كورونا الإبل أصل البلاء
يطرح خروج فيروس «كورونا» عن سيطرة وزارة الصحة السعودية أسئلة عدة عن مصدر الفيروس وسبب عدم قدرة الحكومة على احتوائه؛ أما الجواب فبسيط، مصدر «العلة» يكمن في علاقة السعوديين الوطيدة بـ... الإبل!
بعد أن سُجّل أول ظهور له في السعودية في أيلول 2012، ها هو فيروس كورونا اليوم ينتشر كالنار في الهشيم، شاملاً 15 دولة حول العالم، وحاصداً أرواح أكثر من 600 مواطن سعودي.
آخر محطات الفيروس كانت لبنان، حيث أعلنت وزارة الصحة أمس تسجيل أول حالة إصابة فيه بهذا المرض، فاتحاً بذلك الباب أمام تساؤلات وشكوك شعبية حول حجم استعدادات الحكومة للتصدي للفيروس.
وبالعودة إلى السعودية، يسيطر التعتيم على الأرقام المعلنة، حيث أعلنت وزارة الصحة السعودية أن عدد الوفيات بفيروس «كورونا» المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ارتفع إلى 121 شخصاً من أصل 449 مصاباً في المملكة منذ أيلول 2012، وهو رقم غير منطقي ومبالغ في صغره نسبةً إلى حجم الهلع الذي تسبّب به الفيروس. وأكد الموقع الإلكتروني للوزارة أن العدد الكلّي للإصابات ارتفع إلى 449 قضى منهم 121 شخصاً، أجانب ومواطنين.
وقد رجحت دراسة نشرتها كلية الطب البيطري في جامعة فيينا نظرية انتقال فيروس «كورونا» إلى الإنسان عن طريق الإبل، إلا أن مصدر وطريقة انتقال الوباء الذي يسبّب مشاكل تنفسية حادة ما زالا غير معروفين بصورة مؤكدة. لكن دراسات عدة أظهرت في الأشهر الأخيرة أن الفيروس موجود لدى الإبل، معتقدةً بانتقاله مباشرةً من هذا الحيوان إلى الإنسان.
وأكدت الدراسة التي أجراها خبيرا الفيروسات نوربرت نوفوتني ويولانتا كولودتشيك أن هذا الفيروس موجود لدى بعض أنواع الإبل التي تعيش في سلطنة عمان، وأنه «قريب جداً» من الذي يصيب الإنسان. وأظهرت عينات أخذت من مخاط أنوف وإفرازات عيون 76 جملاً من مختلف أنحاء عمان وجود فيروس كورونا في خمسة منها.
إلى ذلك، أظهر التحليل الجيني لهذه الفيروسات تقارباً كبيراً من فيروسات تاجية أخرى، اكتُشفت لدى الإبل في قطر ومصر، ومنها فيروسات أصابت البشر. وقال الباحثان في الدراسة التي نشرتها نشرة «يوروسيرفيانس» الأوروبية المراقبة للأوبئة، أن خلاصة الدراسة تظهر «وجود علاقة جينية وثيقة بين فيروس كورونا لدى الإبل والفيروس ذاته لدى البشر في المناطق الجغرافية نفسها، ما يرجّح حدوث انتقال محلي بواسطة الحيوانات». وأوضحا أن ذلك يعني أن الفيروس الذي يصيب الإبل هو نفسه الذي يصيب الإنسان.
وأشارت الدراسة إلى أنه نظراً إلى الكثافة الكبيرة للفيروس في المخاط الأنفي لبعض الإبل، فإن هناك «احتمالاً» لانتقال العدوى إلى الإنسان عبر مخالطة هذه الأماكن، وبخاصةٍ عبر الإفرازات الأنفية.
وكانت وكالة «رويترز» قد أفردت تقريراً طويلاً بعنوان «تغلغل الإبل في حياة السعوديين قد يعرقل السيطرة على فيروس كورونا». وتطرّق التقرير إلى دور هذا الحيوان في يوميات السعوديين الذين يرفض معظمهم ما أعلنه علماء عن الربط بين الإبل و«كورونا». وتنقل «رويترز» شهادات لمواطنين يسردون تفاصيل حياتهم إلى جانب الإبل، فيقول أحدهم: «نحن نعيش مع الإبل ونشرب لبنها ونأكل لحومها، نحن نعيش وننام ونقضي حياتنا كلها معها».
ويشير التقرير إلى المكانة التي يحتلها هذا الحيوان في المجتمع السعودي. فالإبل تمثل أهمية اقتصادية تجعل قيمة بعضها تتجاوز أحياناً مئات الألوف من الدولارات. وكانت منظمة الصحة العالمية قد نصحت السعوديين بـ«اتخاذ الاحتياطات الوقائية حين يحضرون في أماكن توجد فيها إبل»، إلى جانب دعوتهم إلى تجنب «شرب حليب النوق».
وفي حين أن ربط الفيروس بالإبل موضوع دراسة مستفيضة بين العلماء خارج المملكة، لم يكن له أثر يذكر على مستوى النقاش الرسمي في المملكة. فسوق الجمال يمتد أميالاً على مشارف الرياض، في حين لم يتلق التجار والعمال الذين يخالطون الإبل في السوق أي معلومات من الحكومة بشأن الوباء. واقتصرت التدابير الرسمية على دعوة وزير الصحة السعودي عادل فقيه مواطنيه إلى عدم الاتصال بالإبل، خاصة المريضة منها.
وتجدر الإشارة إلى أن فيروس «كورونا» قريب من فيروس «سارس» المسبّب للالتهاب الرئوي الحاد، الذي أودى بحياة نحو 800 شخص، وخصوصاً في الصين عامي 2002 و2003.
وكورونا كلمة لاتينية تعني التاج، حيث إن شكل الفيروس يأخذ شكل التاج عند العرض بالمجهر الإلكتروني.
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد