سـوريا: معـارك مفتـوحـة وتنسيق أميركي تركي يمهّد لتصعيد لاحق

13-08-2012

سـوريا: معـارك مفتـوحـة وتنسيق أميركي تركي يمهّد لتصعيد لاحق

أسفرت أكلة الكبسة عن انسداد في أعاء وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل فتم تأجيل الجامعة العربية لاجتماع وزراء خارجيتها الذي كان من المقرر عقده أمس في جده لبحث الازمة السورية، واختيار خلف للمبعوث الدولي والعربي كوفي أنان. وتصاعدت في هذا السياق، وتيرة الحديث عن بديل لبعثة المراقبين الدوليين مع إشارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إلى «وجود مرن» للمنظمة في سوريا، بعد تصريحات أميركية في السياق.
وأبدت المؤشرات الميدانية من حلب، ملامح جمود متواصل في قدرات أي من الطرفين على التقدم وتوسيع السيطرة، في ظل قصف بري وجوي عنيف يشنّه الجيش النظامي وحرب عصابات تخوضها كتائب «الجيش الحر» و«لواء التوحيد»  ضد الجيش والحلبيين الممتنعين عن التمرد، فيما شهدت العاصمة دمشق وريفها خلال اليومين الأخيرين اشتباكات متفرقة.
وفي هذه الأثناء، أنهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون محطتها التركية، في أجواء الحديث عن «تسريع إسقاط» النظام السوري، وإمكان إقامة منطقة حظر جوي في شمال سوريا، والاستعداد الاستخباراتي والعسكري لتصعيد نوعي في دعم المعارضة المسلحة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني.

وقالت جامعة الدول العربية إنها أجلت اجتماعا لوزراء الخارجية العرب كان من المقرر عقده أمس، لبحث الملف السوري واختيار بديل لأنان، وإنها ستحدد موعدا جديدا. وقال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد بن حلي إنه تم تأجيل الاجتماع بسبب خضوع الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لعملية جراحية صغيرة.
وقال الديوان الملكي السعودي امس الأول إنه خضع لجراحة ناجحة لإزالة انسداد في الأمعاء. وأضاف بن حلي إن الوزراء العرب الذين كان من المقرر أن يلتقوا في جدة سيحددون موعدا جديدا لاجتماعهم. وكان من المقرر أن يعقد اجتماع الوزراء العرب قبل مؤتمر اسلامي طارئ دعت السعودية الى عقده غداً في جدة يشارك فيه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد.
من جهته، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى ضمان «وجود مرن للامم المتحدة» في سوريا بعد انتهاء مهمة المراقبين، مؤكدا ان من واجب المنظمة الدولية المساعدة في تسوية ازمة الشعب السوري. وقال بان في رسالة موجهة الى الدول الـ15 الاعضاء في مجلس الامن الدولي ان «وجودا متواصلا في سوريا يذهب ابعد من العمل الانساني سيسمح بالتزام منهجي وفعلي (للعمل) مع الاطراف السوريين داخل البلاد».
واضاف بان ان «وجودا مرنا للامم المتحدة سيؤمن وسائل غير منحازة لتقييم الوضع على الارض». واكد ان «الامم المتحدة لا تستطيع قطع دعمها» بينما الازمة مستمرة «بل علينا التأقلم مع الوضع ومواصلة جهودنا»، على حد تعبيره.
ويفترض ان تنتهي مهمة المراقبين في 19 آب الحالي بعدما صوت مجلس الامن الدولي الشهر الماضي على تمديدها «لمرة اخيرة» ثلاثين يوما. وكان المجلس اكد حينذاك انه لن ينظر في اي تمديد جديد لهذه البعثة «ما لم يسجل تقدم في خفض مستوى العنف ووقف استخدام الاسلحة الثقيلة».
ويفترض ان يناقش مجلس الامن الدولي مستقبل هذه البعثة الخميس المقبل، لكن لا يلوح في الافق اي توافق في هذا الشأن. وتشكك الولايات المتحدة في جدوى التمديد لمهمة المراقبين الذي تسعى روسيا اليه معتبرة ان عليهم متابعة الوضع العسكري. وتوقع السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة جيرار ارو الذي تترأس بلاده مجلس الامن خلال شهر آب الحالي مغادرة بعثة المراقبين سوريا في ختام فترة تفويضها. وقال «لا ارى سيناريو آخر الا في حال حصل تغيير على الارض يتيح ابقاء البعثة». واكد بان كي مون في رسالته ان الظروف الملائمة لبقاء البعثة بما في ذلك وقف العنف «لم تنجز بعد». وفي الوقت نفسه اكد بان انه سيعمل من اجل الابقاء على «وجود فعال ومرن للامم المتحدة في سوريا» من اجل السعي الى وقف القتال «ودعم السوريين، عندما يكون الامر ممكنا ومتفقا عليه، في اتخاذ الخطوات التي يحددونها باتجاه حل سياسي تفاوضي وشامل».
وبعد استقالة كوفي انان من مهمته كموفد للامم المتحدة والجامعة العربية لسوريا، يفترض ان تختار الهيئتان موفدا جديدا خلفا له. ورجح دبلوماسيون تعيين وزير الخارجية الجزائري الاسبق الاخضر الابراهيمي خلفا لانان هذا الاسبوع.
وقال دبلوماسي يعمل في مقر الامم المتحدة طالبا عدم كشف هويته ان بعثة المراقبة يمكن ان تستبدل بـ«مكتب اتصال سياسي تكون مهمته بشكل خاص مساعدة الموفد الجديد». واضاف ان «مستوى العنف في سوريا في الوقت الحاضر يجعل من الصعب الابقاء على المراقبين».

في المقابل، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو، بعد لقائه أمس الاول نظيرته الاميركية في اسطنبول، ان «بين تركيا وأميركا منذ البداية تنسيقا تاما، لكن يجب أن ندخل في تفصيلات التخطيط العملياتي. وعلى أجهزة استخباراتنا وجيوشنا مسؤولية كبيرة، ومن أجل نجاح ذلك بدأنا في البحث بتشكيل مجموعة عمل».
وقال مسؤول أميركي مرافق لكلينتون، لصحيفة «ميللييت»، إن المباحثات أظهرت استعداد الأميركيين والأتراك للقيام بخطوات عملية، موضحا أن الخطوات العملية لمجموعة العمل التي تشكلت يمكن أن تبدأ اعتبارا من الخريف المقبل، ومن هذه الخطوات إعادة بناء «الجيش السوري الحر» ليكون جيشا نظاميا له تراتبية ومسؤوليات.
وسئلت كلينتون ان كانت مباحثاتها شملت خيارات مثل فرض حظر للطيران في اجواء الاراضي التي يعلن المعارضون السوريون السيطرة عليها فاوضحت ان ذلك يمثل خيارا ممكنا. وقالت كلينتون «القضايا التي اثرتموها في سؤالكم هي بالتحديد التي اتفقت انا والوزير انها بحاجة لتحليل عميق» لكنها اوضحت انه ليس بالضرورة ان تكون هناك قرارات وشيكة في هذا الصدد.
وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مع نظيرها التركي انها بحثت في خطط عملانية مع الجانب التركي بغية «تسريع نهاية اراقة الدماء ونظام الاسد. هذا هو هدفنا الاستراتيجي». واضافت الوزيرة الاميركية «نواصل تشديد الضغط من الخارج. واعلنا  الجمعة في واشنطن عقوبات هدفها قطع الصلات بين ايران وحزب الله وسوريا التي تطيل عمر نظام الاسد».
وعبرت وزيرة الخارجية الاميركية ونظيرها التركي عن خشيتهما من ان تصبح سوريا معقلا «لارهابيي حزب العمال الكردستاني او القاعدة». وقالت كلينتون «يجب ان لا تتحول سوريا الى معقل لارهابيي حزب العمال الكردستاني» الحركة التي تخوض نزاعا مسلحا مع تركيا حليف واشنطن. واكدت الوزيرة الاميركية انها «تشاطر مخاوف» تركيا في هذا الشأن معتبرة ان سوريا لا يمكن ان تتحول الى معقل للمتمردين الاكراد «سواء الان او بعد رحيل نظام» الرئيس بشار الاسد.
ودعا الملك الأردني عبد الله الثاني إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا «يضع حداً للعنف ويحافظ على وحدة سوريا وتماسك شعبها»، بحسب ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.
واعتبر الملك خلال اللقاء أن «ما يحدث من تطورات متسارعة على الساحة السورية مقلق للغاية»، مؤكداً ضرورة «تكاتف جهود الجميع لإيجاد حل سياسي للأزمة يضع حداً للعنف ويوقف إراقة الدماء ويحافظ على وحدة سوريا وتماسك شعبها».

واحتلت حلب موقعا مركزيا في لقاءات كلينتون- داود اوغلو، واتفق الجانبان على أهمية أن يحقق مسلحو المعارضة مكاسب في معركة حلب من أجل رفع المعنويات، لكن واشنطن رفضت تزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات أو بأسلحة ثقيلة، لأن ذلك سيعمق المشكلة أكثر. وكان الجيش العربي السوري اعلن الخميس الماضي ان قواته تسيطر على حي صلاح الدين، الا ان الجيش السوري الحر يؤكد استمرار المعارك في الحي واستعادته بعض «المواقع الاستراتيجية» التــي كان خسرها.
                                                                                                             المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...