سوريا تحتفي بـسينما الواقع

غالباً ما يتعامل المخرجون مع الفيلم التسجيلي بوصفه مقدّمةً لدخول عالم الأفلام الروائية، أو نشاطاً هامشياً في الوقت الضائع. هكذا، تقبع هذه الأفلام في الظلّ، وقلّما تحظى بفرص مناسبة للعرض، وإن لم يتلقفها التلفزيون والفضائيات، فتُعرض تحت عنوان الفيلم القصير في المهرجانات التي تكون الأفلام الروائية الطويلة الوجبة الرئيسية فيها.
وها هو مهرجان «أيام سينما الواقع» Doxbox يسعى إلى كسر هذا التقليد عبر عرض سلسلة من الأفلام التسجيلية في دمشق بين 15 و20 شباط، وحمص (من 21 إلى 23) وطرطوس (23 ــ 25) ضمن احتفالية «دمشق عاصمة الثقافة العربية، 2008». وينظّم هذا المهرجان عدد من السينمائيين السوريين الشباب المستقلين: ديانا جيرودي، عروة نيربية، سامر خويص، جود سعيد، جود كوراني، بالتعاون مع شركة «آرا برودآكشن فيلم للإنتاج السينمائي والتلفزيوني» في دمشق. بينما تتألف اللجنة الاستشارية من المخرجة الفرنسية ماري بيار دوهاميل موللر وتوه ستين موللر من الدنمارك، وهو مستشار في الفيلم التسجيلي، والمخرج السوري عمر أميرلاي. افتتح المهرجان فيلم «نور وظلال» (1994) للمخرجين عمر أميرلاي ومحمد ملص وأسامة محمد. والشريط جاء تحيةً إلى تجربة الرائد السينمائي السوري نزيه شهبندر الذي بدأ حياته عارضاً سينمائياً مطلع الثلاثينيات، وقاده هوسه بالتكنولوجيا إلى صناعة آلة لتسجيل الصوت على الفيلم السينمائي. وقد أنتج أول فيلم سينمائي سوري ناطق «نور وظلام» (1948). ومن أفلام التظاهرة «بخصوص نيس» (1930) للمخرج الفرنسي جان فيغو. هذا الفيلم المؤسّس في السينما التسجيلية في العالم، يصوّر الحياة اليومية في مدينة نيس الفرنسية. «آل بيلوف» (1993) للمخرج الروسي فيكتور كوساكوفسكي، الحاصل على عدد من الجوائز العالمية، ويحاكي بمناخاته الأدب الروسي. «سلفادور الليندي»(2004) للمخرج باتريسيو غوزمان، يعود إلى ذلك الرجل الاستثنائي الثوري، رئيس تشيلي الذي أطاحه انقلاب الجنرال بينوشيه المدعوم من الولايات المتحدة في 11 أيلول 1973. أما «ثلاث غرف للسوداوية» (2004) للمخرجة الفنلندية بيريو هونكاسالو، ضيفة التظاهرة، فيعد واحداً من أبرز الأفلام المعروضة بعدما حصد أكبر جوائز الفيلم التسجيلي في العالم. وهو يروي سيرة ثلاث غرف، الأولى لأطفال روس أيتام يتلقون تدريبات عسكرية، والثانية في شوارع غروزني حيث تبحث خديجة عن الأطفال الأيتام، والثالثة مع أطفال شيشان في مخيم للاجئين يراقبون المسلحين ويحلمون. ومن الأفلام المشاركة أيضاً نذكر «السطح» (2006) للعراقي كمال الجعفري، «دوار شاتيلا» (2004) للبناني ماهر أبي سمرا. كما تشهد التظاهرة عروضاً لأفضل أفلام المهرجان الألماني «دوك لايبزيغ 2007» وهو أقدم مهرجان للسينما التسجيلية في العالم، وثلاثة عروض من إنتاج المعهد العربي للفيلم في عمان الذي يديره المخرج عمر أميرلاي. وتقام على هامش المهرجان ندوات يشارك فيها مخرجون عالميون من ضيوف التظاهرة. وتمنح تظاهرة doxbox جائزة خاصة هي جائزة الجمهور، وسيُعرَض الفيلم الفائز في ختام التظاهرة.

منار ديب

المصدر: الأخبار