مشروع قانون النفط العراقي وتقسيم العراق

25-03-2007

مشروع قانون النفط العراقي وتقسيم العراق

الجمل:    تقوم عملية التكامل الاندماجي الوطني، على ترابط البنى الاقتصادية التحتية، بين مختلف أجزاء الدولة، ولكي تختل وتتفكك أي دولة، فإن الخطوة الحاسمة الأساسية تتمثل في تفكيك ترابط بنياتها التحتية.
وعلى هذه الخلفية، ظلت سلطات الاحتلال الأمريكي في العراق، على المستوى المعلن، تطرح باستمرار حرصها على صيانة تكامل العراق ووحدة أراضية، ولكن تحليل الأداء السلوكي الميداني يشير إلى الأسلوب غير المعلن، والذي يتمثل في اتباع سلطات الاحتلال الأمريكي استراتيجية تقسيم العراق، وفقاً للخطوات الآتية:
• تعزيز عملية الاستقطاب:
- طائفياً واثنياً: ركزت على دفع الكتلة السكانية العراقية إلى التخلي عن تمركزها الوطني والقومي العربي، والتوجه نحو التجمع والتمركز ضمن ثلاثة كتل فرعية، هي: الشيعة، السنة، الأكراد.
- جغرافياً: دفعت الوقائع والأحداث، والصراعات التي أدارتها في الخفاء أيادي البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي، إلى برمجة الحراك السكاني داخل العراق، بحيث يتمركز الشيعة في الجنوب، والسنة في الوسط، والأكراد في الشمال.
- سياسياً: دعمت سلطات الاحتلال عملية تسييس الكيانات الطائفية والاثنية العراقية، وذلك عن طريق دعم تكوين وتعزيز قوة الأحزاب الشيعية، والسنية، والكردية.
- إدارياً: هيأت سلطات الاحتلال الدستور العراقي والقوانين العراقية بحيث تلعب صيغة (الدستور الانتقالي) و(القوانين الانتقالية) من حالة الدولة  الوطنية الموحدة إلى الدولة الفيدرالية تمهيداً لقيام ثلاث مناطق فيدرالية: شيعية في الجنوب، سنية في الوسط، كردية في الشمال.
• آخر وأهم حلقات الانفصال والتقسيم:
خلال العام الحالي، عملت سلطات الاحتلال على ترسيخ مبدأ تقسيم الميزانية الوطنية العراقية إلى ثلاثة ميزانيات تختص كل واحدة منها بمنطقة فيدرالية، ولما كانت الميزانية –أي ميزانية- تتكون من إيرادات ونفقات (أي موارد والتزامات)، فقد قامت سلطات الاحتلال بتقسيم الموارد الوطنية العراقية على أساس اعتبارات المناطق الثلاث. ولما كان النفط يمثل الدخل الوطني الرئيسي في العراق، فإن قانون النفط، الذي تضغط إدارة بوش وحكومة المالكي على البرلمان العراقي من أجل تمريره والموافقة عليه، هو قانون يهدف إلى وضع الأساس الاقتصادي المتين لعملية تقسيم العراق، لأنه يؤدي إلى تحويل الموارد الوطنية من سيطرة الحكومة الوطنية إلى سيطرة المناطق الإقليمية الفيدرالية، بحيث يصبح كل إقليم مستقلاً بميزانيته واقتصاده، وبالتالي يتعزز استقلاله الإداري والسياسي بما يؤدي في نهاية الأمر إلى المطالبة بالاستقلال (السيادي).
نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز اللندنية تحت باب (تحليلات في العمق) تحليلاً عنوانه: (أكراد العراق يمضون وحدهم في صفقات النفط)، أعدته الخبيرة البريطانية في شؤون الشرق الأوسط كارولا هويوس.
وتقول الخطوط العامة للتقرير، الآتي:
- تخطط حكومة كردستان الإقليمية لزيادة عدد شركات النفط الأجنبية العاملة في كردستان إلى ثلاثة أضعاف (قبل حلول نهاية 2008 الحالي).. لاحظ الترابط بين مشروع مجلس النواب الأمريكي بالانسحاب وقرار حكومة كردستان.
- حكومة كردستان سوف تنفذ خطتها الرامية إلى وضع يدها واحتكار الموارد النفطية في شمال العراق، سوار وافق البرلمان العراقي على قانون النفط الجديد أو لم يوافق.
- رتبت حكومة كردستان تنظيمها الداخلي، وأصبح لها رئيس (البرزاني) وعلم مستقل بكردستان، ومجلس وزراء يضم العديد من الحقائب الوزارية، منها وزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة النفط التي يتولى مسؤوليتها أشتي هاورامي.
- تتفاوض حكومة كردستان ووزارة نفطها حالياً مع عدد من الشركات الأجنبية النفطية بهدف التعاقد معها للعمل في منطقة كردستان، وأشار (وزير نفط كردستان) إلى أن العقود قد اكتملت مع بعض الشركات وبقيت فقط عملية التوقيع النهائي رهن إجازة قانون النفط بواسطة البرلمان العراقي، وإذا لم تتم إجازة القانون فسوف يتم التوقيع عليها.. كذلك أشار وزير نفط كردستان إلى أن الشركات النفطية التي اكتملت الاتفاقيات معها وأصبحت جاهزة للتوقيع يبلغ عددها 15 شركة نفطية أجنبية، وهناك عشرة شركات أخرى يجري الاتفاق معها حالياً ويتوقع اكتمال المفاوضات معها في القريب العاجل.
- تخطط الحكومة الكردية لإنتاج 200 ألف برميل في اليوم خلال العام الحالي، وبعد ذلك سوف تباشر خطتها الجديدة الهادفة إلى إنتاج مليون برميل في اليوم.
- التقديرات المبدئية تشير إلى وجود مخزونات نفطية في منطقة كردستان يبلغ حجمها 25 مليار برميل، إضافة إلى وجود مخزونات أخرى تبلغ 20 مليار برميل في المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والعرب.
وعموماً نقول: برغم جهود حكومة كردستان الهادفة إلى السيطرة على نفط الإقليم، فإن هناك مشكلة تواجه هذا الأمر، تتمثل في كيفية إيجاد المخرج المناسب لتمرير خطوط أنابيب نقل النفط، وأبرز الحلول المطروحة لذلك تتمثل في الآتي:
- تمديد الأنابيب عبر الأراضي التركية: وهو أمر يتطلب الاتفاق مع الحكومة التركية، والتي لن تقبل أي اتفاق مع حكومة كردستان، إلا وفق شروط تتضمن تصفية وجود حزب العمال الكردستاني، وتعهد الأكراد بالالتزام ضمن العراق الموحد، وعدم السعي للانفصال، كذلك سوف تحاول الحكومة التركية فرض المزيد من الرسوم على صادرات النفط الكردية، وأيضاً فرض الرقابة على استخدامات عائدات النفط بحث لا يتم استغلالها في الأغراض العسكرية التي يمكن أن تؤدي إلى بناء جيش كردي قوي يهدد جنوب تركيا في المستقبل.
- تمديد الأنابيب عن طريق الأردن وإسرائيل: وضع الإسرائيليون مخططاً أطلقوا عليه تسمية (عملية شيخينا)، ويهدف إلى تمديد خطين للأنابيب من كردستان، الأول من الموصل، والثاني من كركوك، بحيث يلتقي الخطان في منطقة الرمادي، ثم يمتد بمحاذاة الحدود السورية من الجانب العراق، ليدخل الأراضي الأردنية، ويعبر منطقة غور الأردن إلى إسرائيل حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهذا المخطط تؤيده الحكومة الأمريكية والشركات الأمريكية، وقد حاولت القوات الأمريكية التمهيد لتأمين نجاح تنفيذ هذا المخطط عن طريق الحملات العسكرية المكثفة التي استهدفت منطقة (الرمادي) في العام السابق، وذلك بهدف تصفية الحركات السنية الموجودة فيها ودفع سكانها إلى الرحيل وترك المنطقة، ولكن بسبب عدم نجاح الحملات العسكرية الأمريكية في تفريغ المنطقة وتطهيرها من السكان، أصبحت فكرة تمديد خط الأنابيب لإسرائيل عبر هذه المنطقة غير ممكنة التنفيذ بسبب معارضة السكان المحليين وزعماء العشائر العربية.
- تمديد خط الأنابيب عبر الأراضي العراقية الى منطقة شط العرب: وهو ما تحاول حكومة كردستان أن تتفاداه، لأنه يؤدي إلى تعزيز التكامل الاندماجي الوطني العراقي، ويجعل انفصال الإقليم أمراً في غاية الصعوبة، إضافة إلى تخوف الأكراد من احتمال أن تبرز حكومة عربية وطنية عراقية توحد العراق، وتعيد سيطرة الدولة الوطنية على الموارد العراقية، ويبقى المخرج الوحيد هو الاتفاق مع سورية لتصدير نفط كردستان عبر المتوسط وهذا ما لن توافق عليه أمريكا وإسرائيل..

الجمل: قسم الدراسات والترجمة


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...