(كائنات من الضوء)في الثقافي الفرنسي..
أقام المركز الثقافي الفرنسي معرضاً للفنان الشاب نهاد كولي تحت عنوان «كائنات الضوء» وهو من الفنانين الشباب الذين تأثروا بطبيعة المنطقة وتاريخها محاولين أن يعكسوا هذا التراث على لوحاتهم وأعمالهم الفنية في الأسلوب والتقنية وبعض المفردات التشكيلية كالزخارف والخطوط والألوان المستمدة من طبيعة المنطقة ذاتها
وفي هذا المعرض اشتغل كولي على تجريد الأشكال ومنح البطولة للتشخيص وتحويرهم عبر الكثير من الاختزال والاختصار معتمدا على المساحات اللونية الكبيرة والقطع ذات المقاس الكبير والعناصر التشكيلية البدائية فمثلا رسم في أحد لوحاته شخصين يواجهان بعضهما بأسلوب فطري بسيط ومدروس «كحركة العينين واليدين وانحناءات الأجساد بالإضافة إلى حركة القدمين أيضاً» وقد جعل الألوان البنية تطغى على الخلفية في حين أسقط الضوء على الشخوص من خلال تقنية بسيطة تمحورت حول الخطوط الكثيرة والبسيطة وتناثر الألوان كالبقع الصغيرة جداً على الخامة البيضاء ذاتها، وفي عمل فني آخر له قسم اللوحة إلى أربعة أقسام جاعلا شخوصها كاليرقة الصغيرة التي تحاول الخروج من قشرتها الخارجية وكأنها حبيسة لها وفي ذلك استخدم أربعة شخوص احتلت الأولى منها الجزء العلوي من اللوحة جاعلا الرأس ينظر إلى الأعلى، في حين رسم مجموعة من الخيوط الزرقاء المعتمة تحيط بهذه الشخصية مع مجموعة من الألوان الأخرى كالأخضر والأبيض على خلفية رمادية وجعل الشخصية الثانية تطل من أعلى اللوحة أيضاً وهي تنظر إلى الأمام باستغراب وسط العتمة والضجيج مع بعض العناصر التشكيلية الاستثنائية والمكملة للوحة كالخطوط الحمراء الصغيرة في الأسفل، وأما الثالثة فقد رسم فيها هذه المرة أنثى تشبه من سبقها من الشخوص مع بعض المعالجة المختلفة كانسياب الشعر وطريقة رسم العينين التي تقارب الرسوم الجدارية قديما، وهذه الأنثى اقتربت من الشخص الآخر في القسم الرابع من اللوحة، وفي هذا المعرض تميزت أعمال كولي بالأحجام الكبيرة والمكملة لبعضها بعضاً ففي لوحتين متلاصقتين عمد أيضاً إلى الشخصيتين ذاتهما مع تجريد مختلف قليلا في الجزء الآخر بالألوان الأخضر والأزرق والرمادي والأسود وقليلاً من الأصفر، في حين احتلت الواجهة الرئيسية للمعرض عملاً فنياً ضخماً قسمه أيضاً إلى أربعة أعمال طولانية استخدم فيهما عناصر مختلفة ومفردات استمدها من وحي المنطقة أيضاً فمثلا في الجزء الأول من هذا العمل الضخم جعل كلاً من الشخصيتين متوازيتين، ويربطهما بحبل أحمر عند رقبتيهما وحبل أسود عند قدميهما، في حين جعل «بساطاً ملوناً صغيراً» يغطي أجسادهما على خلفية سوداء وهذا البساط مستمد من البيئة الشعبية والذي يعد رمزاً من رموز البيئة الريفية، فالتعبيرية التشخيصية التي عوضت عن غياب الأشكال مسبقاً جاءت مفعمة بالرموز الميثولوجية والمستوحاة من ذاكرة الطفولة البصرية والمعالجات الدرامية الفنية، وقد كتب عنه سيمون نصار في الكتيب المرفق للمعرض «إن أعمال كولي تعتمد على المساحات اللونية الكبيرة التي ترتبط أيضاً ببعد نفسي ذاتي يحمي اللوحة من عراء اللون، فاللوحة عند كولي هي مجال مفتوح يتسع لكافة الأشياء المختزنة في الذات وليس العكس، لا حدود لها ولا مقاييس، وعلى هذا فإن التميز الخاص بلوحات كولي يأتي من هذه العناصر المختلطة جميعها وليس من واحد منها فقط ما يظهر أن العمل الفني المنتمي إلى المذهب الفطري في الفن التشكيلي، هو عمل إحاطي وهذا ما يجعله فطريا».
ونهاد كولي يعد عضواً في نقابة الفنون الجميلة وهو مشارك دائم في جميع معارض الدولة الرسمية، كما نال الجائزة الثالثة في معرض فناني الشباب في سورية عام 2006 وله مقتنيات لدى وزارة الثقافة وجهات خاصة، وأقام معارض فردية خاصة في حلب ودمشق بالإضافة إلى مشاركاته في المعارض الجماعية.
رامان آل رشي
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد