مجلس الأمن: تعديلات تلغي فكرة «نقل السلطات» وتدعم الخطة العربية
أدخلت دول غربية وعربية في مجلس الأمن الدولي، أمس، تعديلات على مشروع قرار حول الأزمة السورية، من بينها إلغاء الفقرة التي تنص صراحة على ضرورة تسليم الرئيس السوري بشار الأسد صلاحياته إلى نائبه، بالرغم من انه لا يزال يعبر في فقرة اخرى عن الدعم لـ«مبادرة الجامعة العربية» التي تنص على هذا الامر، كما ألغت الإشارة إلى العقوبات أو حظر توريد السلاح إلى دمشق، وذلك في محاولة لتجنب «الفيتو» الروسي عليه.
واعتبر رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في نيويورك، أن «المسودة الحالية للقرار معقولة الآن، ولكن هذا هو الحد الأدنى الذي تقبل به الجامعة العربية. إذا كان فيتو فليكن فيتو»، معتبراً أن «هناك خطوطاً لا يمكن لجامعة الدول العربية أن تقبل بالتنازل عنها»، مشيراً «بالتحديد إلى القرار الذي صدر عن الجامعة في 22 كانون الثاني والذي يتحدث عن خطة عربية واضحة للخروج من الأزمة».
في هذا الوقت، واصل رئيس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا محمد مصطفى الدابي الدفاع عن المراقبين ومهمتهم، مشدداً على انه «راض» عن أداء البعثة، واصفاً الوضع في سوريا «بالحرب»، فيما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أن «نظام الأسد يرزح الآن تحت ضغوط كبيرة من المجتمع الدولي، ولا يمكن أن يستمر إلى الأبد».
وقال دبلوماسيون، في نيويورك، إن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي تناقش صيغة جديدة لمشروع قرار حول سوريا، تتضمن «تنازلات» بناء على طلب روسيا سعياً للتوصل إلى تفاهم معها حول الأزمة السورية. ولفت العديد من الدبلوماسيين إلى أن التصويت على مشروع قرار لن يتم قبل الأسبوع المقبل.
والصيغة الجديدة للمشروع، التي وضعت إثر مفاوضات انطلقت أمس الأول بين سفراء دول مجلس الأمن، لا تتطرق إلى تفاصيل عملية انتقال السلطة التي تحدثت عنها الجامعة العربية في مبادرتها لحل الأزمة السورية التي طرحتها في 22 كانون الثاني الماضي.
وأوضح الدبلوماسيون أن مشروع القرار الجديد «يدعم بشكل كامل خطة الجامعة العربية الصادرة في 22 كانون الثاني من أجل تسهيل عملية انتقال سياسي تقود إلى نظام ديموقراطي وتعددي»، لكنه لا يشير إلى تفاصيل كيفية انتقال السلطة وخصوصاً نقل الأسد سلطاته إلى نائبه. كما تم حذف الدعوة إلى تأليف حكومة وطنية وإجراء انتخابات حرة وشفافة.
وقال دبلوماسي غربي إن بنود خطة الجامعة «لم تعد مفصلة في المشروع الجديد، ولكن يمكن بوضوح فهم الموضوع الذي يشير إليه» مشروع القرار. وقال آخر «الأمر الأساسي هو أن يدعم مجلس الأمن خطة الجامعة العربية» وأن يتضمّن المشروع بنداً يلحظ أن المجلس سيناقش تطورات الوضع في الأسابيع الثلاثة التي تلي تبني القرار.
ومنذ بداية المفاوضات، تمسكت روسيا والصين والهند خصوصاً بضرورة ألا يدعو مجلس الأمن مسبقاً إلى تنحي الأسد. ولم يعد النص يشير أيضاً إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الجامعة العربية على دمشق في تشرين الثاني الماضي، كما لم يعد يتضمن فقرة كانت أشارت إلى قلق المجلس حيال بيع أسلحة إلى سوريا، وهو الأمر الذي ترفضه موسكو. ويؤكد النص على نية حل الأزمة سلمياً ومن دون تدخل عسكري أجنبي.
وأعلن مندوب توغو لدى الأمم المتحدة كودجو مينان، رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، أنه يوجد شعور عام بين أعضاء مجلس الأمن بأنهم سيصلون إلى إجماع بشأن قرار قريباً. وقال «الشعور في المجلس هو أن الإجماع سيتحقق قريباً»، مضيفاً «ليس لدينا موعد نهائي لتبني قرار». وتابع إن أعضاء المجلس يريدون «تحركاً سريعاً».
ولم تدل موسكو حتى الآن بموقفها من مشروع القرار الجديد. وقال دبلوماسي «نجهل ما سيقوله الروس». وكان مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين هدّد، أمس الأول، باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قرار دولي «غير مقبول» حول سوريا.
وقال الشيخ حمد، في نيويورك، إن «لقاءات عدة تمّت وهناك تقدّم حدث، ولكن هناك خطوطاً لا يمكن لجامعة الدول العربية أن تقبل بالتنازل عنها»، مشيراً بالتحديد إلى «القرار الذي صدر عن الجامعة في 22 كانون الثاني والذي يتحدث عن خطة عربية واضحة للخروج من الأزمة» السورية.
وأضاف إن «الموضوع الآن يتمحور حول هذه النقطة أي أن نتنازل عن هذا». وتابع «قلنا لهم من الأفضل على المعترض أن يعمل فيتو على هذا، ولن نقبل أن يكون هناك قرار باهت. ونحن أكدنا ألا يكون هناك لبس، لأن القرار لا يشمل أي تدخل عسكري ولا يشمل موضوع السلطة، هذا يخص الشعب السوري هو يقرر في مناقشته كيف يرى موضوع السلطة».
وشدد على أنه «لن يتم القبول بأقل من ذلك»، معتبراً «أن هذا هو الحد الأدنى. إذا كان فيتو فليكن فيتو، وتتحمل كل الدول مسؤوليتها عما يجري بهذا الشأن».
وحول المسودة الحالية للقرار، قال الشيخ حمد «الآن معقولة، ولكن هذا هو الحد الأدنى الذي تقبل به الجامعة العربية، ونحن خرجنا بالأفكار النهائية لها، الطرف الثاني يعلم أن تقدماً كبيراً حصل ولا نريد كل يوم يأتي يذوّب الفكرة وبعد ذلك يقول فيتو. هذا ما قلناه للأصدقاء بوضوح والهدف الوصول إلى نتيجة يرضاها الشعب السوري وتضع حداً للعنف في سوريا».
وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في بكين، أن الوقت حان لتتجاوز الأسرة الدولية خلافاتها بشأن سوريا وتتوصل أخيراً إلى موقف مشترك. وقالت «من المهم أن تتكلم الأسرة الدولية بصوت واحد في الأمم المتحدة» حول سوريا في وقت ترفض الصين البحث في فرض عقوبات على سوريا.
وأعلن رئيس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا الفريق محمد مصطفى الدابي، في مؤتمر صحافي في الخرطوم، انه «راض» عن أداء بعثة المراقبين. وقال «اقسم بالله العظيم بأنني راض عن نفسي وعمن يعملون على الأرض السورية من أفراد البعثة». وأضاف «هناك حملة ضد البعثة ورئيس البعثة، ولكن كل هذا غير صحيح والمنتقدون لم يفهموا دور بعثة المراقبين العرب».
ووصف الدابي الوضع بأنه «حرب»، مؤكداً انه «شاهد حالات تعذيب»، لكنه رفض التعليق على المناقشات في مجلس الأمن الدولي حول الأزمة السورية. وأشار الى أنه ليس من مهام البعثة إجراء تحقيقات مع الحكومة السورية أو المعارضة، اذ كان التفويض يسمح بالمشاهدة والاستماع فقط.
وقال وزير خارجية الأردن ناصر جودة إن الأردن سحب أعضاءه من بعثة المراقبين في سوريا، مضيفاً إن القرار اتخذ قبل أيام عدة عندما جرى تعليق عمل البعثة.
واعتبر العربي، في مقابلة مع شبكة «سي ان ان» الأميركية بثت أمس، أن «نظام الأسد يرزح الآن تحت ضغوط كبيرة من المجتمع الدولي، ولا يمكن أن يستمر إلى الأبد». وقال إن «خروج الناس إلى الشوارع يعني من دون شك حتمية الاستجابة لمطالبهم».
وذكرت وكالة (سانا) إن «الجهات المختصة اشتبكت مع مجموعات إرهابية مسلحة اعتدت على قوات حفظ النظام وروّعت المواطنين في بلدة الجيزة بريف درعا ما أدى إلى استشهاد ثلاثة عناصر بينهم ضابط برتبة ملازم أول وجرح خمسة». وأضافت إن «الاشتباك أسفر أيضاً عن مقتل عدد من أفراد المجموعات الإرهابية المسلحة بينهم أخطر الإرهابيين وجرح عدد آخر وإلقاء القبض على 18 إرهابياً مطلوباً بجرائم قتل وتخريب».
وذكرت «سانا» «أقرّ أحد مهربي الأسلحة فادي فيصل موسى لبناني الجنسية بمشاركته مع مجموعة بتهريب السلاح من منطقة وادي خالد في لبنان إلى منطقة تلكلخ في سوريا بتنسيق مع لبناني في وادي خالد». وأضافت «أوضح موسى في اعترافات بثها التلفزيون السوري أن الأسلحة المهربة شملت البنادق الآلية وقاذفات «آر بي جي» وحشواتها والذخيرة إضافة إلى المخدرات».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد