كيف تآمرت حكومة السينورة على سيادة لبنان؟

11-03-2010

كيف تآمرت حكومة السينورة على سيادة لبنان؟

 تكشفت فصول إضافية وخطيرة في محاولة الاختراق الاميركي لقطاع الاتصالات في لبنان،  بعدما قادت خيوط الملف لجنة الاعلام والاتصالات النيابية الى وضع اليد على «اتفاقية بين حكومة الولايات الاميركية وحكومة لبنان بشأن تطبيق القانون» حامت حولها شكوك وعلامات استفهام كثيرة، لا سيما انه تبيّن انها موقعة من قبل السفير الاميركي السابق في بيروت جيفري فيلتمان والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي في 5ـ10ـ 2007، خلال عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى التي، وخلافا للأصول عمدت بعد اربعة أيام، أي في 9ـ10ـ2007، الى إبداء الموافقة اللاحقة على الاتفاقية، في إجراء يطيح الاصول الدستورية وتراتبية السلطات!
وفي قراءة أولية للاتفاقية التي تتضمن هبة أميركية بقيمة 50مليون دولار الى قوى الامن لتعزيز قدراتها، تبين انها تحتوي بنودا حساسة و«ملغومة» تمس في جوهرها الامن القومي والسيادة الوطنية، ما تطلّب تحديد موعد لجلسة خاصة الخميس المقبل لتشريح مختلف جوانب الاتفاقية ومجموعة من المستندات المرفقة التي تبين ان أحدها ينطوي على مراسلة مباشرة من السفارة الاميركية الى اللواء ريفي من دون المرور بالمرجعية التنظيمية لمؤسسة قوى الامن الداخلي وهي وزارة الداخلية.
ولعل من أخطر ما ورد في الاتفاقية فقرة في البند الثاني جاء فيها: «تتضمن الاعمال التي يتعين على الحكومة اللبنانية القيام بها ما يلي: «التحقق بشكل سليم من ان جميع أفراد قوات الامن الداخلي الذين يتلقون التدريب لا ينتمون بأي شكل من الاشكال الى أي منظمة تعتبرها الحكومة الاميركية منظمة ارهابية (..) وصرف أي طالب متدرب من التدريب إذا ثبت انه خرق الشرط المذكور».
وورد في إحدى فقرات البند الثالث حول المعدات والأجهزة: «على الحكومة اللبنانية التحقق بشكل مناسب من عدم وجود أي صلة على الاطلاق بين أي من المنتسبين الى قوات الامن الداخلي الذين يتلقون الاجهزة والمعدات، والمنظمات التي تعتبرها الحكومة الاميركية منظمات إرهابية وتقديم الضمانات التي تؤكد ذلك (..)»
وجاء في فقرة أخرى ضمن البند ذاته: «السماح للحكومة الاميركية بالوصول الى الاجهزة والمعدات من دون أي عوائق او قيود (..)».
وينص البند السابع على ان «تمنح حكومة لبنان موظفي الحكومة الاميركية الامتيازات والحصانات المتاحة للكوادر الادارية والكوادر الفنية التابعة للحكومة الاميركية والملحقة بالسفارة الاميركية، ويُمنح المتعاقدون الموجودون في لبنان، لاسباب تتعلق بهذا الاتفاق، الحصانة من عواقب الاعمال الرسمية التي يقومون بتأديتها».
وقد أثارت «شروط» الاتفاقية وحيثيات إقرارها، لدى أوساط نيابية، التساؤلات الآتية:
ـ كيف يجوز إعطاء الولايات المتحدة حق «فرز» عناصر قوى الامن وفق معاييرها وهواها، وهل يعني ذلك ان العناصر المؤيدة لمبدأ المقاومة وهي كثيرة أصبحت مشبوهة؟
ـ ألا يعني السماح للحكومة الاميركية بالوصول الى الاجهزة والمعدات من دون عوائق او قيود، ان هناك إمكانية لاستباحة نظام الاتصالات وشبكاته؟
ـ كيف تسمح حكومة السنيورة لنفسها ان تمنح الموظفين الاميركيين المشاركين في المشروع التدريبي حصانة لا تعطى عادة إلا للدبلوماسيين ولا تصدر إلا بقانون عن مجلس النواب، ومن يدري من يأتي الى لبنان وماذا يفعل تحت مظلة هذه الحصانة المرتجلة؟
ـ لماذا جرى القفز فوق دور مجلس النواب الذي تمر عبره عادة الاتفاقيات مع الخارج، سواء بالمصادقة او بالاطلاع؟
ـ اين موقع رئيس الجمهورية المناط به، ضمن الصلاحيات الدستورية القليلة المتبقية له، التوقيع على الاتفاقيات او المعاهدات الدولية، وما هو تفسير صدور قرار عن مجلس الوزراء في 9ـ10ـ2007 يوافق على الاتفاقية مع واشنطن ولا يحمل توقيع رئيس الجمهورية الذي كان حاضرا آنذاك الجلسة وهو الرئيس إميل لحود؟
ـ هل ان الجانب اللبناني الذي وقّع على الاتفاقية، فاوض بشأنها وحاول تحسين مواصفاتها، ام انه قبل بما طرحه الاميركيون من دون «مقاومة»؟
ـ من هي الجهة التي فوّضت وغطت المدير العام لقوى الامن الداخلي للموافقة على الاتفاقية قبل ان تمر في مجلس الوزراء؟
ـ هل ان هبة الـ50 مليون دولار تستأهل تقديم كل هذه التنازلات؟
ـ الى أي حد يمكن الكلام عن اتفاقية تعاون فنية وتقنية، في حين يبدو البعد السياسي جليا من خلال مقدمتها التي تشير الى ان المساعدات الاميركية المقررة انبثقت عن تعهد صدر عن وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس في كانون الثاني 2007 بمساعدة لبنان في مجال الامن؟
ـ وإذا كان أمر هذه الاتفاقية قد انكشف، ماذا عن المخفي الذي قد يكون أعظم؟
ومقابل هذه التساؤلات، قالت أوساط نيابية في 14آذار ان هناك الكثير من الغبار السياسي المفتعل يثار حول الهبة الاميركية لقوى الامن الداخلي، الامر الذي يثير الريبة ويدفع الى طرح علامات استفهام حول خلفيات هذا الامر ودوافعه الحقيقية، لافتة الانتباه الى ان معظم دول العالم توقّع مثل هذه الاتفاقيات المتصلة بمكافحة تجارة المخدرات، وأشارت الى أن خارطة أعمدة الاتصال الخاصة بشبكة الخلوي التي طلب الاميركيون (تتمة المنشور ص 1)
الحصول عليها يمكن تحديدها ببذل بعض الجهد عبر google، ثم ان قبول الهبة أتى تنفيذا لقرار مجلس الوزراء وهي لا تتجاوز اطار المساعدة الفنية ولا تحمل أي طابع أمني.
وكان رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله قد افتتح الجلسة التي شارك فيها حشد من النواب بالقول ان اللجنة تستكمل ما سبق لها ان بدأته في الجلسة السابقة لناحية متابعة ما اشارنا إليه، ونحن تسلمنا المستندات التي طلبناها. واقترح ان يتولى شخصيا تلاوة المستندات، وفي ضوء ذلك تتم المناقشة. لكن نواب اللجنة اصروا على ضرورة ان يصار الى توزيع هذه المستندات والاتفاقية على النواب، فتم ذلك.
وبعد الاطلاع عليها بشكل سريع تبيّن ان الملف واسع ويحتاج الى دراسة معمقة، فتقرر عقد جلسة أخرى الاسبوع المقبل وتكليف وزارة الاتصالات بتشكيل لجنة فنية لدرس مخاطر الاستمارة الاميركية التي تم وضعها في إطار الاتفاقية.
وقال النائب عباس هاشم انه سبق وتقدم بمجموعة اسئلة في الجلسة السابقة، لم تتم الاجابة عليها، وخصوصا السؤال المتعلق بشركتي الهاتف الخلوي، ومفاده ان شركة m t c تم التقدم منها بطلب تزويد السفارة الاميركية بالاستمارة وتعبئتها، فماذا عن شركة «ألفا» التي نفت وقالت ان احدا لم يتواصل معها.
ورأى النائب نواف الموسوي ان ما نحن بصدده هو أمر يمس السيادة الوطنية وأمن الأفراد، ولسنا امام مادة انقسام سياسي ولا امام معركة داخلية موجهة ضد فريق او جهاز، بل نحن جزء من حكومة الوحدة الوطنية. واقترح ان يُدرس الموضوع في لجنة الدفاع والامن لان القضية غير فنية، وأميركا كما أكد نائب رئيسها جو بايدن ملتزمة بأمن إسرائيل، وهذا يعني ان كل ما يصل اليها يمكن ان يصل الى العدو.
وقال النائب عقاب صقر: انا كنت مسافرا، والجو في الخارج يوحي وكأن الاميركيين «مدري شو عاملين في البلد» وأنهم طلبوا معلومات واخترقوا البلد. ولكن عندما جئت الى هنا لم اشعر ان هذا الامر موجود. ولفت الانتباه الى ان هناك بلديات في الجنوب يمكن ان توقع على اتفاقيات مماثلة.
ولاحظ النائب انطوان زهرا ان هناك جوا في البلد موجها صوب قوى الامن الداخلي، وكأنها مرتكبة، ومتهمة في الوقت الذي تحافظ فيه على أمننا وتقوم بكشف شبكات التجسس.
وكرر النواب طرح السؤال حول الهدف الاميركي من هذا الطلب، فرد اللواء ريفي ان الغاية هي التدريب.
وسأل النائب هاني قبيسي اللواء ريفي: هل من الضروري ان تدربهم على شيء حي، فإذا كنت بصدد إجراء رماية، هل تضع امامك انسانا حيا وتطلق النار عليه ام تضع امامه «شاخصا». وإذا تمت تلبية الطلب الاميركي معنى ذلك انك تأتي بالبنية التحتية للاتصالات في لبنان، وتجعل منها ميدانا تدريبيا للاميركيين، الا يمكن ان تدرب على شيء وهمي.
فرد اللواء ريفي: لا، نحن يجب ان ندربهم على شيء واقعي. وكرر: هذا أمر تدريبي لا علاقة له بالامن.
وتكلم وزير الداخلية زياد بارود، معتبرا ان طرح هذا الموضوع في لجنة الاعلام امر جيد وأساسي. وأضاف: نحن كوزارة داخلية نصر على التعاون مع النواب، وعندما صدر في الاعلام كلام منسوب الى المدير العام لقوى الامن الداخلي بأنه لا يريد ان يحضر جلسة لجنة الاعلام، صدر توضيح اكدنا فيه وجوب ان يقوم المجلس بدوره في المساءلة والمحاسبة، والحرص على العلاقة بين المؤسسات وخصوصا مع مجلس النواب.
وقال النائب علي عمار: بين لبنان وسوريا اتفاقية تعاون وتنسيق، وأنا اقول امامكم، اذا جاء السفير السوري في لبنان، وطلب من المدير العام للامن العام معطيات معينة، ولنفترض حول بصمات اللبنانيين، فستجدون موقفي هو ذاته الذي اتخذته حيال تدخل السفارة الاميركية وطلبها. هذا الطلب لا يرتبط بجهاز امني معيّن، هذه مسألة سيادية، ونحن لا نريد ان يمس احد بهذه السيادة.

المصدر: السفير


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...