في بلادنا الجدران دفاتر المحرومين و السادة المرشحين

17-07-2007

في بلادنا الجدران دفاتر المحرومين و السادة المرشحين

الجمل ـ يامن حسين : " ضخ سياقات" , "لاترمي الأوساخ هنا ياكلب يا ابن الكلب", "تسقط أمريكا" ,"أبو داغر", "أبوعذاب", "من كتر ماحنيت بكيت حجار البيت", "بحبك وحشتيني"," ....+....= ولد (شرح لعملية التكاثر) ", "ذكرى محمد وعفاف","الموت لإسرائيل", "ماتسألنيش عن الأحزان"...
هذه العبارات وغيرها يمكن أن تصدفها في أي مكان على جدران الأبنية وأسوار المدارس وخلفيات مقاعد السرافيس وحتى داخل دورات المياه وهذه العبارات بمعظمها كتبت بخطوط سيئة وهي صفة مشتركة بين جميع مدوني الجدران حيث أقرب ماتكون للمصطلح العامي (بحش جاج)
جدران الأبنية والمدارس هي بالوقت نفسه باتت مكاناً للدعايات من خلال عبارات كتبت عن طريق بخاخات الطلاء "يوجد فروج حي ومنظف, يوجد ثلج على بعد 100 متر , انتقل محل سامر للحلاقة الى حي المهاجرين بجانب صيدلية الوداد, عيادة للأجار, روضة العصافير..." وكذلك فإن الجدران أصبحت مكاناً للإستمناء العاطفي للمراهقين العاشقين كأمثال (أبو غضب) ومشتقاته من خلال رسم القلوب التي تخترقها السهام ويسيل منها الدم وكتب عند طرفي السهم الحرفين الأولين للعاشقين باللغة الإنكليزية إضافةً لعبارات وتواريخ تغطي الجدران وكأنها رسائل قصيرة و استجداء عاطفي "ذكرى أبو ماهر وأبو شلاش, أصاحب مين؟؟!! , بحبك يا ريم الفلا , دمعت عيني قالت بحبك يا أبو جعفر, خانتك عيناكي (بالياء) , يارا بحبك" وخلال البحث لاحظنا أن نسبة هذه الكتابات ترتفع وتزداد في الأحياء الشعبية الفقيرة حيث لاتزيد كثيراً العبارات المكتوبة بخطوط سيئة وبأخطاء لغوية ونحوية  من تشويه جدران هذه الأحياء الفقيرة حيث الأبنية عشوائية والشوارع مرقعة ومتسخة بالأتربة الناتجة عن عمليات الحفر الأزلية لشركات كالمياه والصرف الصحي والكهرباء ولا وجود للشجيرات والأرصفة المنتظمة كما في الأحياة المترفة التي تخف فيها هذه الظاهرة وتبدو شوارعها وأبنيتها أكثر إشراقا ورقيّاً وبإحصاء بسيط وجدنا أنه  من بين كل 50 جدار و20 مدرسة في إحياء شعبية من مدينة حمص كالزهراء والأرمن ودير بعلبة كانت "الشخابيط" تغزو 35 جدار و 19 سور مدرسة وبالمقابل وجدنا في الأحياء المترفة كالوعر والمحطة وشارع الغوطة أن النسبة تتضاءل إلى 3 جدران من أصل كل خمسين و7 من أصل عشرين سورمدرسة
وفي الحالتين فإن مدارس الفتيات وخاصة الثانوية تجتذب المدونين العاشقين ليكتبوا ما لذ وطاب في مناجاة الأحباب وبعبارات تسرق الألباب وتثير القهقهة والضحك " بحبك يابطة يا لابسة رمادي انتي خوتيني وسلبتي فؤادي, ", وتسبب هذه الحالة ضيقاً لدى مدراء المدارس والمواطنين ففي إحدى المرات وبعد أقل من 24 ساعة على طلي سور مدرسة سناء محيدلي (اعدادية للبنات في حي الزهراء) تسابق مراهقو الحي وأصحاب الروضات ومكاتب التكسي على كتابة اعلاناتهم وارقام هواتفهم وعباراتهم على سور المدرسة ,
 معاناة بعض المواطنين بسبب القاء القمامة من قبل سكان الحي قرب جدران ونوافذ بيوتهم دفعهم إلى كتابة  الشتائم التحذيرية لمن تسول له نفسه إلقاء القمامة وبحالات كثيرة لاتجدي نفعاً وهذا ماكان واضحاً مع أحد سكان حي باب الدريب فكتب في المرة الأولى " النظافة من الإيمان رجاءاً لاتلقي القمامة هنا" ولكن كما قال لنا فإن عبارته لم تجدي نفعاً فشطبها بواسطة الطلاء وكتب" يا كلب يابن الكلب يا أخو ال... لاتكب زبالتك هون" ولكن أيضاً لم تتوقف عمليات القاء القمامة عند جدار المنزل.!!
لايتوقف دور الجدران عند رسائل العشق والدعايات التجارية بل يتعداه لتصبح المكان المحبب لمرشحي مجلس الشعب والإدارة المحلية حيث يطرشون وبكل عنفوان صورهم وأسماءهم على الجدران حتى باتت معه تشكل أرشيفاً يستطيع من خلاله الناخبون معرفة من ترشح إلى المجلس النيابي منذ اثني عشر عام وأكثر فكمية الغراء المستعملة تكفي لتثبيت الصور مدة قرن كامل من الزمن.
بأسلوب مشابه تكسو جدران ومقاعد القاعات في الجامعات عبارات التودد وأرقام الموبايلات وعناوين البريد الإلكتروني وقصائد الغزل وأغاني الحب وحتى أصبحت وسيلةً ناجعة للغش من خلال كتابة الفقرات والمسائل والقوانين الهامة على جدران ومقاعد القاعات فيختلط الحب والغزل بالفول السوداني واماكن نموه وقوانين الرياضيات ,والمعادلات التفاضلية بدورة تكاثر الصرصور ,وقوانين الهيدروليك ومعادلة الغازات العامة بعبارات " البارحة حضرت المحاضرة أنا وسهام ليش ماحضرت انت؟ علملي عالموبايل بس تكون بالندوة..علاء".
يغيب عن كل هذا المشهد الكرنفالي للكتابات ,والرسوم الطابع السياسي خلا عبارات عمومية (تحيا سورية ,الموت للإسرائيل ,تسقط أمريكا) إضافة لبعض الرسوم الكريكاتورية لسياسيين لبنانيين كـ(وليد جنلاط) و(فؤاد السنيورة) وهي ازدادت بشكل كبير بعد الأزمة اللبنانية والعراقية.
إنه السوري (وين مازتيتو بيجي واقف) ,ولأن الورق ليس اختراعاً سوريا فإن السوريين لايفضلونه والجدران أصدق أنباءاً من الكتبِ والمواطن معذور مادامت شخابيطه ولخابيطه لاتقترب من المحرمات الحكومية وبما لايوهن عزيمة الأمة ومادامت كتاباته محصورة بالغرام والهيام.

الجمل

إلى الندوة

التعليقات

تحقيق جميل , عن ظاهرة منتشرة وتكاد تكون من تقاليدنا ولكن فعلاً الغريب هي نوعية الكتابات الجدارية فهي مبتذلة جداً ... شكرا يامن

مبروك بدي باركلك على شيئين : أولا قدرتك على التميز بمواضيعك والثاني: انو سرقولك هالمقال لانو ممتاز ولكن طلعت أذكى منهم وكشفت اكتر من خمس سرقات لمواضيع صحفيين غيرك ماكانو منتبهين المعركة (فعلا معركة) التي خضتها تستحق الثناء لانها دفاعا عن حقوق ملكية النشر والملكية الفكرية مبروك

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...