لبنان بانتظار ما ستؤول إليه الوساطة القطرية «الغامضة» ونتائج همروجة إعادة نفي اللاجئين
لبنان بلا رئيس للجمهورية، لليوم العاشر بعد المئة على التوالي.
هاجس الارهاب التكفيري لا يزال الحاضر الاقوى بمخاطره الداهمة التي تتخذ أشكالاً مختلفة، لعل أكثرها قسوة ملف المخطوفين العسكريين المفتوح على المزيد من «الوقت الضائع»، في انتظار ما ستؤول إليه الوساطة القطرية «الغامضة»، أو غيرها من الخيارات «المستترة»، حتى الآن.
وعُلم أن الرئيس تمام سلام سيتوجه الأحد المقبل الى الدوحة، استكمالاً للجولة الخليجية التي كان قد باشر بها سابقاً، ويفترض أن تقوده لاحقاً الى الامارات العربية المتحدة. ومن المؤكد، أن ملف المخطوفين سيتصدر محادثات سلام مع المسؤولين القطريين.
وعلى وقع تمدد التهديد التكفيري في جسم المنطقة، يشارك لبنان اليوم عبر وزير الخارجية جبران باسيل في «لقاء جدة» المخصص للبحث في سبل مواجهة الإرهاب، بـ«رعاية» وزير الخارجية الاميركي جون كيري، وحضور وزراء خارجية عشر دول، من بينها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن ولبنان، الى جانب تركيا.
وتطرح المشاركة في هذا اللقاء تساؤلات عدة، من بينها:
ما الذي تستطيع الدول الحاضرة أن تقدمه للبنان في ظل «النيات المضمرة» لبعضها، وما الذي يستطيع هو أن يقدمه في ظل واقعه الصعب، على مستوى القدرات العسكرية المتواضعة لجيشه، والوضع المالي الصعب، والشغور في رئاسة الجمهورية؟
كيف لنا أن نكون شركاء حقيقيين في الحرب على الإرهاب، فيما تسليح الجيش لا يزال يتم بـ«القطارة»، مع إبقاء مليارات الدولارات المخصصة لدعمه مجرد حبر على ورق، والاستمرار في حرمانه من العتاد النوعي حرصاً على أمن إسرائيل؟
هل سيرتب حضور لبنان التزامات تفوق طاقته على التحمل، أم سيرتب على الدول التزامات حياله، وهل سيضعه في قلب العاصفة أم سيحميه منها؟
والى أي حد سيكون ممكناً تحصيل دعم حقيقي للدولة في مواجهة الارهاب، بينما المجتمع الدولي يتقاعس في ملف انساني يُفترض انه اقل تعقيدا، كما يتبين عبر مماطلته في تقديم الحد الادنى من المساعدات الحقيقية، لاحتواء تداعيات قضية النازحين السوريين.
وقال وزير الخارجية جبران باسيل أن لبنان يجب ألا يغيب عن أي إطار إقليمي او دولي هدفه التصدي للإرهاب، خصوصاً «عندما يكون هذا الإطار جامعاً لدول نتشارك وإياها في مواجهة خطر الإرهاب».
وشدّد على أن المشاركة في لقاء جدة اليوم تندرج في هذا السياق، مؤكداً أن «لبنان لا يدفع في مقابل حضوره أي ثمن سياسي، بل هو أمام فرصة لاستقطاب المزيد من الدعم، إقليمياً ودولياً، في صراعه الوجودي مع التكفيريين».
ولفت الانتباه الى انه كلما كبرت دائرة المشاركة في التصدي للخطر التكفيري، كانت هناك فعالية أكبر للمعركة التي تخاض ضده، والتي يشكل لبنان إحدى ساحاتها الامامية.
وأشار الى عدم وجود أي إشكالية داخلية حول حضور لبنان لقاء جدة، «وأنا على تشاور مستمر مع رئيس الحكومة في هذا الشأن»، مشدداً على ان «وحدتنا الداخلية أهم من أي شيء آخر، ويجب ان لا يُسبب ذهابنا الى أي مكان في العالم مشكلة في الداخل، لان ثوابتنا تبقى كما هي، أينما كنا».
الى ذلك، قال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم لـ«السفير» إن «الحراك الدولي الذي ترعاه اميركا ليس جدياً في إنهاء الخطر التكفيري، وكلام باراك اوباما واضح، فالاحتواء الذي تحدث عنه معناه تحديد المخاطر، وتعطيل بعض الأهداف، ولكن مع الإبقاء على الدور الوظيفي لهذا التنظيم الارهابي باستخدامه في إخافة دول معينة في هذه المنطقة، وإبقاء هذا الخطر كفزاعة في الاماكن المناسبة لتحصيل مكتسبات سياسية، لاسيما في العراق وسوريا».
ورأى أن من يتعمق في الموقف الأميركي على حقيقته يلاحظ «أن الاميركيين يقبلون بـ«داعش» في منطقتنا، ويحاولون منع امتداده الى دولهم، ولكنهم ليسوا في وارد إنهائه». واعتبر أن «ما نسمعه من صراخ دولي وإقليمي، له علاقة بفقدان السيطرة على «داعش»، والخوف من تداعيات لم يتحسبوا لها سابقاً».
وفيما عُقد في السرايا الحكومية أمس اجتماع برئاسة الرئيس تمام سلام، خُصص لمتابعة درس ملف النازحين السوريين، بحضور وزراء الخارجية والداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» أن مسألة المباشرة في إقامة مخيمات للنازحين قد حُسمت نهائياً، وانتقلت من الحيز النظري الى الحيز العملي، موضحة أن النقاش دخل في مرحلة التفاصيل المتعلقة بالجوانب اللوجستية والتمويلية لإنشاء هذه المخيمات.
وعلم أن اللجنة بحثت في البدء بإقامة مخيمات تجريبية، في العبودية بالشمال وفي المصنع بالبقاع، بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بحيث يصار الى توسيعها لاحقاً اذا نجحت الخطوة، على أن يُبحث في تمويل هذه الخطة مع الدول المانحة.
وبحثت اللجنة في ما سيطرحه رئيس الحكومة خلال زيارته الى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للامم المتحدة في 23 ايلول الحالي، حيث سيعقد على هامشها اجتماع للدول المانحة الصديقة للبنان الذي يفتقر الى الدعم المالي والعيني الكافي الذي كانت قد تعهدت به الدول المانحة لمساعدته في تلبية احتياجات النازحين.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«السفير» إنه سيتم قريباً، وربما خلال أسابيع قليلة، المباشرة الميدانية في بناء مخيمات للنازحين ضمن الاراضي اللبنانية، الواقعة على الحدود مع سوريا، بعد إنجاز الدراسات اللازمة، كاشفاً عن أن هذه المخيمات ستكون في المرحلة الاولى تجريبية، بحيث تضم عدداً محدوداً من النازحين، لاختبار هذه التجربة ومدى نجاحها.
وأكد ان هذه المخيمات اصبحت أكثر من ضرورية، لانه لم يعد مقبولاً هذا الانتشار الواسع للنازحين في الجسم اللبناني، مع ما يسببه ذلك من حساسيات أمنية واجتماعية، لافتاً الانتباه الى ان من شأن هذا المشروع ايضاً ان يجعل فكرة التوطين التي يخشى منها البعض، غير واردة كلياً.
وأوضح ان المخيمات لن تضم خيماً بل ستعتمد على البيوت المتنقلة («كارافان»)، اولا لقدرتها على تحمل الظروف المناخية، وثانياً لأن بإمكان النازحين أخذها معهم لاحقاً الى سوريا.
وأكد ان لبنان لن يستقبل بعد اليوم أي نازح جديد، إلا في حالة الضرورة الانسانية القصوى، لافتاً الانتباه الى «ان الامر لا يتعلق بإقفال الحدود، بل بانتفاء صفة النازح عن الكثير من السوريين بعد مرور وقت طويل على اندلاع الحرب السورية، وبالتالي فإن من يمكن أن يأتي إلينا سيكون من المقاتلين، ونحن لسنا مستعدين لاستقبال أحد من هؤلاء».
إضافة تعليق جديد