عندما تحوّل أكاديمية افتراضية الأطفال إلى عباقرة
ماثيو كاربنتر طفل في العاشرة من عمره، لكن مهاراته في الرياضيات تفوق أترابه بكثير إذ أنها تضاهي مهارات التلاميذ الذين يرتادون الثانوية. هو طفل عبقري، لكن ذلك لم يكن ليظهر لولا اتباع معلمته تقنيات تعليمية مختلفة وحديثة بعض الشيء، ولولا قدرته على الاستفادة منها.
ينظر كاربنتر إلى شاشة الكمبيوتر أمامه ثم ينظر إلى الوظائف المثلثية العكسية «= (1) cos-1» ويقول «هذه المسألة المفضلة لدي». وبعيد انتهائه من إنجاز المسألة، تظهر أمامه تلقائيا مسألة أخرى، ثم أخرى ثم أخرى، حتى ينجز عشر مسائل في غضون دقائق. وبلغ عدد مسائل المثلثات التي تمكن من حلها 642 مسألة. إلا أن الأطفال الذين يرتادون الصف ذاته مع كاربنتر في مدرسة سانتا ريتا التكميلية في مقاطعة كاليفورنيا الأميركية بالكاد يعرفون إنجاز مسائل «الكسور» البسيطة، والأرقام العشرية، والنسب المئوية. فوظائف المثلثية العكسية لا تعلم قبل بلوغ الثانوية.
أصبح كاربنتر ذو العشر سنوات «عبقريا» في الرياضيات مقارنة بزملائه لأنه واظب على متابعة الدروس مع «أكاديمية خان» عبر الإنترنت. ويقوم الأستاذ سلمان خان بشرح الدروس على اللوح بصوت مرتفع، ويصور المشهد من الخلف حيث يظهر اللوح ويده فقط بينما يبقى وجهه متواريا عن النظر، ثم يحمل الفيديو على الانترنت حتى يصبح بمتناول الجميع. ووصل عدد الدروس التي حملها خان على الانترنت في مجالات الرياضيات والعلوم والاقتصاد إلى 2400 أمثولة لا تزيد مدة كل منها عن 14 دقيقة. وباتت الأمثولات التي يشرحها خان على الانترنت مرجعا لكثير من التلاميذ الذين لديهم صعوبات في الفهم من المرة الأولى، أو حتى للأساتذة.
وعلى سبيل المثال، تستخدم أستاذة كاربنتر كامي ثوردرسون أكاديمية خان في التعليم. واعتقدت كاربنتر أن أكاديمية خان ستكون بالكاد مكملة لأمثولاتها في الصف إلا أن الأمور تغيرت بسرعة شديدة. واعتمدت ثوردرسون نمطا مختلفا في تعليمها، حيث طلبت من التلاميذ مشاهدة شرح الأمثولة في أكاديمية خان على الإنترنت من المنزل، ليتم التركيز في الصف على حل المسائل وبالتالي القيام بالفروض المدرسية. وتشير ثوردرسون إلى أن التلاميذ يحتاجون فعلا لأحد إلى جانبهم أثناء تأديتهم للفروض وليس أثناء الشرح. وتؤمن أكاديمية خان للأساتذة إمكانية معرفة الأمكنة التي يتعثر فيها التلميذ، وبالتالي «تستطيع تقديم المساعدة اللازمة متى احتاج التلاميذ إليها».
وبهذه الطريقة يتعلم كل تلميذ حسب نمطه، فمنهم من يتعلم بسرعة ويتفوق مثل كاربنتر ومنهم من يحتاج إلى وقت أكبر للتعلم. وعند الإجابة من دون أخطاء تطرح الأكاديمية أسئلة إضافية بشكل تلقائي. وهكذا تقدم جميع التلاميذ في الصف، فثلاثة في المئة فقط تم تصنيفهم بين عاديين أو أقل خلال الامتحانات النهائية بعدما كانوا 13 في المئة خلال الامتحانات الفصلية. وأنفقت بعض المدارس مليارات الدولارات لتطوير طرق التعليم لكن عبثا، ففي المقابل أحرز خان من خلال استخدامه سماعة رأس لا تتخطى قيمتها الـ25 دولاراً تقدما كبيرا لدى التلاميذ رغم اختلاف قدراتهم. ويمنح الموقع الاجتماعي المكافآة لكل من يعطي إجابات صحيحة مثل ألعاب الفيديو...
لا يتفق الجميع مع خان وثوردرسون بشأن طريقة التعليم هذه لاعتبار أنها تقليدية جدا، وتبقي الأطفال أمام الشاشات بدلا من تواصلهم مع أساتذة حقيقيين.
(عن مجلة «ويرد»)
إضافة تعليق جديد