لبنان: جنبلاط يفجّر مفاجأة سياسية قد تبدل المعادلة المحلية
فعلها وليد جنبلاط، وأعلن رسميا، أمس، خروجه وحزبه وطائفته من «تحالف الضرورة» مع فريق 14 آذار، لا بل أعلن رسميا عن انتهاء صلاحية هذا الاطار السياسي الذي كان «رياديا» في اطلاقه ورعايته، قبل أن يسلم «الأمانة» الى النائب سعد الحريري اثر انتخابات العام ألفين وخمسة.
وفي التفاصيل، قال النائب جنبلاط امام الجمعية العمومية الاستثنائية للحزب التقدمي الاشتراكي التي انعقدت في «البوريفاج» أمس، «اننا اذ تحالفنا في مرحلة معينة تحت شعار 14 آذار مع مجموعة من الاحزاب والشخصيات، وبحكم الضرورة الموضوعية التي حكمت البلاد آنذاك، لكن هذا لا يمكن ان يستمر، وعلينا اعادة التفكير بتشكيلة جديدة اولا داخل الحزب، وثانيا على الصعيد الوطني، من اجل الخروج من هذا الانحياز والانجرار الى اليمين والعودة الى اصولنا وثوابتنا اليسارية والعربية والنقابية والفلاحية وغيرها من الثوابت التي من اجلها قضى الكثير واستشهد الكثير من مناضلي الحزب التقدمي الاشتراكي». وشدد على ان عهد الوصاية ولى، الجيش السوري انسحب، فكفانا بكاء على الاطلال.
وفي رد شديد اللهجة على جنبلاط، من دون تسميته، أصدر «تيار المستقبل» بيانا اعتبر فيه انه «إذا أراد البعض أن يذكّر بتاريخه فلا بأس شرط أن لا نعود إلى التاريخ المعيب الذي كان فيه كثيرون شركاء في إعلاء مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن». وأكد «تمسكه بمبادئ ثورة الأرز عموما وبذكرى 14 آذار خصوصا، وهو اليوم الذي انتفض فيه جميع اللبنانيين في وجه اغتيال الرئيس الشهيد رفيــــق الحريري ودفاعا عن مبادئه»، وأعلن أن «لبـــنان أولا» سيبقى شعاره، وأشــــار الى أن قوى 14 آذار لم تكن يوما قوى رافضة للآخر.
وقالت مصادر أن بيان «المستقبل» جاء في ضوء مشاورات واسعة بين الحريري وقيادات 14 آذار ولا سيما سمير جعجع الذي هدد باعلان موقف وكذلك حزب الكتائب وبعض مسيحيي 14 آذار «المستقلين»، وتم التوافق على أن يكون هذا البيان هو بداية الرد على ما أعلنه جنبلاط.
وفي وقت متأخر من ليل أمس، قال النائب جنبلاط ان كل ما فعله في خطابه هو انه ذكّر بالمحطات النضالية التي تشكل جزءا من تراث الحزب وهويته، متسائلا: ألا يحق لي في مناسبة حزبية تنظيمية، بحضور رفاق قدامى من الرعيل الاول أعتز بهم، ان أذكّر بتاريخ الحزب وان أدفع في اتجاه إحيائه؟
وعن تعليقه على موقف «تيار المستقبل»، قال جنبلاط: هل ان عشرات المحطات النضالية المشرقة للحزب التقدمي، من الاعتراض على حلف بغداد الى المحكمة الدولية مرورا بالكثير من العلامات الفارقة، هي تاريخ معيب؟ غريب هذا المنطق الذي لا أفهمه، وإذا كان البيان الصادر هو رد فعل على موقفي من» لبنان اولا»، فإن الامر لا يستحق هذه الحدة.. على كل حال، سأتجنب الدخول في سجال مع «تيار المستقبل» بانتظار توضيح منه».
وعما إذا كان يمهد لتأسيس حركة وطنية جديدة، لفت الانتباه الى ان همّه قبل ذلك، «هو إعادة بناء الحزب على أساس الثوابت التاريخية ورصد مدى استيعاب الجيل الجديد شعاراتي وطروحاتي والى أي حد هو مستعد للتأقلم معها»، مشيرا الى انه يدرك ان المتغيرات في العالم فرضت لغة جديدة، «وأنا لن أنهي حياتي باستخدامها، لكنني سأسعى الى تطوير اللغة القديمة مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية».
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري ان موقف جنبلاط يؤكد صوابية ما سبق ان أكدته في أكثر من مناسبة ان جنبلاط لا يضيع البوصلة، وتوقع ان يكون لموقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تداعيات على فريق 14 آذار، باعتباره كان أحد أبرز أركان هذا الفريق، مضيفا: هو وحده 10والباقون هم 4.
وأشار الى ان ما أعلنه جنبلاط أثبت صحة ما كان قد توقعه حول خلط الاوراق بعد الانتخابات، لافتا الانتباه الى ان مسألة الثلث الضامن لم تعد ذات شأن بعد موقف جنبلاط، لأن وزراءه الثلاثة لن يُحسبوا ضمن قوى الأكثرية بعد اليوم.
الى ذلك، تُستكمل مع بداية هذا الاسبوع المفاوضات بين الرئيس المكلف سعد الحريري والتيار الوطني الحر من جهة، وبينه وبين قوى 14 آذار من جهة أخرى، لمحاولة تذليل العقد المتصلة بالحقائب والاسماء، والتي لا تزال تحول دون تشكيل الحكومة، وسط إصرار من العماد ميشال عون على نيل حقيبة سيادية (إما الداخلية أو المالية).
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد