكبار المسؤولين ورجال الأعمال وبعض الوزراء السعوديين.
• إن زيارة ملك السعودية إلى تركيا جاءت بعد زيارته للولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأقصى.
• إن زيارة الملك السعودي الحالية إلى تركيا جاءت ضمن جولة قام بها الملك السعودي إلى بريطانيا وإيطاليا وألمانيا.
• إن  زيارة الملك السعودي لتركيا جاءت قبل مؤتمر أنابوليس للسلام الذي دعت إليه إدارة بوش، وتزامنت أيضاً مع دعوة السعودية إلى عقد مؤتمر خاص بالشرق الأوسط.
• تعرضت بعض الصحف التركية لزيارة الملك السعودي بالنقد الشديد، على النحو الذي استدعى السلطات التركية إلى مطالبتها بالكف عن ذلك على الأقل خلال وقت الزيارة.
تشير هذه الملاحظات إلى وجود شيء ما تحت السطح بين السعوديين والأتراك، وما كان معلناً هو تقرير التعاون السعودي – التركي، أما ما هو غير معلن فمن الواضح أنه يتمثل في جملة من الملفات أبرزها:
• الملف الإيراني.
• الملف الكردي.
وتشير التكهنات إلى أن السعوديين يحاولون انتهاج سياسة خارجية مزدوجة بحيث وإن كانت تتبنى توجهات التعاون العربي – الإسلامي مع تركيا، فهي في نفس الوقت تحاول عدم الإخلال بثوابت توجهات السياسة الخارجية الأمريكية، والانسجام مع أجندة البيت الأبيض، ومن المتوقع أن يحاول السعوديون "إثناء" الأتراك عن القيام بعملية الاقتحام العسكري لشمال العراق، إضافة إلى التلميح للأكراد بضرورة عدم التمادي في بناء العلاقات الوثيقة مع الإيرانيين.
* السعودية وآخر المعلومات الواردة من بريطانيا:
نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريراً إخبارياً أعده ميشيل إيفانز محرر شؤون الدفاع في الصحيفة، تطرق إلى قرار المحكمة العليا البريطانية بقبول الطلب الذي تم تقديمه لها بواسطة جماعات الضغط البريطانية، والذي طالبها بمراجعة قرارها بإيقاف التحقيقات المتعلقة بفضيحة استلام رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان مبلغ 2 مليار جنيه إسترليني (أي ما يعادل 4 مليار دولار أمريكي) كعمولة لقاء صفقة "اليمامة" السعودية التي تضمنت قيام بريطانيا ببيع المملكة طائرات حربية نفاثة وبعض العتاد العسكري، ويقول تقرير الصحيفة بأن المحكمة العليا البريطانية سوف تنظر رسمياً في الطلب بعد يوم 28 كانون الثاني 2008م القادم، وتقول التوقعات بأن قرار المحكمة العليا البريطانية إن أبطل قرار الحكومة البريطانية الذي أوقف التحقيقات، فإن مكتب التحقيقات البريطاني سوف يواصل تحقيقاته وتحرياته، وسوف يترتب على ذلك ضجة كبيرة في الرأي العام السعودي، وذلك لأن الأمير بندر بن سلطان لن يكون بالضرورة وحده بل هناك الأطراف الأخرى التي سوف تكون متورطة كذلك والتي سيصدر القضاء البريطاني بحقها مذكرات توقيف ملزمة لكل بلدان العالم التي تتمتع بالعضوية في منظمة الإنتربول (البوليس الدولي)، ولما كانت السعودية من بين هذه الدول، فإن المشكلة التي سيتعرض لها الأمير بندر بن سلطان رئيس الأمن القومي السعودي ستكون كبيرة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى حرمانه من تحركاته الغير معلنة التي ظل يقوم بها إلى بعض البلدان الشرق أوسطية، ومن يدري فقد تقوم إسرائيل بإلقاء القبض عليه في إحدى زياراته السرية إليها ومن ثم تقوم بتسليمه إلى بريطانيا باعتباره مطلوباً من الإنتربول!!
على أية حالة فقد لا يحدث ذلك باعتبار أن السياسة هي فن الممكن.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة