كواليس اجتماعات آموس في دمشق

12-09-2013

كواليس اجتماعات آموس في دمشق

خلال زيارتها الأخيرة لدمشق الأسبوع الماضي، بدت مفوضة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس واثقة من أن الضربة العسكرية لسوريا لن تتجاوز إطار التهويل الإعلامي، ولن تعدو كونها ورقة ضغط سياسية على دمشق.
ويؤكد مصدر أوروبي من داخل المنظمات الدولية العاملة في سوريا، أن آموس شددت خلال الاجتماعات المتتالية التي عقدتها مع رؤساء وممثلي المنظمات الدولية والمؤسسات الإغاثية خلال الزيارة، على عدم وجود ضرورة للحديث عن ترحيل موظفي الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية. وعلى الرغم من أن زيارة آموس تزامنت مع وصول أصوات طبول الحرب ذروتها، إلا أن المسؤولة الأممية ركزت في اجتماعاتها المتتالية على عمل تلك المنظمات في سوريا، وبطريقة اعتيادية مماثلة لزياراتها السابقة.
ويؤكد المصدر أن «الثقة التي عكسها سلوك آموس، ساهمت قليلاً في تبديد قلقنا من وقوع الضربة المحتملة، فاقتصر الأمر على مغادرة العاملين الذين اختاروا ذلك، وطلبوا إجازات».
وخلال الاجتماعات، جدد مسؤولو المنظمات الإنسانية مطالبة آموس بضرورة العمل على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، حيث تعرقل تلك العقوبات العمل الإغاثي، وخاصة لجهة تحويل أموال الإغاثة من خارج سوريا إلى المنظمات والمؤسسات الدولية العاملة داخلها، الأمر الذي أكدت المسؤولة الأممية أنها تواصل بذل جهودها بشأنه، حيث طلبت من مجلس الأمن، ومن الأمم المتحدة، ثلاث مرات العمل على رفع تلك العقوبات.
ويشرح مصدر ديبلوماسي سوري أنه ليس باستطاعة المنظمة الأممية، ولا حتى مجلس الأمن، فعل شيء يتجاوز المناشدات لرفع تلك العقوبات، لأن العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على مراحل جاءت بقرارات منفردة اتخذتها دولٌ أو منظمات إقليمية، وليس بقرار دولي.
المصدر ذاته أكد أن الحكومة السورية، تبدي تعاوناً تاماً مع المنظمات الدولية العاملة على الأراضي السورية في شؤون الإغاثة، وباعتراف تلك المنظمات، وعلى رأسها آموس، فيما تواجه المنظمات صعوبات كثيرة في العمل داخل مناطق سيطرة المجموعات المسلحة، نظراً لأن كلَّاً من تلك المجموعات يعمل بصورة منفردة.
هذا الأمر يؤكده المصدر الإغاثي الأوروبي قائلاً «نضطر في بعض الأحيان إلى التنسيق مع خمس أو ست مجموعات مسلحة كي نستطيع دخول موقع واحد، وأحياناً قد تكلل جهودنا بالفشل في اللحظة الأخيرة، بسبب ظهور مجموعة مسلحة على الأرض لم نكن نعلم بوجودها فلم ننسق معها، وكثيرة هي المرات التي فقدنا فيها قوافل غذائية بكاملها نتيجة مصادرة مسلحين لها».
ويضيف «نتيجة هذه المعوقات، أعرب مدير برنامج الأغذية العالمي عن قلقه البالغ لتعذر إيصال المعونات الغذائية إلى مناطق كثيرة تخضع لسيطرة المسلحين، وأشار خاصة إلى أن البرنامج لم يتمكن من إيصال المعونات إلى المناطق الشمالية الشرقية من البلاد منذ ثلاثة أشهر بسبب عدم تعاون المجموعات المسلحة».
ويتطابق هذا الكلام مع بيان رسمي صدر مؤخراً عن برنامج الأغذية العالمي، جاء فيه أن «العديد من المناطق في سوريا لا يمكن الوصول إليها مع تصاعد أعمال العنف وانتشار نقاط التفتيش حول المدن الرئيسة التي تؤثر على إمكانية توصيل المساعدات الغذائية.
وتمثل المناطق في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحلب وإدلب وريف دمشق صعوبة كبيرة للوصول إليها بسبب تزايد الاضطرابات الأمنية وإغلاق الطرق».
وليس بعيداً عن هذا ما أكدته مديرة منظمة الصحة العالمية مارغريت تشان، خلال الاجتماعات الأخيرة في دمشق، حيث قالت «تتعرض المستشفيات وسيارات الإسعاف والنقاط الصحية إلى اعتداءات دائمة ومتكررة داخل مناطق سيطرة المسلحين، وهذا يعيق عملنا كثيرا، ويعرض الكوادر الصحية إلى خطر دائم»، الأمر الذي كانت المنظمة العالمية قد أكدته في أوقات سابقة عبر بياناتها الدورية.
وبحسب المصدر، فقد بدت آموس في كواليس الاجتماعات غاضبة ومستغربةً بفعل عاملين أساسيين اثنين، أولهما «قيام دولة غربية معينة بتقديم مبلغ مالي كبير مباشرة إلى منظمة معينة، تحت زعم أنها أموالٌ مخصصة للعمل الانساني، على الرغم من أن تلك المنظمة لا تقوم بأي مشاريع إغاثية أو إنسانية على الأراضي السورية، من دون أن ينفي هذا وجود كوادر لها في مناطق سيطرة المسلحين»، ما يفتح الباب على أسئلة حول طبيعة ذلك الوجود، ومصير المبلغ ذي الأصفار الستة!
أما ثاني العاملين، وبحسب المصدر الأوروبي أيضاً، فقد تلخص بأن «معظم المسؤولين الخليجيين الذين التقتهم آموس مؤخراً لم يكونوا على علمٍ بوجود منظمات إنسانية أممية تعمل داخل الأراضي السورية، على الرغم من أن دول مجلس التعاون كانت قد أعلنت خلال مؤتمر المانحين الذي عُقد في الكويت مطلع العام الحالي، عزمها تقديم مبالغ ضخمة لتلك المنظمات، وعبر الأمم المتحدة حصراً»، وكانت الدول المشاركة في المؤتمر قد قدمت تعهدات تتجاوز المليار دولار، لكن الجزء الأكبر من ذلك المبلغ لم يُسدد إلى الأمم المتحدة بعد، يقول المصدر نقلاً عن آموس.
أما المفارقة الأكبر التي أشار إليها المصدر، فكانت تأكيده أنَّ عبارة «المعارضة المسلحة» التي تُستخدم في البيانات الصادرة عن المنظمات الإنسانية الأممية، وفي التصريحات الصحافية لمسؤوليها، هي صياغة مخصصة للتداول الإعلامي فحسب، أما التوصيف المُستخدم في كواليس الاجتماعات، ومن بينها اجتماعات آموس الأخيرة في دمشق، فهو «Armed Gangs» أي «عصابات مسلحة».
ويضيف المصدر ضاحكاً «يصدر هذا بطريقة لا شعورية من الجميع، حتى أننا لا نستخدم (Armed groups) أي مجموعات مسلحة».

صهيب عنجريني

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...