عشرات آلاف الوكلاء أعطوا للانتخابات بعدها الجماهيري
الجمل ـ حلب ـ باسل ديوب: يتندر " سامر" وكيل أحد المرشحين من الوزن الثقيل ،وهو يشترك بهكذا نشاط للمرة الأولى حيث المندوبين هم زهرة هذه الانتخابات، فعدد أصواتهم، وأصوات من أقنعوهم من الأقارب، و الأصدقاء بالمشاركة قبل الانتخابات ،أعلى بكثير من رقم المشاركين الآخرين ، ويذكر مشهد المندوبين المتهافتين على مواطن دخل للتو إلى المركز الانتخابي بمشهد الوشيشة إبان بداية عمل شركات النقل السياحية الذين كانوا يتخاطفون المسافر وحاجياته بمجرد اقترابه من باب الكاراج ، وكذلك الأمر في مراكز الاقتراع، ما إن يدخل الناخب باب المركز حتى يتهافت العشرات بأوراقهم الانتخابية عليه ، وغالباً ما يكون الناخب متحضراً لهكذا احتمال ، وقد أحضر معه القائمة التي يريد التصويت لها ، ورغم ذلك لا ينفك هؤلاء يعرضون عليه قوائمهم ،وفي النهاية يلقون بأوراقهم المجعلكة على الأرض !
في كل مركز انتخابي ترى آلاف الأوراق الانتخابية ملقاة على الأرض عشية اليوم الأول لعرس الديمقراطية السورية ، في المقابل، وداخل الصناديق بضع مئات من الأوراق في أحسن الأحوال ، وفي كثير منها لم يصل العدد إلى مئة .
" محمد . ص " وكيل لأحد رجال الأعمال يتبختر بالسترة المميزة التي وزعها هذا الأخير على وكلائه، قال " سنأخذ 1500 ليرة أجرة اليومين بالإضافة لوجبة الغداء، كما أن وكلاء الصناديق التي يحصل فيها المرشح على نسبة عالية من الأصوات سيحصلون على مكافأة كبيرة لأن ذلك دليل على عملهم الجيد.
العمل كوكيل مرشح استقطب الآلاف من الشباب وبالأخص من طلاب الجامعة وساكني المدينة الجامعية، فعبد الرحمن يعتبر أن هذين اليومين هما فرصة لكسب 1500 ليرة تشكل 50 % من مصروفه الشهري كطالب جامعي " أنا احصل على ( 3000 ) ليرة سورية كل شهر من والدي ، لا يهمني من ينجح أو لا ينجح ، حتى المرشح الذي أقف كمندوب له لا يهمني نجاحه من عدمه ، كل عملي هو عندما يدخل شخص إلى المركز أعرض عليه القائمة التي احملها ، إن أخذها كان به وإن لم يأخذها فستين عمره ما يأخذها "
عبد الرحمن مستاء بسبب تأخر الغداء حتى الرابعة والنصف " من الساعة السابعة أوصلوني إلى المركز، وأنا واقف على رجليّ أو "مقرفص" و المعروف أن الغداء وجبة بروستد وليس سند ويشة شاورما وعلبة كولا "
وعلى غير ما كان في الدورة السابقة، فأسعار الفروج لم يطرأ عليها أي ارتفاع يوم الانتخاب ، بل على العكس انخفض سعر الفروج هذا الأسبوع بعد أن وصل في الأسبوع الماضي إلى أعلى رقم سجله في تاريخ سورية المعاصر، حيث وصل سعر الكيلو المنظف( 120 ) ليرة ، ثم عاود إلى الانخفاض، واستقر في اليومين الماضيين بين 100 – 105 ليرة، فقد جرت العادة على قيام المرشحين من التجار والصناعيين باستجرار كميات كبيرة من الفروج المشوي و البروستد يوم الاقتراع ، الأمر الذي تسبب في الدورة الماضية بارتفاع الأسعار وقلة المعروض للمواطنين واستيائهم ، أما في هذه الدورة فيبدو أن الشاورما حلت محل الفروج لدى المرشحين..
يقول "صبحي زيتوني" صاحب أحد محال البروستد و المشاوي " لم يطرأ أي ارتفاع على أسعار الفروج بسبب الانتخابات ، كما لم نوص بأي طلبية لمرشحين، كنت أسمع بأنهم يوم الاقتراع يطلبون الفروج بكميات كبيرة ، لكن ذلك لم يحصل معنا "
على طريق الباب قال أبو كدرو" عامل شاورما" بأن الطلب على الفروج لم يرتفع كثيراً في هذا اليوم، بل بالعكس يبدو أنه مثل أي يوم عطلة ،ولكن أكثر من شخص اشتروا شاورما بكميات كبيرة. أحدهم اشترى 200 سندويشة و 50 وجبة ، اعتقد انه يعمل مع مرشح في الانتخابات..بعض المرشحين نسوا وكلاءهم الذين توجهوا إلى أقرب مطعم فلافل أو شاروما لتناول الغداء ، كما حصل مع " محمد " وهو مندوب للمرشح ( أ . ص ) في حين أن سيارة تحمل الوجبات السريعة لأحد المرشحين الدسمين كانت تنتقل من مركز إلى مركز توزع الوجبات وعلب العصير بموجب لوائح اسمية.
وغالباً ما لا يتعرف الوكيل أو المندوب على المرشح الذي يعمل لأجله فالسماسرة أيضاً يتولون مهمة تدبير هؤلاء، مسعود القادم من حي الأشرفية قال:" أنا لا أعرف المرشح شخصيا ومبلغ 1500 ليرة سأقبضه من صديقي الذي دبر لي هذا العمل لي وللعشرات من سكان الحي "
أحد المرشحين من قائمة "المبشرين بالمجلس" كما أطلق عليها في حلب قال: "لدي نقص في عدد الوكيلات البنات حوالي الـ 200 لم أستطع تأمينه ، في الدورة السابقة كان الكثيرون يعرضون خدماتهم بنات وشباب ، هذه الدورة حتى من أجل الحصول على مبلغ 1500 ليرة للمندوب فإننا لا نجد العدد الكافي "
المرشح " ع . س " وصل عدد وكلائه ومن معهم إلى رقم 3000 مما يعتبره آخرون عملية شراء أصوات واضحة بالأخص أنه مطلوب من كل واحد منهم خمسة أصوات على الأقل من أقاربه وأصدقائه . وهذا يعني أن 15 ألف صوتا قد حصل عليها المرشح عن طريق المال، عدا ما يمكن أن يحصل عليه من شرائح أخرى ، الأمر الذي أطلق عليه مصطلح" الصفر الانتخابي " أي أن العدد صفر عند هذا المرشح هو 15000 قبل بدء التصويت .
من الواضح أن هدف هؤلاء الشبان هو المال، ولاشيء غيره ، وكثير منهم لا يعرف ما الذي عليه فعله في المركز الانتخابي وما هي واجبات الوكيل. قال حسن: عملنا هو مراقبة الانتخابات " لكنه لم يقدم نقاطاً عملية لكيفية المراقبة وكيفية عمل اللجان التي عليه مراقبتها. وكذلك "فاطمة" التي تقول أن مهمتها هي إقناع الناخب بالتصويت لصالح قائمة مرشحها . و"فاطمة" طالبة جامعية كما ادعت لم تدخل إلى الصندوق ولا مرة في يومي الانتخابات لكنها تقول " لا خوف من أي تزوير فهناك كثيرين غيري أنا أريد أن اجمع أكبر قدر من الأصوات للقائمة التي أعمل معها .
وكثيراً ما تنتهي الانتخابات ، ويتهرب المرشحون من دفع أجرة الوكلاء بالأخص إذا فشلوا في الوصول إلى المجلس ، لكن " سامر " طالب الحقوق يقول أن " أسهل شيء هو رفع دعوى على المرشح يمكن استخدامها ضده في الإعلام إذا ترشح في الدورة المقبلة ، مثل هؤلاء يجب ألا يترشحوا إلى المجلس "
التصويت انتهى ، ومعظم المرشحين ووكلائهم المميزين أغلقوا هواتفهم الجوالة المعروفة الرقم ، وتركوا ذوات الأرقام الخاصة، وفي الغد سيبدأ كثير من الطلبة بالشكوى مما جرى معهم ،ومن سوء أخلاق المرشحين ، وسيبدي كثير منهم أسفه لكون هؤلاء وصلوا أو سيصلون ذات يوم إلى مجلس الشعب، الطلبة إياهم يتحاشون نقد أنفسهم ، وكيف أنهم اشتغلوا أجراء عند هؤلاء لمدة 36 ساعة فقط وأعطوهم أصواتهم الانتخابية مقابل 1500 ليرة.
الجمل
إضافة تعليق جديد