مصر: الانتخابات المبكرة تربك المعارضة وتغضب الأقباط
طالبت المعارضة بانتخابات رئاسية مبكرة فبكّر الرئيس محمد مرسي موعد الانتخابات البرلمانية... هكذا تندّر أحد المصريين على القرار الذي أصدره الرئيس المصري في وقت متأخر من ليل أمس الأول، وحدد السابع والعشرين من نيسان المقبل موعداً لانطلاق أولى جولات الانتخابات التشريعية التي ستجري على أربع مراحل.
قرار مرسي بتبكير الانتخابات البرلمانية تجاهل المطالب بتحقيق توافق وطني على القانون المنظم لها وضوابطها، لكنه لم يكن مفاجئاً لكثيرين، خاصة أولئك الذين فقدوا الأمل في أن تتخذ جماعة «الإخوان المسلمين» خطوات جدية للتقارب مع المعارضة والتخلص من الاستحواذية والاستبداد بالقرار وإدارة البلاد.
لكن قرار مرسي صنع شرخاً داخل «جبهة الإنقاذ»، الوعاء الأكبر للمعارضة المدنية. وبالرغم من أن «التيار الشعبي» الذي يتزعمه المرشح الرئاسي الناصري السابق حمدين صباحي، وهو الطرف البارز في «الجبهة»، قد استبق قرار مرسي، وأعلن عن عدم مشاركته في الانتخابات، إلا أن رئيس «الحزب المصري الديموقراطي» محمد أبو الغار - العضو في الجبهة أيضاً - ألمح إلى إمكانية خوض حزبه الانتخابات مبرراً ذلك بـ«عدم إضعاف المعارضة في الشارع»، ومطالباً بأن يحارب الجميع من أجل تحقيق الشروط التي تضمن نزاهة الانتخابات، علماً أن «الحزب المصري الديموقراطي» فاز بنحو 16 مقعداً (3 في المئة) في أول انتخابات برلمانية بعد الثورة.
أما رئيس «حزب المصريين الأحرار» أحمد سعيد فعقب على قرار مرسي بالقول إن «الإخوان سيخوضون الانتخابات بمفردهم»، واصفاً القرار ببدء الانتخابات بالمتعجل والمريب في ظل مناخ سياسي محتقن لا يمكن أن تجري فيه انتخابات نزيهة، بينما غرّد رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي على «تويتر» معلقاً على قرار مرسي بالقول إن «محاولة إجراء الانتخابات قبل التوصل الى توافق وطني أمر غير مسؤول وسيزيد الوضع اشتعالاً».
وبرغم التعليقات السريعة الصادرة عن رموز المعارضة، إلا أن «جبهة الإنقاذ» لم تصدر أي بيان تعليقاً على قرار مرسي، وهو أمر فسره المتحدث باسم «الجبهة» حسين عبد الغني بالقول إن موقف «جبهة الإنقاذ» معلن مسبقاً، وهو أنها لن تخوض أي انتخابات من دون وجود ضمانات لنزاهة الاقتراع والاستجابة لمطالبها، خصوصاً تشكيل حكومة محايدة ولجنة لتعديل الدستور.
لكن عبد الغني ألمح إلى احتمال أن تقرر بعض الأحزاب المنضوية في «جبهة الإنقاذ» أن تخوض الانتخابات منفردة تبعاً لتقديرها الخاص للموقف السياسي، مشيراً في ذلك إلى موقف «الحزب المصري الديموقراطي».
وأوضح عبد الغني أن ذلك لا يعني انقسام «جبهة الإنقاذ» لأنها في الأساس تضم قوى متباينة في الأفكار والمنابع السياسية والثورية، ومن الطبيعي أن يكون هناك اختلاف.
وأشار عبد الغني إلى أن «جبهة الإنقاذ» ستعقد اجتماعاً خلال الأيام القليلة المقبلة لمناقشة المستجدات في هذا الشأن.
وتضم «جبهة الإنقاذ» إلى جانب «حزب المصريين الأحرار» و«الحزب المصري الديموقراطي»، «حزب الوفد الليبرالي» العريق الذي أعلن أكثر من مرة التزامه بموقف «الجبهة»، و«حزب الدستور» الذي ستشكل الانتخابات أول اختبار حقيقي لشعبيته في حال قرر خوضها، و«التيار الشعبي» الذي حل رئيسه حمدين صباحي ثالثاً في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الماضية بعدما جمع 4,2 ملايين صوت.
ويرى المراقبون أن بإمكان «جبهة الإنقاذ» أن تحصد مجتمعة ما بين 100 و150 مقعداً، بما يمثل نحو 20 إلى 30 في المئة من إجمالي عدد المقاعد البالغة 504 مقاعد.
أما «حزب النور» السلفي، الذي فاز بنحو مئة مقعد في الانتخابات الماضية، وبرغم استمرار خلافه العلني مع «الإخوان» في طريقة إدارة البلاد، فبدا على عكس «جبهة الإنقاذ»، حاسماً قراره بخوض الانتخابات، بل والمنافسة على كل المقاعد البرلمانية.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لـ«حزب النور» في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) عبدالله بدران، قال لـ«السفير» إن «وجهة نظر الحزب هي أن قرار الانتخابات كان بحاجة إلى التمهل لتهدئة الساحة السياسية، وإزالة الاحتقانات، وترك مساحة للتشاور والحوار، وأن هذا كان أحد دوافع الحزب عندما قدم مبادرته التي تقضي بإبعاد النائب العام عن منصبه، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، لكن مؤسسة الرئاسة لم تتعامل بجدية مع ذلك الأمر».
ولفت القيادي السلفي إلى إمكانية التنسيق مع بعض القوى ذات المرجعية الإسلامية في بعض الدوائر، مستبعداً أن يتم ذلك مع «الإخوان».
واعتبر بدران أن قرار «جبهة الإنقاذ» خاطئ، وستكون له تداعيات سيئة على الجميع، مشدداً على أن «الجهة التي تقاطع هي الخاسرة دوماً، لأنها تفتح الباب أمام تيار واحد للانفراد بالقرار».
ولفت إلى أن «حزب النور» سيواصل جهوده من أجل تقريب وجهات النظر بين المعارضة و«الإخوان»، ودفع «جبهة الإنقاذ» لخوض الانتخابات، وهو ما أكده الأمين العام لـ«حزب النور» جلال المرة الذي قال إن «الحزب لن يتراجع عن خوض الانتخابات تحت أي ظرف، لأن حزب النور يعتبر الانتخابات أمانة يجب المشاركة فيها للوقوف إلى جانب الشعب»، مؤكداً أن الحزب ما زال يسعى «لتهيئة كل الأجواء لكي تكون هناك انتخابات نزيهة وشفافة وتشارك فيها جميع الأطراف».
وأثار تحديد موعد السابع والعشرين من نيسان موعداً للانتخابات غضباً بين صفوف الأقباط ـ تقدر أعدادهم غير الرسمية بنحو 10 ملايين مواطن ـ كون الموعد يتزامن مع أسبوع الآلام وعيد القيامة للأقباط الأرثوذكس، وهو ما اعتبره الأقباط يحمل إهانة مبطنة لهم، وتجاهلاً أو جهلاً بأعيادهم الدينية، وعدم اكتراث من النظام الإسلامي الحاكم في مصر بهم.
الكنيسة الأرثوذكسية التزمت الصمت، ولم يصدر عنها أي بيان مرحب أو معارض، وهو منهج يلتزم به البابا تواضروس الثاني منذ انتخابه قبل أربعة أشهر بعدم الخوض في الأمور السياسية إلا نادراً.
ومساء، ذكر مصدر مطلع ان مرسي يفكر في تأجيل الانتخابات لتجنب هذا الاحراج.
محمد هشام عبيه
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد