قمع المعارضة وقارع أصحاب الشوارب واللحى وأمريكا قبل أن يموت

22-12-2006

قمع المعارضة وقارع أصحاب الشوارب واللحى وأمريكا قبل أن يموت

مات «تركمان باش» (ابو التركمان)... بهذه العبارة اورد التلفزيون الرسمي في تركمانستان نبأ رحيل الرئيس صابر مراد نيازوف الذي امسك بمقاليد الحكم في الجمهورية السوفياتية السابقة لفترة زادت على عشرين سنة، تحولت فيها البلاد الغنية بنفطها وغازها الى اكثر الدول انغلاقاً وفقراً في المنطقة.  

«الزعيم الخالد» و «القائد الحي» كما يسميه الإعلام الرسمي، توفي عن 66 سنة، متأثراً بنوبة قلبية. لكن الوفاة لم تمر من دون جدل، اقله حول توقيتها، اذ أصرَّت المعارضة على أن نيازوف فارق الحياة قبل ثلاثة ايام، امضاها المقربون منه باحثين عن افضل السيناريوات لإعلان النبأ والتحضير للمرحلة المقبلة.

كان نيازوف واحداً من القادة الذين «بدلوا جلدهم» بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتحول من أمين عام للحزب الشيوعي في بلاده الى رئيس يرفع شعارات قومية تتحدث عن «الأمة» بعد تنصيبه عام 1991 رئيساً لتركمانستان ذات الموقع الاستراتيجي في آسيا الوسطى.

عام 1999 كرسه «المجلس التشريعي الأعلى» رئيساً مدى الحياة، ولا تكاد ساحة في تركمانستان تخلو من تماثيل له، في معظمها يتجه بوجهه نحو الشرق.

وخلال سنوات حكمه، اصدر الرئيس الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه «ديكتاتور حقيقي»، سلسلة أحكام طبقت بصرامة بالغة، بينها تحويل اسماء أيام الاسبوع لتحمل أسماء أولاده وأفراد عائلته. لكن اكثر أوامره غرابة صدر قبل ثلاث سنوات عندما قرر محاربة الشوارب واللحى، معتبراً انها «مظهر متخلف لا يليق بتطور البلاد»، وأجبر المسؤولين في الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية على الإشراف مباشرة على قص اللحى والشوارب للطلاب والموظفين.

ولم تقف تعليمات نيازوف عند ذلك الحد، إذ حارب الثياب النسائية الطويلة ودعا الى تقصيرها، مشبهاً نفسه بقيصر روسيا ايفان الثالث المعروف بـ «ايفان الرهيب» الذي شن حملة مماثلة في القرن السابع عشر بهدف «تطوير روسيا وإلحاقها بالحضارة الغربية». وكتب زعيم الأمة كلمات النشيد الوطني للبلاد ليقره البرلمان في وقت لاحق.

في السياسة الخارجية، اتبع «أبو التركمان» خطاً منغلقاً حافظ خلاله على مسافة محددة من الولايات المتحدة وروسيا، على رغم انه اعتبر حليفاً اقرب للثانية، وهو الزعيم الوحيد في منطقة آسيا الوسطى الذي رفض منح الولايات المتحدة تسهيلات خلال الحرب على «طالبان» في أفغانستان المجاورة أواخر 2001.

وسعى نيازوف الى الخروج من رابطة الدول المستقلة التي تهيمن عليها روسيا، رافضاً المشاركة في كل الهياكل الإقليمية التي أُسست خلال السنوات الماضية. ورفض دعوة مراقبين دوليين الى اي انتخابات أجريت في بلاده. وضرب بيد من حديد المعارضة ومنع ممثليها من المشاركة في الحياة السياسية، وكان جميع المرشحين للانتخابات طيلة السنوات الماضية، من أنصاره.

وبغياب «أبو التركمان» يتوقع المراقبون صراعاً على السلطة، لكنهم يستبعدون انفلاتاً أمنياً، لعدم وجود شخصيات سياسية نافذة في البلاد، قادرة على توجيه تحرك منظم. واعتبر محللون روس ان الصراع سيقتصر على النخب التي كانت مقربة من نيازوف، على رغم ان رموز المعارضة اللاجئين الى الدول المجاورة أعلنوا عزمهم العودة الى البلاد فور شيوع نبأ رحيل الرئيس.

وبحسب الدستور التركماني الذي اشرف الرئيس الراحل على وضعه وكتب فقرات منه بيده، تنتقل مهمات الرئاسة الى رئيس الوزراء، لكن المسؤولية انتقلت أمس الى نائب رئيس الوزراء قربان قولي بردي محمدوف... لأن منصب رئيس الحكومة كان بيد الرئيس.

وأعرب سياسيون روس عن أملهم في استمرار نهج نيازوف بعدما هدد رحيله بمراجعة عقود الغاز الموقعة مع هذه الدولة، ما يمكن ان يلحق خسائر كبرى بالشركات الروسية، علماً ان موسكو تشتري الغاز التركماني بأسعار تفضيلية وتعيد بيعه الى أوروبا بالأسعار العالمية.

رائد جبر

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...