مؤتمر تحديات محو الأمية ينعقد ثانية في الدوحة

14-03-2007

مؤتمر تحديات محو الأمية ينعقد ثانية في الدوحة

عندما اقتربت الطائرة من أجواء العاصمة القطرية، أبلِغ الطيّار بأن ثمة ازدحاماً على الأرض، فأعلن للمسافرين أنه سينتظر نحو ربع ساعة في الفضاء! انقضى الوقت، فهبط على مدرج بدا توسعة لمطار الدوحة. والحمن اليسار الشيخة موزة، مهريبان علييفا، أسماء الأسد وأندريه لحود افلة التي كانت في انتظار الركّاب، المنهكين من الدوران في الجو، أقلّتهم إلى المطار. انتهت المعاملات بعد حين، وذهب الواصلون إلى مساعيهم، تاركين وراءهم أرتالاً بشرية، أتت من جهات مختلفة، تنتظر بدورها تأشيرات الدخول.

في سيارة الأجرة، يطالعك منظر يشبه مناظر مدن خليجية أخرى، لا سيّما منها دبي في بداياتها، ولعلّه يفسّر الازدحام الجوي واكتظاظ المطار: صحراء تتحوّل رمالها أحجاراً للبناء. عمارات تسابق بعضها بعضاً إلى «نطح» السحاب. فنادق الخليج وأبنيته صار لها «أخوات»، توأمات أحياناً، أو هكذا يخيّل للرائي.

وعلى وقع العمران، مؤتمرات واجتماعات وحركة. «السنة المنصرمة، عقد 86 مؤتمراً ومهرجاناً مختلفة»، قال أحد المقيمين هناك. وبين 12 و14 الجاري، تستضيف الدوحة مؤتمر «تحديات محو الأمية في المنطقة العربية - إقامة الشراكات وتعزيز النهوج الإبداعية»، بينما تستعدّ لمهرجان ثقافي، بعد أسبوع.

فندقان متقابلان في منطقة «تنمو» فيها الفنادق والمراكز كالأشجار، أحدهما لفاعليات المؤتمر والمشاركين والضيوف، ومنهم الكاتب السوداني الطيب الصالح، مؤلّف «عرس الزين» و «موسم الهجرة إلى الشمال» و «الود حليم». حضر الكهل الجليل مع عكّازه الأبنوسي. والفندق الآخر لمزيد من المشاركين والضيوف.

والمؤتمر هو حلقة من سلسلة مؤتمرات إقليمية تنظّمها اليونيسكو، عقدت حلقتها الأولى في البيت الابيض في الولايات المتحدة، وستُعقد الحلقة المقبلة في أذربيجان. وترعاه في الدوحة «مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع»، التي تترأسها الشيخة موزة بنت ناصر المسند.

محو الأمية يشكل تحدياً كبيراً يواجه دول العالم، علماً أن نحو 800 مليون شخص راشد لا يعرفون القراءة والكتابة، ثلثاهم من النساء، والأمّيون في العالم العربي، نحو 70 مليوناً، فضلاً عن 7 ملايين طفل خارج المدرسة. والأرقام قابلة للارتفاع، كما أوضح عبدالمنعم عثمان، المدير الإقليمي لليونيسكو في الدول العربية. فالنظم التعليمية الحالية عاجزة «عن استيعاب النمو السكاني، في وقت لا يمثّل محو الأمية «أولوية بالنسبة إلى الحكومات»، أضاف.

في اختتام حفلة الافتتاح، ردّ الطيب الصالح الحضور إلى أول حملة لمحو الأمية في الإسلام، «ولعلّها أول حملة محو أمية في العالم»، قال بصوته الرخيم: عندما كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، إثر موقعة بدر، يفك أسر كل أسير متعلّم يعلّم أمّياً القراءة. وهو (أي الطيّب صالح) تابع حملات محو أمية في بلدان عربية كثيرة. وروى أنه كان يرى السعادة ترتسم على وجه «رجل مسنّ يقرأ، للمرة الأولى: أسد، جمل، رجل، كتاب». وشبّه أميين يقرأون معاً، والضوء يشعّ من وجوههم، بـ «فرقة من المتصوّفة».

وأما في بداية حفلة الافتتاح، فجلس، وسط الحضور، المتحدّثون، ومن بينهم: الشيخة موزة، ومهريبان علييفا السيدة الأولى لأذربيجان (حيث يُعقد المؤتمر المقبل)، واللبنانية الأولى أندريه لحود، والسورية الأولى أسماء الأسد، وظهرت، عبر الشاشة، الأميركية الأولى لورا بوش، في البيت الأبيض، فضلاً عن رئيس المؤتمر العام، والمدير العام ومساعد المدير العام للتربية في اليونيسكو ونائب الرئيس لشؤون التعليم في مؤسسة قطر، والكاتب الطيب صالح. وجلس أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بين الحضور.

وشددت الشيخة موزة، في كلمتها، على دقة المسألة التي تصيب «الجهاز العصبي للمجتمع». وأشارت، وأسماء الأسد، إلى وجود «أميات متعددة»... فأي أمية يحاول محوها هذا المؤتمر؟

زكي محفوض

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...