لينا زهر الدين: توقّـع اليـوم كتابهـا عـن «الجزيـرة» لفضـح كواليـس الإدارة
«الجزيرة» في «العصر الخنفري» (نسبة الى مديرها وضاح خنفر) اختلفت تماما عما كانت عليه في عهد الإدارة السابقة. فأجواء المحبة والتعاون التي طبعتها في بداياتها اختفت تماماً (..) وكذلك روح الفريق الجماعية (..) أحاط نفسه بهالة اصطنعها، ربما ليعوض نقصا يشعر به، وبمساعدين ومستشارين لا حصر لهم. وأقام ما يشبه الجدران العازلة بينه وبين الموظفين والمذيعين، الذين كان يرفض باستمرار مقابلتهم».
هذا ما ورد في كتاب «الجزيرة ليست نهاية المشوار» الذي ستوقعه الزميلة لينا زهر الدين بعد ظهر اليوم في نقابة الصحافة. والذي تشرح فيه قصتها مع القناة التي عملت فيها ثماني سنوات، بعد طول صمت تلى تقديمها الاستقالة من القناة، مع عدد من زميلاتها في أيار العام 2010. أرادت القصة موثقة في كتاب، وأرادت توقيعه في 12 تموز، تاريخ العدوان الإسرائيلي على لبنان وتاريخ ذكرى ميلادها في آن. لتستبدل في هذا اليوم الألم بالأمل.
وبما أن «الجزيرة» ليست «نهاية المشوار»، فإن أمام زهر الدين اليوم مشروعين: فهي قاب قوسين من خوض تجربة تلفزيونية جديدة، حسب ما أعلنت لـ«السفير» مع تحفظها على ذكر اسم الوجهة المهنية المقبلة. ومن ناحية ثانية، تستثمر الأشهر الفاصلة عن الانضمام الى العمل الجديد، عبر الإعداد لسلسلة كتب حول الأطفال، بعنوان «بيتي مدرستي» (12 قصة قصيرة)، موجه الى الأهالي والأطفال بين عمر الثالثة والثامنة، في العلاقة بينهما داخل المنزل، وذلك في إطار عمل أدبي تربوي يضاف الى رصيدها الإعلامي.
تتحدث زهر الدين عن القناة التي خلعت ثوبها في تغطيتها للثورات العربية. تسعفها طلاقتها في التعبير، ويسيّرها إيمانها بقضية المقاومة في تقييم السياسات الإعلامية. فإبنة ميس الجبل التي وقفت طويلاً امام منزل ذويها المدمر في «عدوان تموز»، تبكي الدمار، وقبله الضحايا الذي سقطوا في العدوان، تدرك جيداً أهمية الإعلام الذي يناهض المشروع الإسرائيلي.
وهي إذ تحمد الله انها استقالت قبل أن تنحرف «الجزيرة» عن مسارها المهني، حسب قولها، فإنها تقول: «كل وسيلة إعلامية لديها أجندتها السياسية، ولكن ثمة فرقا بين تمرير الرسائل، وبين التحريض والتجييش. وهذا ما وقعت به «الجزيرة»، التي تحولت الى رأس حربة لما يجري في المنطقة».
وتردف: «لا يليق «بالجزيرة» ولا بصورتها ولا بإنجازاتها، ان تخرج بهذه الصورة على الناس. وقد خسرت جمهورا واسعاً جداً، وانكسرت هيبتها. وفي الوقت الذي كان عليها أن تثبت تطبيق شعارها في وقت الأزمات، أظهرت أنها قناة الرأي الواحد».
وردا على سؤال تقول: «الدم يسيل في الشارع العربي، و«الجزيرة» تلعب هذا الدور التحريضي! ففي وقت كشفت «العربية» و«سي أن أن» على سبيل المثال عن سياستهما منذ انطلاقتهما، كانت «الجزيرة» قناة المقاومة والممانعة.. أين مهنيتها ومصداقيتها؟ كنا لا نتجرأ على بث أي خبر أو صورة، قبل التأكد من صحته. وكان يستحيل أن ننقل صورة عن «اليوتيوب» قبل التأكد منها عبر مصادر أخرى. اليوم تعتمد القناة كليا على الأنترنت، بحجة أنه ليس لديها مصادر أخرى. لماذا إذاً عندما دعيت الى تغطية حادثة مقابر جسر الشغور، لم تنقل كاميراتها الحقائق على الأرض؟ إنه دليل قاطع على أنها لا تريد رؤية القسم الآخر من الصورة».
وزهر الدين تعول كثيرا على القناة التي ستعمل فيها، لأن «الساحة الإعلامية والسياسية بحاجة الى إعلام مقابل، بعدما كشفت معظم وسائل الإعلام عن أجندتها السياسية بلا مواربة. وأملت بإيجاد إعلام ليس منافساً، بل على الأقل يحدث توازناً من خلال قناة جديدة يشارك فيها نخبة من الإعلاميين».
وعما اذا كان بالإمكان أن تلعب هذا الدور القناة التي ينوي الزميل غسان بن جدو إطلاقها، ترد بقولها: «نعلق آمالا كبيرة عليها، وآمل أن تحدث مثل هذا التوازن مع «الجزيرة» ومع غيرها، بعدما أصبحت سياسة المحاور هي المعيار الأساسي في التغطيات الإعلامية. فالمسألة لم تعد تمرير رسائل سياسية، بل خوض حروب من خلال الشاشات، التي أصبحت بديلاً عن الجيوش والأسلحة. فالحرب في أفغانستان مثلاً كانت حربا إعلامية بامتياز، قياساً الى نهج قناة «سي أن أن». للإعلام دور في تشكيل رأي عام، وهذا خطر للغاية».
فاتن قبيسي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد