رجال الأعمال الفاسدين وكيف تتعامل معهم الحكومة واتحاد الغرف

05-07-2007

رجال الأعمال الفاسدين وكيف تتعامل معهم الحكومة واتحاد الغرف

لن نكتفي بما سنعرضه اليوم بل هي دعوة للحوار حول هذا الموضوع المطروح علنا نصل إلى صيغة تضع حدا لهذه الظاهرة بهدف حماية الاقتصاد الوطني أولاً وأخيراً.‏‏
بداية يشير الخبير المالي والمصرفي عبد القادر حصرية إلى أن أصل كلمة الفساد أو corruption في اللغة الانكليزية هو من اللغة اللاتينية (التدمير) وهذا يشير بوضوح إلى خطورة الفساد على المجتمعات واقتصاد الدول, والفساد اصطلاحاً -يضيف حصرية- مرتبطاً بشكل أساسي بالأجهزة الحكومية وهو سلوك يأخذ أشكالاً متعددة تبتعد عن الأخلاق والتقاليد والقوانين والقيم المدنية وقال:‏‏
إن عقوداً من الاقتصاد الموجه فعلت فعلها في رجال الأعمال في سورية حيث تمت إدارة الاقتصاد بقرارات إدارية وبعدد من التشريعات والأنظمة البعيدة عن الواقع, بيئة العمل هذه أنهت وجود الكثيرين من التجار الذين عرفوا بالاستقامة لأسباب تتعلق بالأنظمة والتشريعات البعيدة عن الواقع وجعلت بقاء البعض أمراً صعباً وأدخلت فئة جديدة طفيلية مارست أعمالاً غير قانونية أضرت بالاقتصاد الوطني وجمعت بفضل ذلك ثروات وبالتالي فهذه المرحلة خلقت فئة من رجال الأعمال الذي عرفوا بابتعادهم عن الالتزام بالقيم والسلوكيات وهؤلاء هم نتاج اقتصاد التخطيط المركزي وهي مرحلة حصر وتقييد الاستيراد وتحقيق الربح والخسائر عبر قرارات حكومية وهكذا دخل على خطوط العمل أشخاص لم يظهروا بشكل مباشر جمعوا أموالاً طائلة بطرق غير شرعية كالعمولات الكبيرة والغش في المواد والتهريب وغيرها من أساليب العمل غير النظامية.‏‏
الأنظمة الإدارية عامة والمالية والمصرفية والتموينية خاصة غير الواقعية هي التي تشجع على الفساد وتجعل بقاء واستمرارية التاجر مرتبطة بقدرته على الرشوة, وهي شكل من أشكال الفساد, حتى أن بعضهم يضطر للفساد ويسمي اللجوء للرشوة ب (طريق سريع) fast track وهو أمر خطير يتنافى مع أبسط مبادئ تكافؤ الفرص.‏‏ وأضاف حصرية: وإذا أرادت الدولة التخفيف من ظاهرة رجال الأعمال الفاسدين فكل ما عليها هو أن تبدأ بخلق بيئة من الأنظمة والتشريعات التي تجعل العمل شفافاً وميسراً ومتاحاً للجميع, كذلك يجب إعطاء الأهمية اللازمة للإصلاح الإداري, ومن ثم يجب العمل على استكمال منظومة آليات اقتصاد السوق ومن ثم التأكد من تطبيق هذه التشريعات, كما يجب التعامل بشكل مناسب مع من يتهرب من الضرائب أو الذي لا يسدد التزاماته المالية أو الذي يستورد سلعاً مخالفة للمقاييس عبر تطبيق القوانين والأنظمة الخاصة بكل مخالفة وبشكل مضطرد.‏‏
وعن دور الغرف يقول حصرية: دور غرف التجارة هام جداً, وذلك من خلال تبني ميثاق أخلاقي وزيادة الوعي بأهمية الالتزام بالأنظمة والقوانين ونشر ثقافة العمل التجاري القائم على القواعد الأخلاقية في التعامل والتأكيد على الالتزام بالأنظمة والقوانين, لغرف التجارة مصلحة كبيرة في مكافحة الفساد ورفع سوية العمل التجاري والممارسات التي يقوم بها التجار والصناعيون لأن فضائح رجال الأعمال الفاسدين تؤثر على سمعة ودور رجال الأعمال بشكل عام.‏‏ ‏‏

الدكتور حيان سلمان أستاذ الاقتصاد في جامعة تشرين قال: طرق معالجة الفساد في القطاع الخاص تتركز على ضرورة مقاومته من قبل غرف التجارة والصناعة والزراعة التي تعتبر الإطار الشامل والجامع لكل الفعاليات إضافة إلى مقاومته من قبل الحكومة ولكن قبل التصدي للظاهرة, فقناعتي أنه يجب معالجة الفساد من جذوره أي بالقضاء على المناخات المشجعة له وعلى عوامل انتشاره. ويشير د.سلمان إلى أهمية المشاركة الشعبية في فضح الفساد على ان يكون ذلك على اسس واقعية وان نتجاوز الشكل والمضمون منطلقين من القاعدة التالية :إن من يعمل يخطئ ولكن يدخل ضمن دائرة الفساد الخطأ المقصود الذي يؤدي الى الاضرار بالمصلحة العامة على حساب المصلحة الخاصة ويضيف:وهذا الشيء ينطبق على رجال الاعمال لأنه لا توجد قضية فساد كبيرة الا وفيها ثلاثة اطراف طرف القطاع الحكومة واخر الخاص وبينهما قضية فساد وتؤكد التجارب ان القطاع الخاص لا يرتشي من الخاص وأن القطاع العام لا يرتشي من القطاع العام واكثر قضايا الفساد هي في علاقة ما بين العام والخاص لذلك نطالب بان يطبق على العاملين في القطاع الخاص من عقوبات ما يطبق على القطاع العام وعندئذ نصل الى امكانية تنظيم العلاقة بينهما واضاف :وبهذا المعني بالدرجة الاولى هي ان تتشكل دائرة خاصة ضمن غرف القطاع الخاص مسؤولة عن متابعة هذه القضايا وملاحقة المفسدين من القطاع الخاص لأنه بالأخير يسيء إلى سمعة هذا القطاع بشكل كامل. ويقترح سلمان في الاتجاه الآخر (الجانب الحكومي) تحديد المسؤوليات والصلاحيات في كل مفصل إداري واعتماد النافذة الواحدة بحيث يكون كل شيء واضحاً عند تقديم أي معاملة وبأن يحدد الزمن اللازم لإنجازها.‏‏

المهندس عصام تيزيني عضو مجلس ادارة غرفة صناعة حمص قال: إن المال يخلق نوعاً من النفوذ يمكن أن يصل إلى مفاصل مهمة في مراكز صناعة القرار وهذا شأن المال في كل الدنيا, لذلك إذا كنا نتحدث عن نفوذ المال لدى بعض رجال الأعمال في مجتمعنا فإننا نتحدث عن نفوذ مجبول بالفساد ينمو ويكبر عبر صفقات مشبوهة وعلاقات أيضاً مشبوهة مع بعض ا لنافذين في بعض المواقع الإدارية وإذا أضفنا إلى ما سبق البنية الثقافية الرخوة التي تصبغ معظم رجال الأعمال في مجتمعنا حيث أنها لا تفكر إلا بمصالحها وصفقاتها وكيف تراكم ثرواتها.. ما يجعلها غير مسؤولة وغير مؤهلة للمساهمة بالإصلاح الاقتصادي الذي تعمل عليه الحكومة باجتهاد واضح. لذلك فإنه إذا أخذنا بعين الاعتبار ما سبق فإننا نستنتج أن الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة وغرف التجارة والصناعة لا بد أن يكون مبنياً على اتجاهين اثنين.‏‏
الأول يعتمد مبدأ التطبيق المادي والثاني يعتمد الاستراتيجية المستقبلية أما التطبيق المادي فإن ما يمكن أن تفعله الحكومة هو أولاً أن يتم تطهير المواقع الإدارية الحساسة من الفاسدين الذين يسهلون لهذه الشريحة (رجال الأعمال الفاسدين) أعمالها هذا من جانب الحكومة أما من جانب الغرف التجارية أو الصناعية التي ينتسب إليها هؤلاء المعنيون فإنه لا بد من قيام هذه الغرف بمتابعة ومساءلة من يشك بنزاهته وأن تقوم بالتشهير به إن ثبت فساده فالتشهير يجعل الكثيرين ممن تسول لهم أنفسهم أن يمارسوا الفساد يجعلهم يفكرون ألف مرة قبل أن يقبلوا على أي شيء يمكن أن يعرض سمعتهم للخطر.‏‏
أما الاستراتيجية المستقبلية فهي أن يعمل كل من الحكومة والغرف بشكل منسجم و بنهج تشاركي من أجل رفع السوية الثقافية ورفع مستوى الإحساس بمصالح الآخرين لدى رجال الأعمال وتعزيز فكرة الربح للجميع ليكون الجميع مستفيداً (الدولة والفرد) وهذا الأمر في الحقيقة يحتاج إلى جهد شاق في البناء ولكنه ليس مستحيلاً.

 

حازم شعار
المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...