كاسترو ... أسطورة عصره
الجمل ـ *بقلم ستيفن ليندمان ـ ترجمة رندة القاسم:
رحل...و بقيت روحه الثورية..و على مدار نصف قرن قاوم بشكل رهيب الإمبريالية الأميركية، و نجا من مئات المحاولات الأميركية لقتله و قتل الثورة التي قادها.
صمد في وجه مكائد إحدى عشرة إدارة أميركية ، من دوايت آيزينهاور إلى أوباما، قائدا كوبا منذ كانون الثاني 1959 حتى استقالته في شباط 2008 لأسباب صحية، مسلما الراية لأخيه راؤول بينما بقي ناشطا فكريا و مؤثرا حتى النهاية.
سيطرت واشنطن على كوبا منذ زمن ويليام ماكينلي حتى إدارة آيزينهاور، و حررها فيديل ، و حولها من بيت دعارة تغزوه المافيا إلى دولة شعبية تخدم كل شعبها، و توفر لهم مزايا لا يستطيع الأميركيون تخيلها.
و المادة 50 من الدستور الكوبي تقر ب "حق الوقاية و الرعاية الصحية للجميع"....و ذلك "بتوفير عناية طبية و مشافي مجانية عن طريق تأسيس شبكة خدمة طبية ريفيه ، عيادات عامة، مشافي، مراكز وقاية و معالجة مختصة"...."عناية مجانية بالأسنان . تعزيز الحملات الإعلانية الصحية، و التعليم الصحي، و الفحوصات الطبية الدورية، و اللقاحات العامة و الإجراءات الأخرى من أجل الحيلولة دون نشوب الأمراض".."كل الشعب يتشارك في هذه النشاطات و الخطط عبر المنظمات الاجتماعية و الجماهيرية"..
العناية الصحية الكوبية من بين الأفضل في العالم، ما يكشف عار النظام الأميركي القائم على الدفع أو الموت، مع وجود ضعف عدد الأطباء لكل ألف مواطن مقارنه بجارها الشمالي.
و المادة 51 تضمن تعليما شاملا مجانيا إلى أعلى المستويات، من أجل الأطفال و الشبان و الكبار ، إذ ينص الدستور الكوبي على ما يلي:
"يملك الجميع حق التعليم، و هذا الحق يضمنه نظام مجاني و شامل من المدارس، مدارس داخلية جزئية، مدارس داخلية و منح دراسية في كل مجالات و مستويات التعليم، مع توفير مواد مدرسية مجانية لكل طفل و شاب بغض النظر عن الحالة الاقتصادية للعائلة، و توفير دورات تتناسب مع قدرات الطالب و متطلبات المجتمع و حاجة التطور الاجتماعي و الاقتصادي"...
و كاسترو فعليا قام بالقضاء على الأمية. يتعلم الطلاب الرياضيات، القراءة، العلوم، الفن ، العلوم الإنسانية، المسؤولية الاجتماعية، واجبات المواطنة و المشاركة. يتعلمون مهارات تجعلهم مواطنين منتجين، قادرين على المشاركة في التنمية الوطينة.
و في إحدى ملاحظاته قال كاسترو: "نحن نملك عدوا قويا، جارنا الأقرب : الولايات المتحدة .. ما من ثمن أكبر من الاستسلام للعدو.. فهذا انحدار سريع إلى مزبلة التاريخ.."...
وقال أيضا : "أليس من الأفضل الكفاح لإنتاج الطعام و المنتجات الصناعية، بناء المشافي و المدارس لمليارات البشر الذين بحاجة ماسة لها، دعم الفن و الثقافة، النضال ضد الأوبئة التي تؤدي إلى موت نصف المرضى و العاملين في مجال الصحة و التقنيين ، كما رأينا، أو التخلص نهائيا من أمراض مثل السرطان، إيبولا، ملاريا، حمى الضنك، السكري و غيرها التي تؤثر على الأنظمة الحيوية للبشر؟"
و أكد كاسترو : "الغلبة للمثل فقط ، و إلا سينتصر الدمار" ...و رحل في التسعين ، و تشي مقالة له قبل رحيله بأن ذكاءه كان لا يزال متقدا، و حتى النهاية بقيت محاكمته الدقيقة و رغبته الصلبة من أجل إبقاء كوبا حرة من السيطرة الأميركية.
وفي آذار الماضي قال "نحن لا نحتاج الإمبراطورية لمنحنا أي شيء، جهودنا ستكون شرعية و سلمية، لأن التزامنا هو بالسلام و الإخاء بين كل البشر الذين يعيشون على هذا الكوكب" ..اللعنة للطبقة الحاكمة الأميركية.
وفي الثالث عشر من آب بدأ عقده العاشر، و في مقالة تمجده في عيده التسعين، قلت بأنه يمثل المقاومة المهيبة ضد القمع الامبريالي و الاستغلال و القسوة.
كاسترو أسطورة عصره، يوما ما سوف يخلد أكثر من الآن . و يوم الجمعة في العاشرة و الدقيقة التاسعة و العشرين مساءا بتوقيت هافانا، لفظ أنفاسه الأخيرة.. و الآن هو ينتمي للأزمان.....
*صحفي أميركي مقيم في شيكاغو
عن Strategic Culture Foundation
الجمل
إضافة تعليق جديد