مصر: عودة «التكفير»
يبدو أن أخبار «تكفير» المفكرين ستكون مادة أساسية خلال الأيام المقبلة في القاهرة، ولكنها فى الجانب الآخر لم تعد تدهش أحداً أو تستوقفه.
أمس، أضاف مجمع البحوث الإسلامية الذي يرأسه شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى قائمة من تم تكفيرهم اثنين: الأول، مفكر شهير هو الدكتور حسن حنفي، والثاني مدرّس في إحدى المدارس الابتدائية الأزهرية.
قرر مجمع البحوث الإسلامية اعتبار حسن حنفي، أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة، خارجاً عن الدين الإسلامي، وأمر بمصادرة كتبه. وشدد المجلس، خلال جلسة عقدها برئاسة الشيخ احمد الطيب، على رفض مؤلفات حنفي، التي «تنكر وجود الله وحقيقة القرآن»، مستنكراً مطالبته بحذف كلمة «الله» من كل الكتب.
أما المدرّس الأزهـــري فقـــد نشر كتابا اتهـــم الأديـــان بأنها تؤخر عجلة الزمن، مشيراً إلى انه لا يجوز التمسك بها في عصر العلمنة. وقد اعتـــبر المجمع أن هذا الرأي مسيء للأديان، وأن صاحبه «مارق».
وفي الجلسة ذاتها، رفض المجمع الصلاة على سجادة صلاة «إلكترونية» لتعيلم الأطفال الصلاة، معتبراً أن ذلك «استهزاء» بالدين.
قد لا يلقى الأستاذ الأزهري، صاحب الكتاب الذي لم يذكر بيان المجمع اسمه أو عنوانه حتى، اهتماماً مماثلا لما قد يلقاه الدكتور حسن حنفي (المولود في العام 1935)، والذي رفض التعليق على قرار المجمع، إذ اكتفى صاحب كتاب «من العقيدة إلى الثورة» بالقول إن «هذه ليست المرّة الأولى التي أتعرض فيها للتكفير، فقد سبق تكفيري أربع مرات من قبل، لذا فالصمت هو أبلغ رد على هذه المحاولات»، معتبراً أنه «من الأفضل أن أبقى بعيدا عن تلك الضجة، فأنا أفضل النقاش العلمي داخل أروقة الجامعة وقاعات الدرس».
ويشير حنفي إلى أن كتاباته التي أثير النقاش حولها في المجمع قد صدرت منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
الغريب أن قضية حنفي متداولة فى مجمع البحوث الإسلامية منذ سنوات طويلة، وكان عضو المجمع الدكتور عبد المعطي بيومي يوقف المناقشة بشأنها، ولكن مع رحيل الأخير، يبدو أن المجمع قد بحث في أوراقه القديمة ليخرج هذه القضية، ربما لتأكيد حمايته للدين وحرصه عليها أكثر من الجماعات السلفية و«الإخوان المسلمين».
وكان حنفي قد تعرض في العام 1997 للتكفير بعد بيان أصدرته «جبهة علماء الأزهر» (تم حلها) رداً على محاضرة ألقاها في جامعة الأزهر عن الشيخ محمود شلتوت.
وفي العام التالي تعرض للتكفير أيضا بسبب ما اعتبر هجوما على المذهب الأشعري.
وفي العام 2006 شن الداعية عبد الصبور شاهين هجوماً شديداً على حنفي بسبب محاضرة ألقاها في الإسكندرية وقال فيها إنّ من «حق العالم تأويل القرآن». والغريب أن شاهين هو الذي قاد الهجوم الشديد على نصر أبو زيد من قبل، وتم تكفيره هو أيضا من قبل مَن هم أكثر تعصباً بسبب كتابه «أبي آدم».
والمدهش أن الهجوم على حنفي امتد ليشمل المثقفين الذين اعتبروا أنه يحاول التلفيق بين الإسلام والحداثة، واعتبروه «الوارث الأكبر لازدواجية العقل العربي» بحسب تعبير جورج طرابيشي.
الهجوم من قبل الجميع اعتبره حنفي «مزحة»، إذ ان «الإخوان المسلمين» يعتبرونه «شيوعيا»، بينما يعتبره الشيوعيون «إخوانيا»، في حين أنه يتصور أن ملفه الأمني يحمل عنوان: «إخواني شيوعي»، وربما لهذا يسميه كثيرون «المفكر الزئبقي». «لا يعرفون كيف يصنفونني»، قال حنفي في إحدى الندوات منذ سنوات.
المدهش أن آخر مقالات حسن حنفي كانت دفاعا عن هيبة محمد مرسي، إذ اعتبر ان «قيمة الوطن من هيبة الرئيس طبقاً لعبارة ديغول الشهيرة أنا الدولة أو أنا فرنسا. وقد استمدت أوطان العالم الثالث قيمتها من هيبة رؤسائها ناصر، نكروما، كينياتا، مانديلا، نهرو، تيتو... الخ. وكلهم موضع احترام أوطانهم في الداخل والخارج. فاحترام الرئيس مستمد من احترام الوطن. واحترام الوطن يهب الرئيس احترامه. بل إن احترام الذات لا يكتمل إلا باحترام الرئيس. فكيف يمكن احترام الذات في وطن رمزه لا احترام له؟».
محمد شعير
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد