ما هو تأثير فوز حزب العدالة على تركيا والعالم؟
الجمل: تناقلت أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، المعلومات حول فوز حزب العدالة والتنمية (AKP) بالانتخابات البرلمانية التركية التي تم إجراؤها يوم أمس 22 تموز 2007م.
• المفاجأة:
كانت التوقعات تقول بأن حزب العدالة والتنمية سيحصل في أحسن الأحوال على حوالى 34% من إجمالي الأصوات، ولكن فاجأ الحزب الرأي العام بحصوله على 7،46 من إجمالي الأصوات –أي ما يقرب من النصف-
توزيع المقاعد، استناداً إلى وكالة أنباء أناضوليا التركية سوف يكون في البرلمان الجديد على النحو الآتي من إجمالي عدد مقاعد البرلمان التركي البالغ 550 مقعداً:
- حزب العدالة والتنمية (AKP) 341 مقعداً (7،46% من الأصوات).
- حزب الشعب الجمهوري (CHP) 112 مقعداً (20،9% الأصوات).
- حزب العمل القومي (MHP) 71 مقعداً (14،3% من الأصوات).
- حزب المجتمع والمستقلين الديمقراطي (DSP) 26 مقعداً (5،1% من الأصوات).
تنافس في هذه الانتخابات 14 حزباً، وبلغ عدد المرشحين المستقلين 700 مرشح، وعدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حوالى 42،5 مليون، كذلك بلغ عدد صناديق الاقتراع 158 ألف صندوق.
المظاهرات التي قادتها المعارضة العلمانية، الرافضة لترشيح عبدالله غول للرئاسة التركية، وتصريحات المؤسسة العسكرية، إضافة إلى قرار المحكمة العليا، والاتهامات الداخلية لحكومة حزب العدالة والتنمية بالتباطؤ في الحسم العسكري ضد الأكراد، ودور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المساند للأحزاب العلمانية، كانت جميعها تمثل المعطيات التي دفعت معظم المحللين إلى التكهن بانخفاض شعبية حزب العدالة والتنمية، على النحو الذي سوف لن يتيح له حتى مجرد الحفاظ على وزنه البرلماني السابق، ولكن الشارع التركي فاجأ الجميع، وأكد بقوة أكبر هذه المرة على رغبته في وجود حكومة تسعى لإدماج تركيا ضمن بيئتها الإقليمية الشرق أوسطية.
• دلالة نتائج الانتخابات التركية:
يقول كريستوفر توريشيا المحرر بوكالة الأسوشيتيد برس: إن نتيجة الانتخابات التركية قد وجهت ضربة ولطمة قوية إلى كل المحللين الغربيين والشرق أوسطيين الذين ظلوا يحاولون التأكيد على رهان عدم تعايش الإسلام والديمقراطية، ويشككون في فعالية دول الإسلام في المجتمعات الحديثة.
تحدث رجب طيب أردوغان زعيم الحزب، ورئيس الوزراء الحالي قائلاً: إن حزبه سوف يواصل بالعمل من أجل: احترام التقاليد العلمانية للدولة التركية، والالتزام بالوحدة الوطنية، ومحاربة الإرهاب، والقتال ضد حركات التمرد الكردية الانفصالية.
على الصعيد الخارجي تشكل نتيجة الانتخابات رسالة قوية إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي عن رغبة الرأي العام التركي الاندماج ضمن بيئته الإقليمية، وعن فشل خبرة ما يقرب من تسعين عاماً في تعديل الهوية الأوروبية على غرار النموذج الغربي الأوروبي.
• تأثيرات وتداعيات نتيجة الانتخابات:
- داخل تركيا:
تشير الأرقام إلى تراجع وزن الأحزاب العلمانية في الشارع التركي، وصعود وزن التوجهات الإسلامية، وعلى خلفية الخلافات خلال الشهرين الماضيين بين أنصار التوجهات الإسلامية وأنصار التوجهات العلمانية المؤيدين لأمريكا والاتحاد الأوروبي فإن نتيجة هذه الانتخابات سوف تشكل (ردعاً) للدوائر التركية المتحالفة مع أمريكا، كذلك سوف تعزز وتعطي المزيد من الثقة لرجب طيب أردوغان في المضي قدماً باتجاه توسيع اندماج تركيا ضمن البيئة السياسية والاجتماعية لمنطقتي الشرق الأوسط والأدنى.
- خارج تركيا:
* منطقة الشرق الأوسط: تشير التوقعات إلى أن علاقات تركيا مع سورية وإيران وبلدان الخليج، وبقية الدول العربية، سوف تكتسب المزيد من الحيوية، وسوف تتزايد المبادلات الاقتصادية والتجارية بين تركيا ودول جوارها الإقليمي، وعلى وجه الخصوص سورية، والتي يتوقع أن تكون الممر الحيوي الرئيس لتدفقات السلع والخدمات التركية إلى العالم العربي.
كذلك يتوقع أن يتزايد الدعم والتأييد للقضايا العربية والإسلامية الرئيسية في المنطقة. كذلك سوف تلعب تركيا دوراً داعماً للانسحاب الأمريكي من العراق، ومعارضة توجيه الضربة العسكرية ضد إيران.
* الاتحاد الأوروبي: تعتبر نتيجة الانتخابات التركية الأخيرة بمثابة الذريعة الرئيسية التي يريدها الرافضون لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وعلى الأغلب أن تحاول الدول الأوروبية الاحتفاظ بعلاقات باردة بعض الشيء مع تركيا، وذلك باعتبارها عضواً هاماً في حلف الناتو، كذلك سوف تعمل مفوضية الاتحاد الأوروبي على عرقلة التعاون التركي- الأوروبي خلال الفترة القادمة.
* الولايات المتحدة: تمثل النتيجة رسالة قوية لإدارة بوش، بأن الرأي العام التركي يرفض السير في المشروعات الأمريكية الجارية حالياً في العراق، والمتوقع القيام بها ضد سورية وإيران.. ولما كانت تركيا تمثل في الاستراتيجية الأمريكية نقطة ارتكاز رئيسية، فإن الإدارة الأمريكية سوف لن تقامر بخسارة تركيا، خاصة وأن الحرب الباردة الروسية- الأمريكية لتي تصاعدت في الفترة الأخيرة هي حرب تجعل أمريكا في أمس الحاجة إلى البقاء في تركيا والاستفادة من المزايا الاستراتيجية لموقع تركيا.
* إسرائيل: سوف تعمل إسرائيل من أجل دعم جماعات اللوبي اليهودي التركي (من يهود المزراحي وغيرهم من اليهود الشرقيين الأتراك) كذلك سوف تعمل إسرائيل على دعم الأحزاب والقوى السياسية العلمانية على النحو الذي يعزز قدرتها على العودة إلى إدارة دفة الحكم والسلطة..
كذلك سوف تحاول إسرائيل عدم ممارسة أي ضغوط على تركيا في المشروعات الاقتصادية التركية- الإسرائيلية المشتركة المتعلقة بتمديد أنابيب نقل النفط والغاز والماء العذب من سبهان إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي، لأن الخاسر في النهاية من فقدان ذلك سوف يكون إسرائيل.
الاتفاقيات العسكرية والأمنية الإسرائيلية- التركية سوف تظل موجودة، ولكن إذا استطاعت الدول والحكومات العربية التفاهم والحوار حول مخاطر هذه الاتفاقيات على الشعب الفلسطيني، وعلى مصير القدس باعتبارها عاصمة إسلامية، فإن نواب البرلمان الإسلاميين من أعضاء حزب العدالة والتنمية الإسلامي سوف لن يترددون في المطالبة بإلغاء أو تجميد هذه الاتفاقيات.
أبرز التحليلات حول فوز حزب العدالة والتنمية جاءت في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وقد كتبت سابرينا تافرينيز، المحررة بالصحيفة تقريراً حمل عنوان (الحزب الحاكم في تركيا يكسب انتصاراً واسعاً) قالت فيه: توقع العلمانيون أن يقوم الناخبون الأتراك بمعاقبة حزب السيد أردوغان بسبب تبنيه للأجندة الإسلامية، ولكن ما حدث أن حزب الشعب الجمهوري -الحزب العلماني الرئيسي- لم يجد سوى 20،9% من الأصوات مقارنة بنسبة الـ19% التي حصل عليها في الانتخابات الماضية.
وفي سياق ردود الأفعال، نشرت صحيفة هيرالد تريبيون انترناشونال الأمريكية لقاء صحفياً مع مورات كاراييلان زعيم حزب العمال الكردستاني، والذي قال فيه بأن الحزب يتوقع أن تقوم حكومة حزب العدالة والتنمية بعد انتصار الحزب الباهر في الانتخابات بشن حملة عسكرية كبيرة ضد شمال العراق.. وقال: إن الحزب جاهز لمواجهة الجيش التركي.. وقال: إن مقاتلي الحزب سوف يتمركزون بشكل أساسي في المناطق الجبلية الوعرة التي يصعب على الجيش التركي التقدم فيها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد