صحف إسرائيل تتبارى في التهويل من العسكرة السورية
في إطار خشية إسرائيل من احتمال اندلاع مواجهات، وربما حرب، مع سوريا قبل استنفاد الاستعدادات لمعالجة الثغرات والإخفاقات التي تبدت في حرب لبنان الثانية، يكثر الإعلام الإسرائيلي من شرح القدرات العسكرية السورية وسيناريوهات التهدئة والتصعيد على تلك الجبهة.
ويبدو أن صحيفتي «يديعوت أحرونوت» و»معاريف» تتنافسان أكثر من غيرهما على إثارة هذا الموضوع من جوانب مختلفة. وفي الأيام الأخيرة كانت «يديعوت» السباقة في هذا الشأن، حيث لا يخلو يوم واحد تقريباً من عناوين مدوية حول القدرات السورية التكتيكية والاستراتيجية.
وكان التركيز يوم الجمعة الماضي على الصواريخ ارض ـ أرض السورية الثقيلة التي نشرت قريباً من هضبة الجولان المحتلة، ويوم الأحد على الاستعدادات السورية لحرب عصابات واسعة النطاق. ولم يقصر المعلق العسكري لـ«يديعوت» اليكس فيشمان، أمس، فشدد على اعتقاد القيادة الإسرائيلية بأن لدى دمشق شبكة دفاع جوي هي «الأشد كثافة في العالم».
وكتب فيشمان أن سوريا تملك اليوم شبكة دفاع جوي هي الأشد كثافة في العالم وفق ما قاله. وأشار إلى أن بحوزة السوريين الآن، حسب التقديرات الإسرائيلية، نحو 200 بطارية مضادة للطائرات، من أنواع مختلفة.
ونقل فيشمان عن مصدر عسكري رفيع المستوى قوله إن السوريين اشتروا من الروس صواريخ ارض ـ جو هي الأكثر تطوراً من نوعها في نطاقهم. ويدور الحديث عن أحدث ما في تكنولوجيا إسقاط الطائرات، بل إن بعض هذه الصواريخ اختطفت من خطوط الإنتاج حتى قبل أن تدخل الخدمة العملياتية في روسيا، أو في أي مكان آخر.
وأشار فيشمان إلى أن تسابق السوريين لشراء المضادات الجوية هو أحد المؤشرات البارزة على الاستعداد السوري لمواجهة محتملة مع إسرائيل. وأوضح المصدر العسكري أن دمشق درست جيداً أداء سلاح الجو في حرب لبنان الثانية، وهي تستثمر مبالغ طائلة في منظومات مضادات الطائرات، ولا سيما للدفاع عن المواقع الاستراتيجية.
وذكرت «يديعوت»أن معهد بحوث الأمن الوطني ينشر هذه الأيام مذكرة بعنوان «تعاظم الجيش السوري». وكتب الباحث يفتاح شابير، في الفصل الذي يعنى بالدفاع الجوي، أن صفقات المضادات الجوية المبرمة بين سوريا وروسيا تتضمن شراء منظومات صواريخ ستريلتس (س أي 24). ويدور الحديث عن سيارة خفيفة مدرعة تحمل أربعة صواريخ «ايغلا اس»، وهي صواريخ تطلق عن الكتف، من الأكثر تطوراً في السوق اليوم.
وفضلاً عن ذلك، تم شراء بين 36 و50 منظومة «بنتسير أس 1» (أس أي 22)، التي تدمج بين الصواريخ والمدافع، وقد استكملت مؤخراً فقط مراحل تطويرها، وهي تجهز على مركبة ذات حركية عالية، وفيها منصة لإطلاق 12 صاروخاً، برأس متفجر يزن 16 كيلوغراماً. وبالمقابل نفذ السوريون عمليات تحسين لمنظومات مضادات الطائرات القديمة التي بحوزتهم من طراز «أس أي 3» و «أس أي 6».
وحسب المذكرة فإن السوريين معنيون بأن يشتروا من الروس منظومات دفاع جوي بعيدة المدى من طراز «أس 300»، ومنظومات دفاع جوي متحركة لمدى متوسط من طراز «أس أي 11» و«أس أي 17». وتعتبر الـ«أس 300» أحدث الصواريخ المتطورة التي توجد قيد الخدمة لدى الجيش السوري، وهي قادرة على إسقاط طائرات تبعد عشرات الكيلومترات وبدقة شديدة، وذلك بفضل شبكة الرادار المتطورة، المتداخلة مع أجهزة إحساس خاصة موجودة على الصاروخ ذاته.
وحسب المصدر العسكري، فإن لدى الجيش السوري اليوم منظومات دفاع جوي متطورة لإسقاط الصواريخ، سواء لمسافات بعيدة أم قصيرة.
وكان المعلق العسكري في موقع «يديعوت» الالكتروني رون بن يشاي كتب أنه ورغم التقدير الرسمي بتدني احتمالات الحرب مع سوريا إلا أن الحكومة الإسرائيلية اجتمعت للمرة الرابعة، في الأسابيع الأخيرة، للبحث في هذا الخطر.
وأشار إلى أن الخشية الحقيقية في إسرائيل هي من منظومة الصواريخ ارض ـ أرض من مختلف الأنواع. وشدّد على أن أسباب الخشية في الاستخبارات الإسرائيلية تتمثل في عدد من التطورات الميدانية، أبرزها نشر كاتيوشا من عيار 222 مليمتراً و302 مليمتر وأكثر، تحمل رؤوساً حربية تتراوح ما بين 100 كيلوغرام إلى نصف طن.
وبوسع هذه الصواريخ المتوسطة المدى أن تصل إلى تل أبيب، ويمكن لدمشق أن تطلق المئات منها في كل صلية. وأوضح أنه يتم نشر هذه المنظومات بكثافة، بالإضافة إلى منظومة صواريخ «سكود» بأنواعها المختلفة الموجودة لدى الجيش السوري.
وشدّد بن يشاي على أنه في حين يتوفر رد إسرائيلي يتمثل في منظومة «حيتس» على كل صاروخ «سكود»، فإنه ليس هناك أي رد على الصواريخ المتوسطة المدى. وكتب أن الخشية الإسرائيلية تنبع أيضاً من المنظومات السورية المضادة للدروع وللطائرات أيضاً، وكذلك من كثافة التدريبات السورية على مستوى الألوية والفرق.
واعتبر بن يشاي أن المغزى العسكري لتراكم هذه العوامل هو أن عدداً من أجهزة التقدير في إسرائيل باتت ترى أن سوريا ستشرع بحرب استنزاف كالتي خاضها حزب الله في جنوب لبنان. وأشار إلى أن تراكم القوة من جانب دمشق بهذا الشكل لن يسمح لإسرائيل بملاحظة إشارات تدل على احتمال شن حرب في وقت قريب.
تجدر الإشارة إلى أن «يديعوت» كانت قد بشرت الإسرائيليين، أمس الأول، أن «الرئيس السوري بشار الأسد اقتنع أنه ينبغي جر إسرائيل إلى حرب استنزاف».
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي (ا ف ب) أنه وبرغم المعلومات أن سوريا تقتني أسلحة حديثة، منها رؤوس كيميائية لصواريخ ارض ـ ارض، يرفض وزير الدفاع ايهود باراك توزيع الأقنعة الواقية من الغازات السامة على المستوطنين خشية أن يؤدي ذلك إلى تصعيد مع دمشق، وربما اندلاع حرب.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد