مختصر مفيد عن زراعة القطن في سوريا
احتفل مزارعو القطن في الشهر الماضي بالمهرجان السنوي للقطن في مدينة حلب، حيث يعتبر محصول القطن من المحاصيل الاستراتيجية ومن الصادرات الزراعية الأساسية للقطر.. ووصل الإنتاج هذا العام حسب التقديرات الأولية إلى حوالي مليون طن من القطن المحبوب.. ولكن رغم التطور الملحوظ الذي شهدته زراعة القطن وتسجيل ارتفاع واضح في الإنتاج، ما زالت هناك سلبيات تعترض عملية الإنتاج، فما زالت الخطة التي تضعها الجهات المعنية لزراعة القطن لم تنفذ كما هي، بل يزاد عليها مساحات مخالفة، وهذه المساحات المخالفة تحتاج إلى تأمين بذار وأسمدة وغير ذلك وكل ذلك يتم خارج الإطار السليم، وخاصة البذار الذي يأتون به من خارج الأصناف التي اعتمدتها البحوث العلمية الزراعية، وبالتالي فإن إنتاج هذه المساحات المخالفة يباع اما بأسعار أقل من السعر التشجيعي، أي بالسعر العالمي الذي يبلغ نصف السعر تقريباً، أو يهرب من محافظة إلى أخرى، وكما حصل في تهريب الأقطان من محافظة الحسكة إلى محافظة الرقة.
حيث وصلت الغرامات المالية المترتبة على عمليات التهريب للأقطان المخالفة للخطة الزراعية خلال عام 2004 إلى /400/ مليون ليرة سورية، وبعد استجواب حوالي 150 شخصاً ممن سهلوا عمليات قطع المناشىء والتجار او الذين تم التسويق بأسمائهم لتكتسب عمليات المتاجرة الصفة القانونية لا تزال عمليات تهريب الأقطان مستمرة، فالأقطان المخالفة، كما أسلفنا، تباع بسعر السوق العالمي للقطن والذي لا يتجاوز 15 ليرة للكيلو غرام الواحد، بينما أسعار الأقطان المسوقة تصل إلى 30 ليرة للكيلو غرام، الأمر الذي يحقق بالمحصلة ثراء كبيراً للمتاجرين والسماسرة، إضافة إلى التسبب في خلط أصناف البذار المعتمدة والمخصصة لكل منطقة بما يتناسب مع بيئتها المناخية.
إن الأسعار التشجيعية للقطن تدفع المزارعين إلى الاهتمام بمحصولهم، ويأتي مهرجان القطن السنوي لتكريم الفائزين والمنتجين دافعاً للمنافسة في تحقيق أكبر إنتاج في وحدة المساحة، فإنتاج القطن يحتاج إلى ان تقوم الدولة بإعانة المزارعين وتقديم المساعدات لهم، فنظام المساعدات موجود عالمياً، ففي الولايات المتحدة يمنح مزارعو القطن إعانات تصل إلى أربعة بلايين دولار في السنة، وقد شهد إنتاج القطن في الولايات المتحدة عام 2004 نمواً زاد على 40٪ في السنوات الأخيرة، بينما تضاعف حجم صادراتها على الرغم من أن أسعار القطن انخفضت إلى مستويات قياسية خلال الفترة.
وتشير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى ان إعانات القطن في البلدان الصناعية ليست هي السبب الوحيد لانهيار أسعار القطن، ففي بعض البلدان النامية عاقبت السياسات المحلية منتجي القطن، كما ان التغيير التكنولوجي والمنافسة من جانب الألياف الصناعية كانت تدفع الأسعار العالمية للقطن إلى الأسفل على مدى السنوات الخمسين الماضية، لكن دراسة للفاو تبين ان إزالة جميع الدعم المحلي للسلعة على النطاق الدولي سترفع الأسعار العالمية للقطن لتصل إلى 11٪، وتقول المنظمة ان ذلك من شأنه ان يعجل في توسع صادرات الدول النامية بنسبة لا تقل عن 9٪ أو ربما بنسبة تصل إلى 38٪.
أوضحت إدارة بحوث القطن في وزارة الزراعة في تقرير لها حول واقع زراعة القطن في سورية ان أقطاناً متوسطة الفيلة تزرع، حيث شهدت زراعة القطن تطوراً ملحوظاً وأخذت معدلات الإنتاج تسجل ارتفاعاً واضحاً مع استقرارها سنوياً، ورغم الظروف البيئية المتباينة تزرع مساحة ما بين 225 - 250 ألف هكتار سنوياً، وتنتج حوالي مليون طن من القطن المحبوب، أو 335 ألف طن شعر بمردود وسطي /4086/ كغ قطن محبوب في الهكتار، فالمساحة المخططة زراعتها للعام 2006 هي /221583/ هكتاراً لإنتاج مخطط /881568/ طناً من القطن المحبوب وبمردود وسطي /3978/ كغ قطن في الهكتار، ولكن المساحة المزروعة بلغت /213704/ هـ بنسبة تنفيذ 96٪ من المساحة المخططة وفق تقديرات مديريات الزراعة، وكانت المساحة المزروعة فعلاً بالقطن لموسم 2006 /215641/ هكتاراً حسب العينة العشوائية.. وبهذا تحتل سورية المرتبة الثانية في إنتاجية وحدة المساحة بعد استراليا، إذ بلغ متوسط المردود في وحدة المساحة بين عامي 2001 - 2005 /4086/ كغ في الهكتار.
وتصدر سورية حوالي 45٪ من الإنتاج وتستهلك شركات الغزل المحلية حوالي 55٪.
إن الخطة السنوية لزراعة القطن تعتمد بالدرجة الأولى على توفر مياه الري المتعددة كالآبار ومشاريع ري حكومية وأنهار وبحيرات، ويشغل محصول القطن 20٪ من المساحة المروية للقطر، فمعظم المساحة المروية (40 - 60٪) تضخ من الآبار (ري بالراحة - ري بالتنقيط) أو من مشاريع الحكومة، و (15 - 30٪) من الأنهار، و (3 - 10٪) من البحيرات، ويسجل أفضل مردود في وحدة المساحة تحت نظام الري بالتنقيط، وقد أظهرت الدراسات الحديثة ان احتياجات القطن لمياه الري باستخدام تقانات الري الحديث قريبة من احتياجات القمح المروي.
أصناف القطن
يتوزع إنتاج القطن السوري على خمسة أصناف معتمد زراعتها في المحافظات المنتجة للقطن هي: حلب 118 - حلب 90 - حلب 33/1 - الرقة 5 - دير الزور 22، ولكل من هذه الأصناف ما يميزها عن غيره من حيث المردود والوزن والطول ووزن الجوزة والتماسك والنعومة وغيرها، كما ان هذه الأصناف تلائم بيئة المنطقة التي تزرع فيها.
وتقوم إدارة بحوث القطن بتحديد هذه الأصناف سنوياً عن طريق إنتاج نويات جديدة من الصنف التجاري المعتمد زراعته لها، مواصفاته القياسية نفسها، ومن ثم إكثارها لباقي المراحل الإكثارية (الأساس - المسجل - النقاوة - المولد).
كما تقوم إدارة بحوث القطن بإجراء أبحاث حول تربية نبات القطن وأخرى حول وقاية نبات القطن وتطوير المكافحة المتكاملة لآفاته الحشرية ومكننته آلياً وإجراء أبحاث حول الأقطان التجارية المتداولة وأخرى حول المعاملات الزراعية، وقد اتجهت مجموعة أبحاث حشرات القطن إحدى المجموعات البحثية في إدارة بحوث القطن إلى تطبيق المكافحة المتكاملة لآفات القطن الحشرية منذ عام 1986، حيث اتخذت التوصيات العلمية والفنية من خلال مؤتمرات القطن السنوية المتعاقبة لتطبيق قواعد الإدارة المتكاملة لآفات القطن الحشرية، وكان لهذه السياسة في إدارة آفات القطن الأثر الكبير في استقرار وضع التنوع الحيوي في النظام البيئي الزراعي للقطن، وازداد غنى حقول القطن في سورية بالعديد من المتطفلات والمفترسات، وانخفضت وبشكل واضح المساحات المكافحة بالمبيدات الكيماوية خلال السنوات الخمس الماضية، وارتفع معدل إنتاج وحدة المساحة إلى أكثر من /4/ أطنان في الهكتار، وتأتي مختبرات المكافحة المتكاملة الحيوية في جامعة حلب وفي دير الزور والحسكة تتويجاً لبرامج المكافحة بإدخال عنصر هام في المكافحة الحيوية لبيوض ويرقات وديدان الجوز باستخدام نوعين من المتطفلات، وقد وصلت المساحة المكافحة حيوياً هذا العام 2006 إلى /5165.5/ هـ باستخدام المتطفل البيضي (تريكوغراما) والمتطفل اليرقي (الهابروبراكون).
وضمن إطار إيجاد أصناف قطن عالية الإنتاج ومبكرة النضج ومتحملة لدرجات الحرارة المرتفعة ومقاومة لمرض الذبول الفيريتسيلومي وذات مواصفات إنتاجية وتكنولوجية جيدة، هناك سلالات مبشرة منها السلالة 53 (دير الزور 22* زيتا 2)، حيث تمت مقارنتها مع الصنف رقة 5 في عدة مواقع في محافظة الرقة وللأعوام 2002 - 2004 - 2005، فقد تفوقت من حيث المردود وتم الانتهاء أيضاً من اختبار هذه السلالة في حقول موسعة لدى المزارعين، وسوف يتم عرضها قريباً على اللجنة الوطنية لاعتماد الأصناف.
وضمن هذا الإطار تتابع إدارة بحوث القطن اختبار سلالتين مبشرتين بديلتين عن الصنف حلب 33 -1 المزروع حالياً في محافظتي حمص وحماة: السلالة حلب 57 (حلب 33 - 1* ايرما 1) والسلالة حلب 124 (حلب 33 -1 * cha).
وقد أبدت السلالتان تفوقهما في محطات البحوث وللمواسم 2003 - 2004 - 2005 ومن خلال تجارب الأصناف من حيث المواصفات الإنتاجية، وكانت متقاربة في المواصفات التكنولوجية مع الصنف حلب 33 - 1، تم نقل اختبار هاتين السلالتين من محطات البحوث إلى حقول موسعة لدى المزارعين لمقارنتها مع الصنف حلب 33 - 1.
وتوصلت إدارة بحوث القطن إلى سلالات من القطن الملون (البني - الأخضر - البني المخضر)، ويتم تحسين هذه السلالات من حيث الإنتاجية والمواصفات التكنولوجية، وقد ثبتت مواصفات القطن البني، وهناك جهود تبذل لتحصيل قيم مضافة لإنتاجنا الزراعي وبغية الوصول إلى منتج نظيف خال من مبيدات الآفات والأسمدة الكيميائية، فقد نشطت إدارة البحوث لتنفيذ تجربة موسعة لدى المزارعين بزراعة القطن العضوي على مساحة 377 هكتاراً والذي يمكن المزارع من الحصول على قيمة تفوق السعر الحالي بـ 30٪ من قيمة القطن التجاري المحبوب للرتبة نفسها والمواصفات التكنولوجية نفسها، وقد سجلت مساحات عديدة مقبول إنتاجها عضوياً من قبل منظمات زراعية دولية، وبدأ تسويق الأقطان العضوية مع بداية موسم 2006 لمحالج القطن العربي السوري، وبالتالي تكون سورية قد سجلت البلد السابع عشر في العالم كمنتج للأقطان العضوية بموجب شهادة دولية من الاتحاد الاوروبي لمراقبة إنتاج الأقطان العضوية.
محمود شبلي
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد