ما الذي حدث داخل طائرات 11 أيلول؟
الجمل : تبين لنا، بعد صدور تقرير لجنة الحادي عشر من أيلول، أن ثمة شكوكاً كثيرة، تكتنف السرد الذي قامت به اللجنة، حول ما حدث بالضبط داخل الطائرات. فالسرد الذي وصف الخاطفين العرب بدقة، كان يستند بالكامل إلى محادثات التلفونات الخليوية، علماً بأن صناعة تكنولوجيا الاتصالات، تؤكد معنى واحداً لا لبس فيه، وهو: أن تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية المتوافرة في 11 أيلول 2001، لا تتيح إجراء مثل هذه المكالمات الخليوية.
وبالتالي، فإن ما حدث على الطائرات، يمثل موضوعاً جديداً "للصحوة البطولية" للدراما الهوليودية التي تحمل عنوان "المتحدة 93"، والتي أخرجها السينمائي البريطاني بول غرين غراس. ويصف الفيلم ما حدث في رحلة الطيران (UA 93)، مستخدماً معطيات تقرير لجنة الحادي عشر من أيلول 2001. وسار الفيلم متتبعاً معطيات التقرير المذكور، إضافة إلى وصف الأعمال البطولية التي قام بها الركاب لمواجهة "المواجهين العرب" ومقاومتهم في كابينة الطائرة.
سار الفيلم على منوال القصة الرسمية لأحداث الحادي عشر من أيلول. وذلك على النحو الذي حفز على المزيد من حشد الرأي العام الداعم والمؤيد لـ (الحرب ضد الإرهاب).
يحاول التقرير الاستناد على المكالمات بين الركاب وذويهم ومعارفهم، على أساس أن ذلك ممكن. وهناك أمر آخر - وهو يعتبر مستحيلاً وفقاً لشهادات وإفادات خبراء الاتصالات اللاسلكية - ويتعلق بالمحادثات الخليوية بين الركاب، وهو أمر غير ممكن في حال الطيران، وذلك بسبب التقنيات التي كانت متاحة في فترة الحادي عشر من أيلول. وهذه النقطة تشكل إخفاقاً كبيراً في التقرير. والجدير بالذكر أن الاحتمال الوحيد لإمكانية إجراء هذه المكالمات بنجاح، يتمثل في افتراض أن الطائرات كانت تطير على ارتفاع منخفض جداً، وهذا ما نفاه التقرير نفسه، عندما أشار إلى أن الطائرات كانت على ارتفاع 800 متر عن سطح الأرض، وهو ارتفاع – حسب إفادات الخبراء – لا يمكن فيه إجراء أي مكالمة خليوية آنذاك. وهناك شهادة حول هذا الأمر على موقع إلكتروني، تقول:
«إن شبكات الاتصالات اللاسلكية، ليست مصممة لإجراء الاتصالات من الأرض إلى الجو. ويؤكد خبراء الخليوي بأنهم مندهشون من الإفادة القائلة بأن المكالمات كانت ممكنة، وأنها أجريت من داخل الطائرات المخطوفة، وقد استمرت هذه المكالمات دون انقطاع قسري. وقد رأى الخبراء بأن التفسير الوحيد، الذي يمكن أن يفسر حدوث ذلك، هو أن تكون هذه الطائرة على ارتفاع منخفض، لا يزيد عن بضعة أمتار عن سطح الأرض».
كذلك ثمة شهادة أخرى لأليكسا غراف وهي من مؤسسة (AT and T) والخبيرة في تكنولوجيا الاتصالات، تم نشرها في موقع إلكتروني أيضاً:
«القول بأن مكالمات الحادي عشر من أيلول قد وصلت إلى مستلميها، يعتبر (كذباً).. فمن ارتفاعات شاهقة، تكون نوعية المكالمات رديئة جداً إن حصلت، وعادة ما تعاني المكالمات من الانقطاع، مع ملاحظة أن إجراء المكالمات الخليوية في هذه الارتفاعات، تعد أمراً غير ممكن إن لم يكن مستحيلاً».
وهناك إفادة أخرى، وهذه المرة من شركة أميركية، تعمل في مجال تكنولوجيا الاتصالات وهي (أميريكان ايرلاينز أند كوالكوم)، وتقول الإفادة، التي نشرتها هذه الشركة في تموز عام 2004:
«سوف يكون بوسع المسافرين جواً، إجراء المكالمات الخليوية، وذلك بدءاً من مطلع العام 2006، حيث ستقوم شركات الطيران الأمريكية ببعض التعديلات في الطائرات على النحو الذي سوف يسمح بإجراء مثل هذه المكالمات».
ومن ملاحظة الفرق بين الحادي عشر من أيلول عام 2001، أي تاريخ وقوع الحادثة، والتواريخ المذكورة في إفادة الشركة، فإن مصداقية التقرير الحكومي الأمريكي تتزعزع، إن لم تتحطم بالكامل.
وكذلك، أفادت مجلة أسبوع الطيران، بتاريخ 7/2/ 2004، بأن شركة كوالكوم المختصة بتكنولوجيا الاتصالات، وشركات الطيران الأمريكية، قد تمكنوا في يوليو 2004، من اكتشاف بعض السبل التي تمكن المسافرين من إجراء المكالمات الخليوية الأرضية.. وللتحقق من ذلك، قام مندوبون رسميون عن الحكومة الأمريكية وأجهزة الإعلام باستخدام المدخل المزدوج لمقسم (CDMA) الذي تم فيه تجهيز الجيل الثالث من الهواتف الخليوية، وذلك من أجل إرسال واستلام المكالمات وكتابة الرسائل بين الجو والأرض. ولاختبار ذلك، تم القيام برحلة طيران من دالاس فورت ورث، باستخدام طائرة تم تجهيزها بهوائي خاص موضوع على مقدمتها، ليقوم بمهمة البث إلى قاعدة تقوم بدور المقسم في كابينة الطائرة، وهذه القاعدة التي تعرف باسم (بيكوسيل) تقوم بدورها ببث المكالمات من مقدمة الطائرة إلى قمر صناعي مخصص لذلك، والذي بدوره يبثها إلى الأجهزة الخليوية على سطح الأرض.
والآن لا حاجة بنا إلى القول: في صبيحة الحادي عشر من أيلول عام 2001، لم تكن كل هذه الوسائط والوسائل التكنولوجية التي تمت الإشارة إليها، قد تم اكتشافها أو اختراعها. وعلى خلفية هذه الحقائق الثابتة، كيف نصدق حصول الاتصالات الخليوية بين الجو والأرض، والجو والجو، التي استند عليها تقرير الحكومة الأمريكية، وقرر بأنها أدلة دامغة؟!!!
والآن دعونا نستعرض ما حدث في الطائرات، وفقاً لرواية التقرير الحكومي الأمريكي، ونقوم بتقييم صحة محتوى التقرير:
غادرت المطار، من بوسطن متوجهة إلى لوس أنجلس، في الساعة الثامنة، رحلة "طيران المتحدة رقم 175". ويؤكد التقرير أن الطائرة وصلت في الساعة 8,33 إلى ارتفاع 31 ألف قدم، واستمرت على ذلك حتى الساعة 8,51، ثم انحرفت عن ارتفاعها المحدد. وبعد ذلك بدقيقة واحدة - أي في الدقيقة 8,52 - تلقى لي هانسون مكالمة تلفونية من ابنه بيتر الذي كان من بين ركاب الطائرة، وأخبره قائلاً: «أعتقد أنهم قد استولوا على الكابينة، وأن ثمة شخصاً قد تم قتله على ما يبدو لي. والطائرة تتحرك بطريقة غريبة. أرجو أن تخبر الخطوط المتحدة، بأن رحلتهم رقم (175) من بوسطن إلى لوس أنجلس..».
وبالتدقيق في هذه الإفادة، التي وردت في التقرير، يتضح الآتي:
كانت الطائرة في الساعة 8,51، في أعلى ارتفاع مقرر لها، وهو 31000 قدم، وقد تلقى الأب مكالمة ابنه في الساعة 8,52، أي أنه من المفترض أن يكون الابن قد بدأ الاتصال بوالده قبل ذلك بدقيقة تقريباً، أي الساعة 8,51. وبحسب التقرير، فقد كان تلفون بيتر خليوياً، وبالتالي فإن حدوث مثل هذه المكالمة، والطائرة على هذا الارتفاع، يعتبر مستحيلاً، إلا إذا كانت الطائرة قد اتجهت بشكل صاروخي ورأسها إلى الأسفل، قاطعة آلاف الأمتار في أقل من دقيقة، وهذا أمر مستحيل.
وفي مكالمة تلفونية أخرى، وردت في التقرير: حاول بريان ديفيد أن يتصل بزوجته جولي، وذلك في الساعة 8,59، وعندما لم يستطع، بعث لها برسالة. وقد وجدت زوجته الرسالة على جهاز استلام الرسائل. والرسالة تقول بأن الطائرة قد تم اختطافها، وهذا ما أخبر به والدته كذلك. وأضاف بأن المسافرين يحاولون اقتحام الكابينة وإزاحة الخاطفين عنها.
ويفيد التقرير بأن لي هانسون، قد تلقى رسالة ثانية من ابنه، يقول فيها: بأن الأمور قد ساءت داخل الطائرة، وأصيب بعض الركاب بالإغماء، وأن الطائرة تهتز، وقد بدأت تهبط للأسفل.. ثم انقطعت المكالمة.. وجاءت الأخبار بأن الطائرة رقم (175) قد اصطدمت بالبرج الجنوبي لمبنى التجارة العالمي.
رحلة "طائرة الخطوط الجوية الأمريكية رقم (77)":
تحركت الساعة 8,10، وفي الساعة 8,46 وصلت إلى الارتفاع المقرر لها، وهو 35 ألف قدم. وفي الساعة 8,51 – حسب التقرير – أرسلت الطائرة إشارة روتينية لها. وبين الساعة 8,51 والساعة 8,54 بدأت عملية اختطافها، وتمت عملية نقل الركاب إلى مؤخرة الطائرة. ويذكر التقرير بأن الطائرة كانت على ارتفاع 7 آلاف قدم في الساعة 9,29. ولكن في الوقت نفسه، يشير التقرير إلى أن الطائرة، وفي الساعة 9,29، قد اصطدمت بمبنى البنتاغون.. ملاحظة: ارتفاع المبنى الذي لا يبلغ 7 آلاف قدم!!!
رحلة "طائرة الخطوط المتحدة رقم (93)":
حسب التقرير، فإن هذه الطائرة لم تصطدم بأي مبنى، وبأن الطائرة قد تحطمت بسبب الصراع الذي نشب داخل الطائرة بين الركاب والخاطفين.. إلا أن هناك تفسيراً آخر يقول بأن الطائرة قد تم إسقاطها.
ذكر التقرير بأن كل شيء كان على ما يرام في هذه الرحلة، حتى الساعة 9,24. وفي الساعة 9,26 وصل إلى مركز المراقبة الأرضية أول تنبيه من الطيار، يؤكد حدوث شيء ما غير عادي، ثم عاد وأكد في الساعة 9,28 بأن الطائرة قد تم اختطافها.
ثم يشير التقرير إلى أن الطائرة قد انخفض ارتفاعها من 35 ألف قدم إلى حوالي 700 قدم خلال بضع ثوان، ويكون الفرق الزمني هنا هو (11) ثانية. ويعود التقرير للإشارة إلى أن الركاب أخذوا يتصلون تلفونياً، بدءاً من الساعة 9,32، أي بعد أربع دقائق من آخر اتصال بقبطان الطائرة، حيث أكد التقرير أن الطائرة كانت على ارتفاع 35 ألف قدم في الساعة 8,28. وبكلمات أخرى، وحسب إفادة التقرير: لقد استغرقت المكالمات التلفونية حوالي 9 دقائق، وذلك قبل أن يفقد مركز المراقبة الأرضية الاتصال بالطائرة في الساعة 9,41، أي قبل حوالي 30 دقيقة من تحطم الطائرة في بنسلفانيا. ونلاحظ هنا عدم تبرير التقرير للتناقض في تحديد ارتفاع الطائرة؛ فقد كانت وفقاً للتقرير على ارتفاع 35 ألف قدم عندما فقد مركز المراقبة الاتصال بالطائرة الساعة 9,41. وذكر التقرير أيضاً محادثة فيها كثير من الشك، فقد اتصل شخص يدعى إدوارد فيلت برقم مشرف الطوارئ، وأبلغه بأنه يتحدث من داخل دورة مياه الطائرة، في الساعة 9,58 (أي قبل اختطافها الذي حصل في الساعة 10,06 بثماني دقائق)، وبأن الطائرة قد تم اختطافها. والسؤال هو: كيف استطاع هذا الشخص الحصول على رقم مشرف الطوارئ الخاص في ولاية بنسلفانيا، مع ملاحظة عدم وجود أي إشارة لأي محادثة أخرى لهذا الشخص؟!!
رحلة "طائرة الخطوط الأمريكية رقم (11)":
أقلعت في الساعة 7,59، وقبيل الساعة 8,14 – كما أشار التقرير- أجريت مكالمة تلفونية واحدة، وقام التقرير ببناء كل معطياته السردية على أساسها، وأفاد بأن الطائرة اصطدمت في الساعة 8,46 ببرج التجارة العالمي الشمالي.
وأخيراً: أبرز الاستنتاجات:
-إن جزءاً كبيراً من الوصف الذي يتعلق بالخاطفين التسعة عشر، يعتمد على المحادثات الخليوية بين ركاب الطائرة وذويهم على الأرض، وهو أمر تؤكد استحالته شهادة خبراء تكنولوجيا الاتصالات الأمريكيين أنفسهم، إضافة إلى شهادة شركة الاتصالات الأمريكية الأكبر آنذاك، والتي ذكرت بوضوح: إن تكنولوجيا اتصالات البث الخليوي من الارتفاعات العالية سوف تكون متاحة في الطائرات ليس قبل العام 2006 حصراً.
وبناء على ذلك، فإن الشكوك تتفاقم حول عدم صحة الفصل الأول من تقرير الحكومة الأمريكية.
الجمل : قسم الترجمة
الكاتب: ميشيل خوسودوفسكي
المصدر: غلوبال ريسيرتش
إضافة تعليق جديد