سباق التسلح في لبنان

02-12-2006

سباق التسلح في لبنان

على اختلاف التباينات السياسية بين اللبنانيين، موقف موحد ‏يسود اليوم مختلف الفئات اللبنانية، وهو الترقب والحذر فبعد أن بلغ مستوى الاصطفاف السياسي بين فريقي الحكومة ‏والمعارضة حد المواجهة، التي بات اللبنانيون يتعاملون معها ‏وكأنها استحقاق لا مفر منه، نجحت الحرب النفسية في ‏السيطرة على أجواء البلاد وشل الحركة فيها، لا سيما بعد ‏تناقل شائعات وأقاويل تتحدث عن قيام مجموعات سياسية ‏معينة ذات طابع طائفي بتسليح أنصارها وبتخزين الأسلحة ‏وتوزيعها على الأفراد.‏  وقد غذت هذه الشائعات تصريحات ومواقف ساهمت في ‏تعزيز أرجحيتها، في الوقت الذي يتهم فيه كل فريق الفريق ‏الآخر بالسعي لافتعال فتنة.‏ وكلما سألت شخصا في لبنان، مهما كان انتماؤه عن الوضع، ‏يجيبك بـ"إنه متأزم جدا"، و"إن الجميع يتسلحون".‏
وعندما تسأل عن التفاصيل، يأتيك الجواب:" لا أعرف، ولكن ‏الجميع يقول ذلك، ولابد أنه صحيح."‏
في هذا الإطار، يقول عضو "المكتب السياسي" لـ"حزب الله" ‏‏"غالب أبو زينب" إن "الحديث عن موضوع توزيع السلاح ‏على الأفراد في أكثر من منطقة بشكل كبير يتم تداوله في ‏الأروقة السياسية".‏ ويشير إلى أن أحاديث كثيرة يتم تناقلها في هذا الإطار قائلا:" ‏لكن الشيء المؤكد هو أن هناك حركة تسلح."‏
ويحمل "أبو زينب" على وزير الداخلية بالوكالة "محمد ‏فتفت" الذي أقر أثناء توليه مهام وزارة الداخلية "أن هناك ‏تسلحا لعدة أطراف"، ووضع " أبو زينب" كلام الوزير في ‏‏"إطار تشريع حمل السلاح."‏
من جانبه اعتبر "فتفت" أنه كان يقصد في حديثه "السلاح ‏الموجود بيد "حزب الله"، والسلاح الفلسطيني داخل وخارج ‏المخيمات في لبنان".‏
يذكر في هذا الإطار أن جلسات الحوار التي عقدها القادة ‏اللبنانيون أفضت قبل حرب تموز/يوليو الماضي، التي شنتها ‏إسرائيل على لبنان، إلى اتفاق على نزع سلاح الفلسطينيين ‏خارج المخيمات، إلا أنه لم تتخذ أي خطوة في هذا الصدد.‏
وإضافة إلى سلاح المخيمات، تحدث "فتفت" عما أسماه ‏‏"عرفا لبنانيا باقتناء السلاح"، وأكد على "وجوب القضاء ‏على السلاح"، لكنه أشار إلى أن "معالجة الموضوع تأتي في ‏إطار المعالجة الشاملة لكل السلاح الموجود في البلاد"، على ‏حد قوله.‏
ويشكل موضوع سلاح "حزب الله" أحد أبرز المسائل الشائكة ‏في الأزمة اللبنانية.‏ إلا أن أبو زينب يشير إلى أن هذا السلاح،" وبالرغم من أن ‏هناك اختلافا عليه، غير أنه مغطى بالبيان الوزاري للحكومة ‏الجالية، وأن الهدف منه استخدامه ضد إسرائيل."‏
وفي الإطار ذاته تحدث "جبران باسيل" القيادي في "التيار ‏الوطني الحر" الذي يتزعمه "ميشال عون"، المتحالف مع ‏‏"حزب الله"، قائلا "إن معالجة سلاح حزب الله لا تـُحلّ عبر ‏اقتناء فرقاء آخرين للسلاح، كما يشاع".‏ وأشار "جبران باسيل" إلى أن "أي استخدام خاطئ لسلاح ‏حزب الله في الداخل، سيدفع ثمنه حزب الله في الدرجة ‏الأولى".‏
وربط "باسيل" بين الاستقرار السياسي والاستقرار الأمني، ‏محملا الحكومة "مسؤولية تضخيم حالة الخوف لتعطيل ‏الحركة الشعبية".‏
وقد زاد من حدة هذه الإشاعات اعتقال القوى الأمنية لمجموعة ‏كانت تقوم مؤخرا بتدريبات عسكرية في منطقة "كسروان"، ‏أشارت أنباء إلى أنها تنتمي إلى "القوات اللبنانية"، بزعامة ‏‏"سمير جعجع"، وهو الأمر الذي سرعان ما نفاه الحزب ‏المذكور، واضعا المسألة في سياق تدريبات خاصة بحماية ‏مؤسسة إعلامية مرتبطة به.‏ وبخصوص موضوع السلاح، يقول"أنطون زهرة" النائب ‏عن حزب "القوات اللبنانية":" من المعروف أن هناك فوضى ‏في موضوع السلاح في لبنان، ولكننا لسنا أبدا في جو تسليح ‏كبير لأية مجموعات بهدف خلق اضطرابات."‏
وبينما رأى "زهرة" أن موضوع "الأمن الخاص" هو أمر ‏‏"خارج عن أي تفكير وأي توجه للقوات اللبنانية"، إلا أنه أكد ‏أن الحزب "يعول بشكل أساسي على جهود السلطة الأمنية ‏لمعالجة هذه الخروق."‏
وفي غياب أي معطيات مادية أو أرقام مثبتة حول حركة ‏التسلح، أكد مصدر أمني رفيع مطلع لنا "أن لبنان يغص ‏بالسلاح، وأن القول إن البلد نظيف من الأسلحة هو كالنعامة ‏التي تدفن رأسها في الرمل."‏
وتحدث المصدر عن "مساواة معظم الفرقاء في اقتناء السلاح ‏الفردي"، منوّها بـ"ارتفاع كبير جدا في أسعار الأسلحة ‏الفردية، وهو ما يدل على كثرة الطلب عليها"، مشيرا إلى أنه ‏‏"قد يكون هناك من يمول حركة التسلح هذه."‏
ولم يخف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن ‏‏"الدولة هي حكما في حالة إرباك"، وأنه "طالما هناك بقع ‏ومجموعات تملك أسلحة كثيرة وثقيلة، فليس من السهل جمع ‏الأسلحة الفردية."‏ ‏ ‏
وبينما نفى المصدر الأمني البارز أن "يكون المطروح معادلة ‏بوجه معادلة"، فقد أكد أن "موضوع السلاح شائك، ولا يحل ‏إلا بقرار مركزي على مستوى قيادة البلاد السياسية العليا."‏
وشبه المصدر موضوع السلاح بالسرطان مضيفا بالقول:" لا ‏يعالج السلاح بقرص أسبرين".‏
وتنعكس أصداء الانقسامات السياسية بخصوص هذا ‏الموضوع على الشارع اللبناني أيضا، بحيث تعتبر "رولا" ‏المقربة من "حزب الكتائب"، بزعامة الرئيس اللبناني الأسبق ‏‏"أمين الجميل"، أنه "عندما تصبح الدولة بحاجة للدفاع عن ‏نفسها، يشعر الشباب بالحاجة للدفاع عن النفس، وبالتالي ‏للتسلح."‏
وتضيف:" شعوري الآن أنه في حال قالوا لي إن الدولة لا ‏تستطيع فعل شيء، بينما الفريق الآخر( حزب الله) يهاجمني ‏ويريد تدمير لبنان، فسأنزل إلى الشارع، وأواجههم، وأعرف ‏عدة أشخاص يحسون بالشعور نفسه."‏
في المقابل تعتبر "نيكول"، المقربة من المعارضة، أنه "في ‏حال كانت هذه الإشاعات صحيحة، فإن التسلح خطأ كبير لأن ‏الناس المهتمين بالتسلح هم الأشخاص الذين يطالبون بسحب ‏سلاح حزب ا لله، وبالتالي فهم لا يحلون المشكلة بل يزيدونها ‏تعقيدا."‏
وتتابع:" هنا الناس جميعا مرتبكون، وحتى الذين لم يفكروا ‏يوما باقتناء سلاح أصبحوا يريدون التسلح..فكم دولة نملك ‏داخل الدولة؟ الأمر خطير!." ‏
في ظل هذه التشنجات كلها، والتي قد تبدو وكأنها قنبلة ‏موقوتة، فمن يضمن الأمن في لبنان، ويؤكد ضبط التحركات ‏السلمية وعدم تحولها إلى مواجهات مسلحة؟.‏
المصدر الأمني سابق الذكر يعول على حكمة القادة السياسيين ‏وعلى حكمة المواطنين...والمواطنون يعولون على عدم انفجار ‏القنبلة، وفي الذاكرة حرب ليست أبدا ببعيدة.‏

 

المصدر :بي بي سي

 

 

 

 


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...